النزاع التجاري يعيد خفض الفائدة إلى الواجهة

  • 8/9/2019
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

تفاعلت الأسواق المالية سلباً تجاه خفض أسعار الفائدة بعد الإعلان عن اعتراض عضوين من أعضاء اللجنة الفدرالية للسوق المفتوحة على تلك الخطوة وتصويتهم ضدها. قال تقرير صادر عن بنك الكويت الوطني، إنه بعد التعافي الذي شهدته خلال شهر يونيو الماضي، واصلت الأسهم العالمية نموها باطراد في يوليو، على خلفية نمو الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة في الربع الثاني من العام بمعدلات فاقت إجماع التوقعات بالإضافة إلى الترقب المستمر بشأن قيام البنوك المركزية الرئيسية بتيسير السياسات النقدية، الذي تحقق فعلاً بالنسبة للاحتياطي الفدرالي. ووفق التقرير، هبطت عائدات السندات المعيارية عموماً، وهو ما تسارعت وتيرته بحدة في أوائل أغسطس بعد أن أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب فرض رسوم جمركية إضافية على الواردات الصينية بشكل مفاجئ اعتباراً من سبتمبر، ثم أعقب ذلك قيام الولايات المتحدة بتصنيف الصين بأنها "دولة متلاعبة بالعملة" منهية بذلك هدنة الحرب التجارية الأخيرة، بما قد يلقي بثقله على نمو الاقتصاد العالمي. في التفاصيل، أدى هذا الوضع أيضاً إلى إلقاء المزيد من الضغوط على أسعار النفط، إذ انخفض سعر مزيج خام برنت بنسبة 11 في المئة مقارنة بأعلى مستوياته المسجلة في منتصف يوليو متراجعاً دون مستوى 60 دولاراً للبرميل في أوائل أغسطس على الرغم من مبالغة الدول المشاركة في التزامها باتفاقية "أوبك" لخفض الإنتاج. الفدرالي يخفض الفائدة وخفض الاحتياطي الفدرالي أسعار الفائدة في يوليو وذلك للمرة الأولى منذ الأزمة المالية العالمية، إذ قام بخفض النطاق المستهدف لأسعار الفائدة على الأموال الفدرالية بمقدار 25 نقطة أساس لتتراوح ما بين 2.00 و 2.25 في المئة. وتأتي تلك الخطوة ضمن الإجراءات الاحترازية في ظل المخاطر التي يتعرض لها الاقتصاد العالمي، بما في ذلك تباطؤ التجارة العالمية وتراجع معدل التضخم دون المستوى المستهدف إذ بلغ 1.6 في المئة على أساس سنوي في يونيو وفقاً لمؤشر الإنفاق الاستهلاكي الشخصي الأساسي. وتفاعلت الأسواق المالية سلباً تجاه خفض أسعار الفائدة بعد الإعلان عن اعتراض عضوين من أعضاء اللجنة الفدرالية للسوق المفتوحة على تلك الخطوة وتصويتهم ضدها، ثم صدور تعليقات عن رئيس الاحتياطي الفدرالي جيروم باول بأن تلك الخطوة كانت "تعديل منتصف الدورة" وليست بداية لدورة موسعة من تيسير السياسات النقدية. ويأتي ذلك في حين يواصل الرئيس ترامب الضغط على الاحتياطي الفدرالي لاتخاذ خطوات من شأنها تعزيز النمو قائلاً، إن باول "خذلنا" بتجنب خفض أسعار الفائدة بمعدل أعلى في يوليو. وجاءت الأخبار المتعلقة برفع الرسوم الجمركية الأميركية على الصين أخيراً لتساهم في تعزيز التوجه نحو المزيد من خفض أسعار الفائدة وإعادتها مرة أخرى إلى الواجهة، مما انعكس على تسعير أسواق العقود الآجلة وفق إمكانية تطبيق تلك الخطوة في اجتماع مجلس الاحتياطي الفدرالي المقبل في سبتمبر إلى 100 في المئة. منطقة اليورو ويواصل ضعف الطلب العالمي