هاجس شراء خروف يبدد سعادة عيد الأضحى عند الأسر المغربية

  • 8/9/2019
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

صار في المغرب شراء خروف قبل أيام من عيد الأضحى هاجسا مقلقا للكثير من الأسر، وذلك لأن معظم سكان المدن يعيشون في شقق لا تتسع لاستقبال هذا الضيف لعدة أيام. وفي حال كانت الشقق كبيرة وواسعة، فإن أصحابها يتضايقون من رائحة الخروف وصوته، لذلك يضطرون إلى تركه في الشرفة مما يزعج بقية جيرانهم لاسيما ليلا، وهو ما يدفع أغلب الأشخاص إلى شراء الأضحية وتركها عند البائع لقاء مبلغ مالي إضافي. ودفع هذا الإجراء الجديد البائعين إلى وضع رقم خاص في أذن كل خروف يباع مع تسجيل هذا الرقم في سجل خاص إلى جانب عنوان ورقم هاتف صاحبه. وتلك الأمكنة الوقتية التي يكتريها بائعو الخرفان إما تكون مأرب سيارات تحت الأرض وإما دكاكين فارغة تؤجر لموسم العيد، وكلها غالبا غير مخصصة لبقاء الأغنام فيها لفترة طويلة، وهو ما يتسبب في موت بعضها. ويخلق ذلك الكثير من المشاكل بين البائع وأصحاب تلك الخرفان الهالكة، حيث يفاجأ الزبون صباح يوم العيد بخبر وفاة أضحيته، فتتحول فرحة أطفاله إلى حزن، ويعتكفون في شقتهم، كي لا يسخر منهم بقية أبناء الحي، لأنهم لم يذبحوا خروفا.وقال إبراهيم شراكة (موظف) إنه عايش العام الماضي هذه المشكلة، حيث نفق خروفه مع خروفين آخرين بسبب ضيق المكان، الذي حُجز فيه مع عدد كبير من الماشية، والمكان كان لا يتعدى الأمتار المربعة القليلة من دكان فارغ، وليس مكان تهوية أو نافذة، وكان يُقفل عليها في الليل. وأضاف شراكة (45 عاما) لـ”العرب”، “حرصت على ألا يعرف أطفالي بالأمر، واقترضت من صديق لي حوالي 314 دولارا أميركيا وقمت بشراء خروف آخر، كما أنني لم أفتعل أي مشكلة مع صاحب الأغنام، لأن لا ذنب له، فقط قلة درايته وجهله كانا السبب في ما حصل”. وأشار الرجل الأربعيني إلى أن صاحبي الخروفين النافقين الآخرين طالبا بتعويضات، متابعا “هذا العام اشتريت خروفا، واصطحبته معي إلى سطح العمارة، التي فيها شقتنا وسنوفر له الأكل والماء والعناية إلى ما بعد صلاة العيد”. وأكدت نجاة (ربة بيت) أن التضحية بالخروف صارت تقليدا ضروريا، لا يمكن لأي أسرة إهماله، على الرغم من التكلفة المادية التي ترهق العائلات، لفترة طويلة خصوصا، إذ اضطرت إلى الاستدانة من البنك حتى تتمكن من شرائه، فهي تُكره على دفع الفوائد أيضا. وشددت نجاة (35 عاما) في حديثها لـ”العرب” على أن ضرورة هذا التقليد نابعة من كونه يعتبر جزءا من فرح الأطفال بالعيد، قائلة “لا عيد دون خروف وتقديم اللحم المشوي للضيوف”، مضيفة “وفي حال عجزت العائلة عن شراء خروف يتعرض أبناؤها إلى التعليقات الساخرة من قبل بقية أطفال الحي، وبعض الأبناء لا يتحملون هذه السخرية وهو ما يوقعهم في مشاكل مع أطفال الحي”. وتابعت أن “الأمر قد لا يقتصر على الأطفال بل يحصل أيضا بين السيدات، حيث يسخرن من المرأة التي لا يشتري لها زوجها أضحية العيد، ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد، إذ يتجاوزه إلى تقييم ونقد حجم وشكل الخروف، وتتعرض الأسرة للسخرية في حال كان صغيرا