يوسف الشاهد يحرك ملف الجهاز السري لحركة النهضة

  • 8/9/2019
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

حرّك رئيس الحكومة التونسية يوسف الشاهد ملف الجهاز السري لحركة النهضة في خطوة بدت وكأنها ردّ على عدم دعم الحركة له في الانتخابات الرئاسية واختيارها لمرشح من داخلها، وذلك بسبب تغاضيه عن الملف خلال الأشهر الماضية، رغم الجدل الذي أثاره والتحرّكات السياسية التي أعقبته والتي دعمها الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي. وداهمت قوات الأمن مساء الثلاثاء وصباح الأربعاء منزل القيادي في حركة النهضة عبدالعزيز الدغسني بحسب ما نشر القيادي في الحركة نورالدين البحيري على صفحته بموقع فيسبوك.وقال البحيري “ما حصل الثلاثاء من ترويع لعائلة الأخ عبدالعزيز الدغسني رئيس مجلس الشورى الجهوي في بن عروس، ومحاولة الدخول إلى محلّ سكنى العائلة في غيابها وتكرار المحاولة صبيحة الأربعاء من طرف إحدى الفرق الأمنية دون سابق إعلام ولا إذن قضائي، وفِي غياب أيّ مبرّر أو سند أمر مرفوض قانونا وأخلاقا واعتداء مشبوه لا مبرّر له يحتاج لتوضيح ورد اعتبار في أقرب وقت”. وعلّق الناشط السياسي والإعلامي برهان بسيس على الحادثة بالقول “المداهمة “تطور لافت في التعاطي الرسمي مع ما يعرف بملف الجهاز السري”، معتبرا أن “الدلالات والتوقيت يؤشران لمرحلة من المتغيّرات النوعية في المشهد والتحالفات على ضوء حسابات الاستحقاق الانتخابي”. ولم تحرّك الحكومة ساكنا طيلة الفترة الماضية رغم الصدمة التي أثارتها هيئة الدفاع عن المعارضين شكري بلعيد ومحمد البراهمي اللذين جرى اغتيالهما سنة 2013. وسبق للرئيس الراحل الباجي قائد السبسي أن أعلن في مارس الماضي انشغاله بمتابعة القضية، وذلك عقب زيارة وفد برلماني له في قصر قرطاج لاطّلاعه على تفاصيل شكاية تقدّموا بها في الغرض. وكان 43 عضوا بمجلس نواب الشعب (البرلمان)، قاموا في 6 مارس الماضي بإيداع شكوى بمكتب الضبط بالمحكمة الابتدائية بالعاصمة، ضد 6 من القيادات الأمنية واثنين من قياديي حركة النهضة، وفق ما صرّح به حينئذ الأمين العام لحزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد زياد لخضر. وأوضح أنّ “الشخصين المعنيين من حركة النهضة هما رضا الباروني وعبدالعزيز الدغسني، اللذين وردت أسماؤهما في قضية الجهاز السري التي أثارتها لجنة الدفاع عن الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي”، مضيفا أنّ النواب الذين تقدّموا بالشكاية ينتمون إلى كتل الجبهة الشعبية والولاء للوطن ونداء تونس وحركة مشروع تونس. وكانت إيمان قزارة عضو هيئة الدفاع عن بلعيد والبراهمي كشفت قبل ذلك أن العديد من الوثائق المخبأة بالغرفة السوداء كانت تقرأ وتتلف بالحرق، وقد تمّت سرقة آلة الحرق “حماية لعبدالعزيز الدغسني الذي تربطه علاقة براشد الغنوشي رئيس حزب حركة النهضة”. وقالت أرملة المعارض محمد البراهمي مباركة عواينية إنّ “مداهمة منزل عبدالعزيز الدغسني أحد قيادات التنظيم السري للإخوان المسلمين بتونس هي حركة بهلوانية لا معنى لها سوى استفزاز منافس الشاهد في الرئاسية”، في إشارة إلى عبدالفتاح مورو مرشح حركة النهضة. ولم يعلن الشاهد ترشحه بعد للانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها منتصف سبتمبر القادم، لكن قيادات من حزبه “تحيا تونس” أكدوا نيته للترشح. وتساءلت عواينية “منذ متى اهتم يوسف الشاهد بكشف العصابات التي نفّذت الاغتيالات السياسية بالبلاد؟ ومنذ متى اهتم يوسف الشاهد بالكشف عن شبكات التسفير إلى سوريا أو بالتنسيق الأمني مع الدولة السورية حفاظا على الأمن الوطني؟ّ”. وتابعت “لذلك نحن لا تعنينا هذه البهلوانيات، فحقيقة التنظيم السري والاغتيالات وشبكات التسفير أدلّتها على قارعة الطريق، الحقيقة تحتاج فقط لرجال وطنيين”. ويتهم يوسف الشاهد بالتحالف مع حركة النهضة منذ مطلع العام الماضي عندما تصاعدت دعوات من عدة أحزاب ومنظمات، ومن بينها حزب نداء تونس الذي كان الشاهد ينتمي إليه، بضرورة إقالة الحكومة.وقفت حركة النهضة في وجه تلك الدعوات ومنعت إقالة حكومة الشاهد الذي قام في ما بعد بتشكيل كتلة برلمانية داعمة له يتكون أغلبها من منشقين من حزب نداء تونس أطلق عليها كتلة الائتلاف الوطني، وهو ما منع إسقاط الحكومة من داخل البرلمان بالتحالف مع كتلة حركة النهضة. ونجحت حكومة الشاهد في سبتمبر الماضي في نيل ثقة البرلمان من جديد. ومنذ ذلك الوقت تزايد الحديث عن تحالف بين يوسف الشاهد وحركة النهضة خاصة بعدما أعلن الباجي قائد السبسي فك التوافق مع الحركة. وذهب بعض المحللين إلى أن الشاهد سيكون مرشح الحركة في الانتخابات الرئاسية القادمة باعتباره بات الحليف الجديد لها، مستندين في ذلك على السماح له بالبقاء على رأس الحكومة رغم عدم تعهده بعدم الترشح للانتخابات، وهو ما يفتح له الأبواب لاستغلال مؤسسات الدولة في حملته الانتخابية. وتزايدت حدّة تلك التوقعات عندما قام الشاهد والمحيطون به بتشكيل حزب “تحيا تونس” الذي قال كثيرون إنه أعدّ ليكون بديلا لحركة نداء تونس في إطار سياسة التوافق التي دأبت النهضة على توخّيها منذ وصولها إلى السلطة نهاية العام 2011. لكن ترشيح الحركة لمرشح من داخلها يشير إلى تراجع النهضة عن تحالفها مع الشاهد، وهو ما يبدو أنه أثار غضبه ما دفعه لاستفزازها عن طريق ملف الجهاز السري الذي سيؤثر تحريكه بشكل أو بآخر على حظوظ النهضة في الانتخابات الرئاسية والتشريعية المقبلة ويضيّق الخناق عليها، ما من شأنه مفاقمة أزماتها ولعلّ أبرزها الخلافات الداخلية التي توشك أن تعصف بها.

مشاركة :