الضغط على اقتصاد منطقة اليورو وتعزيز المخاوف المتعلقة بالنمو. إذ تباطأ نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى 0.2 في المئة على أساس ربع سنوي في الربع الثاني مقابل 0.4 في المئة بالربع الأول وسط مخاوف متعلقة بإمكان اتجاه الاقتصاد الألماني "لم تصدر الأرقام بعد" نحو الركود. وانخفض مؤشر مديري المشتريات لقطاع التصنيع الألماني إلى أدنى مستوياته منذ سبعة أعوام، ليصل إلى مستوى 43.1 نقطة فقط في يوليو على خلفية تراجع طلبيات التصدير. وعلى الرغم من إظهار قطاع الخدمات مرونته نسبياً، فإن ضعف أداء القطاع الصناعي قد يتفشى في قطاعات أخرى من الاقتصاد بما يناقض الآمال السابقة بتحقيق انتعاش اقتصادي في النصف الثاني من عام 2019. إضافة إلى ذلك، تباطأ نمو الناتج المحلي الإجمالي أيضاً بدول منطقة اليورو الأخرى بما في ذلك إسبانيا "0.5 في المئة" وفرنسا "0.2 في المئة" وإيطاليا "0.0 في المئة"، وكان النمو الذي حققته تلك الأخيرة إيجابياً في ربع واحد فقط من أصل الفترات ربع السنوية الخمس الماضية. في المقابل، لا يزال سوق العمل في منطقة اليورو قوياً، إذ انخفض معدل البطالة إلى أدنى مستوياته منذ 11 عاماً وصولاً إلى 7.5 في المئة في يونيو، لكن وتيرة التراجع كانت الأدنى منذ أكتوبر بما يشير إلى إمكانية تزايد التداعيات الناتجة عن ضعف النمو الاقتصادي. وأبقى البنك المركزي الأوروبي على سياسته النقدية دون تغيير في يوليو كما كان متوقعاً لكنه أشار إلى إمكانية الاتجاه نحو ادخال المزيد من الإجراءات التيسيرية في المستقبل في محاولة لمعالجة التباطؤ الاقتصادي واستمرار الضعف في مستوى التضخم. وذكر البنك في تعليقاته أن أسعار الفائدة ستبقى "عند مستوياتها الحالية أو أدنى من ذلك" حتى منتصف عام 2020 على الأقل بما يعني إمكانية خفض سعر الفائدة على الودائع من مستواها الحالي البالغ -0.4 في المئة في الاجتماع المقبل المقرر عقده في سبتمبر، بينما قد تتم أيضاً العودة إلى تطبيق برنامج شراء الأصول. وعلى صعيد المملكة المتحدة، تم انتخاب وزير الخارجية السابق وعمدة لندن بوريس جونسون لزعامة حزب المحافظين ومنصب رئيس الوزراء كما كان متوقعاً، وكان قد تعهد بانفصال المملكة المتحدة عن الاتحاد الأوروبي بنهاية أكتوبر "مهما كلف الأمر" حتى إذا استدعت الظروف الانفصال دون التوصل إلى اتفاق في ظل رفض مجلس العموم الصفقة التي أسفرت عنها مفاوضات رئيسة الوزراء السابقة تيريزا ماي مع الاتحاد الأوروبي ثلاث مرات. ووضع جونسون إزالة بند "الدعم الأيرلندي" كشرط سابق لإجراء محادثات جديدة، وهو ما يرفضه الاتحاد الأوروبي حتى الآن. وتبقى الخيارات المتاحة أمام جونسون محدودة بسبب عدم استقرار التوازنات البرلمانية نتيجة للجماعات الرافضة لسياساته داخل أروقه حزبه، وهو ما قد يؤدي في نهاية المطاف إسقاط الحكومة وفرض إجراء انتخابات عامة. وتزيد حالة عدم اليقين حول انفصال المملكة المتحدة من الضغوط التي يتعرض لها الجنيه الإسترليني إذ تراجع في يوليو بنسبة 4 في المئة أمام الدولار الأميركي وصولاً إلى أدنى مستوياته المسجلة منذ أكثر من عامين، في حين قد يبقى معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي ثابتاً في الربع الثاني من عام 2019. الاقتصاد الصيني تباطأ نمو الاقتصاد الصيني من 6.4 في المئة على أساس سنوي في الربع الأول من عام 2019 إلى أدنى مستوياته على مدار 27 عاماً مسجلاً 6.2 في المئة في الربع الثاني من عام 2019 وذلك على خلفية ضعف الطلب المحلي والخارجي. وساهم نمو الإنتاج الصناعي بمعدلات أفضل من المتوقع "6.3 في المئة على أساس سنوي" وارتفاع مبيعات التجزئة "9.8 في المئة" في شهر يونيو في التخفيف من حدة الأوضاع إلى حد ما بما يعكس توافر بعض جوانب القوة في الاقتصاد الصيني، وقد يأتي ذلك التحسن بدعم من التدابير المواتية للنمو التي تم وضعها في الشهريين الماضيين. أسواق النفط تعرضت أسعار النفط لمزيد من الضغوط مرة أخرى في ظل المخاوف المتعلقة بنمو الاقتصاد العالمي نتيجة لتدهور العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة والصين. وانخفض سعر مزيج خام برنت بنسبة 2.1 في المئة في يوليو وصولاً إلى 65.2 دولاراً للبرميل، ثم سجل المزيد من التراجع بنسبة 8 في المئة متراجعاً دون مستوى 60 دولاراً للبرميل في أوائل أغسطس وذلك على خلفية تصاعد التوترات التجارية. وسيطرت المخاوف حول أداء الاقتصاديات الرئيسية على معنويات السوق خلال الأسابيع الأخيرة، و طغت على بعض الانباء الايجابية. ففي الولايات المتحدة، أعلنت إدارة معلومات الطاقة الأميركية الأسبوع الماضي عن تراجع المخزونات التجارية والتي انخفضت للأسبوع السادس على التوالي كما في 26 يوليو، في إشارة إلى انشغال المصافي بتلبية تنامي الطلب على المنتجات البترولية كالعادة خلال موسم الصيف. القطاع الخاص الخليجي اتبعت معظم البنوك المركزية في دول مجلس التعاون الخليجي خطى الاحتياطي الفدرالي في خفض أسعار الفائدة القياسية بمقدار 25 نقطة أساس، لكن الكويت اختارت الإبقاء على سعر الفائدة دون تغيير، وهو ما من شأنه أن يساعد في دعم النمو الاقتصادي غير النفطي في المنطقة، الذي سجل تراجعاً هامشياً وفقاً لأحدث البيانات الصادرة عن مؤشرات مديري المشتريات في السعودية والإمارات عن شهر يوليو. وانخفضت مستويات مؤشر مديري المشتريات إلى أدنى مستوياتها في أربعة إلى خمسة أشهر في السعودية والإمارات «56.6 و55.1 على التوالي» ويأتي ذلك نتيجة تراجع نمو الإنتاج والطلبيات الجديدة. وفي الوقت نفسه، سجلت الميزانية السعودية عجز بلغ 34 مليار ريال سعودي، أو ما يعادل 4.7 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في الربع الثاني من عام 2019 مقابل تسجيل فائض قدره 28 مليار ريال سعودي في الربع الأول من عام 2019 وتضاعفت النفقات الرأسمالية بأكثر من الضعف مع زيادة إنفاق المملكة على البنية التحتية. وأخيراً، جاءت أنباء تأخير سلطنة عمان تطبيق ضريبة القيمة المضافة حتى عام 2021 في خطوة لا يتوقع أن تنظر لها وكالات التصنيف الائتماني بشكل إيجابي وذلك بسبب ضعف الأوضاع المالية للسلطنة إلا أن الحكومة نفت هذا الخبر لاحقاً. ولكن لم يمنع هذا الدولة أخيراً من إصدار سندات بقيمة 3 مليارات دولار بنجاح بمعدل فائدة مقبول بلغ 4.95 في المئة «5.5 سنوات» و 6.0 في المئة «10 سنوات».

مشاركة :