ونحيلا”. وتختم السيدة الثلاثينية بالقول “للأسف نحن مجتمع يغتر بالمظاهر لا أكثر”. ويعتقد سعيد (حلاق بالرباط) أن “أسعار الأغنام تزداد كل عام، مما يجعل الأسر، التي لها دخل محدود لا يزيد عن حوالي 167 دولارا أميركيا غير قادرة على شراء خروف ثمنه حوالي 272 دولارا أميركيا، علما أن هذا سعر خروف مقبول من حيث الحجم نسبيا لهذه السنة”. ولفت سعيد (45 عاما) لـ”العرب” إلى أن “البعض من أصدقائه يعمدون إلى ترك لحيهم أو شعر رؤوسهم بلا حلاقة قبل العيد، إذا لم يتمكنوا من شراء الخروف، معتبرين ذلك مأساة عظيمة، لأنهم كسروا بخاطر أبنائهم وجعلوهم سخرية أطفال الحي”. وأكد أن “هناك نساء وأطفالا في الحي الذي يقطنه يظلون يسخرون من زوجته وأبنائه لعام كامل، كونه أحيانا لا يتمكن من شراء خروف العيد، أو لأنه اشترى أضحية ضئيلة الحجم”. وذكر الطفل وليد (12 عاما) أنه وأخته البالغة من العمر (13 عاما) “لا يكفان عن الإلحاح قبل فترة طويلة من العيد على والدهما لحمله على شراء الخروف”، لافتا إلى أن والدتهما تشاركهما هذا الإلحاح في الطلب. وتابع أنهما “لا يتوقفان إلا متى حلّ الخروف ضيفا مبجلا عليهما، فيدللانه ويلعبان معه، ويحضران له الأكل والماء، وربما اصطحباه في جولة خارج المنزل، لكي يراه صبيان الحي، فلا يسخران منهما بعد ذلك”، مشيرا إلى أن “شقيقته ماجدة لا تتوقف عن البكاء يوم العيد عند ذبح الخروف بعد أن تعودت عليهوأفاد إمام جامع “التقدم” الشيخ جلال بأنه جاء في السنة النبوية أن الرسول (ص) كان يضحي عن عائلته بكبش وعن بقية المسلمين بكبش آخر، وذلك لكي يرفع عن المسلمين غير القادرين على دفع تكاليف الخروف واجب ذبح أضحية. وأشار الإمام (63 عاما) في حديثه لـ”العرب” إلى أن “الهدف من التضحية هو نشر الفرح في قلوب الفقراء، لأنهم سيحصلون على جزء من لحوم الأضاحي، حدده الفقه الإسلامي بمختلف مدارسه بالثلث من الأضحية، وما يتبقى من لحمها فهو للعائلة وضيوفها، وهذا أحد شروطها، وتوجد شروط أخرى تحدد سلامة الخروف من العيوب”. وأعرب عن أسفه لأن موضوع تقديم الأضحية تحول فقط إلى تقليد في أذهان الكثيرين، فهم يرونه مظهرا اجتماعيا ضروريا، لإكمال صورة العائلة المسلمة المحافظة على الشرع والأب الناجح، ولكي لا يتعرض أفراد العائلة للسخرية والنميمة من قبل الجيران. وأضاف أن “الأضحية سنة نبوية محببة إلى النفوس، لأنها تدخل البهجة إلى الأسرة، وتفرح الأطفال، وتخلق روابط اجتماعية مع الفقراء بالإحسان إليهم، ويتم الذبح بالوقت المحدد بعد صلاة العيد، وللأسف حولها البعض إلى تقليد أعمى، فيقترضون من هذا أو ذاك، ويحملون أسرهم عبئا لأشهر كثيرة لدفع ثمن الخروف”. وتابع “الحمد لله توجد في الرباط والعديد من المدن المغربية جمعيات للتكافل والإحسان تجمع كل سنة ما يتيسر من المال لشراء خرفان، وتقوم بتوزيعها قبل العيد بيوم على عدد من الأسر الفقيرة مع مستلزمات العيد الأخرى، لإدخال الفرحة على قلوب أفراد هذه الأسر. ويجيز الشرع لسبعة من الجيران المشاركة في ثمن بقرة عمرها أكثر من سنتين، لتقديمها أضحية عن هذه العائلات، وهذا يخفف العبء المالي عنها”.”.

مشاركة :