وفرة المياه تنعش زراعة رز العنبر العراقي

  • 8/9/2019
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

تجمع الأوساط الاقتصادية على تسجيل طفرة كبيرة في واقع القطاع الزراعي في العام الحالي، لا تقتصر أسبابها على وفرة المياه، بل تمتد إلى تعزيز السياسات الحكومية التي عادت إلى التخطيط ودعم المزارعين بالبذور والأسمدة بعد سنوات من السياسات الزراعية المتخبطة. وتعد زراعة رز “العنبر” الذي تقتصر زراعته على العراق، من أكبر المستفيدين بسبب حاجتها الكبيرة إلى المياه، بعد أن كانت أكبر ضحايا مواسم الجفاف في السنوات الماضية. وتتركز زراعة العنبر الشهير برائحته الفريدة ومذاقه النادر في محافظتي النجف والديوانية بشكل خاص، وتعتمد عليه أعداد كبيرة من المزارعين، الذين لا ينتج بعضهم سوى هذا المحصول، الذي يحتاج غمر شتلاته بكميات هائلة من المياه. وفاقمت شحة المياه في السنوات الماضية متاعب أولئك المزارعين، بعد فرض تقليص المساحات المزروعة بنسب وصلت أحيانا إلى 95 بالمئة وأجبرت كثيرين على هجرة أراضيهم. وسمحت الأمطار الغزيرة التي سقطت العام الحالي وامتلاء السدود برفع جميع القيود لتتضاعف المساحات المزروعة برز العنبر هذا الموسم وسط حالة من التفاؤل بين المزارعين بموسم غير مسبوق. كما استفاد القطاع الزراعي من تحول في السياسات الحكومية بعد سنوات من التخبط والإهمال، بتوسيع الدعم واعتماد أنواع جديدة من بذور المحاصيل الاستراتيجية، كالقمح والشعير والرز، بعد إخضاعها لاختبارات في معامل متخصصة في سويسرا، ما أسهم في تحسين جودة المنتجات بدرجة كبيرة. العراق حقق الاكتفاء الذاتي من القمح وعدد من المحاصيل لأول مرة منذ سنوات طويلة وقد مكن ذلك العراق من تحقيق الاكتفاء الذاتي في الكثير من المحاصيل مثل القمح لأول مرة منذ عقود. وامتد ذلك إلى عدد كبير من المحاصيل والخضروات، وشجعت الحكومة على إيقاف استيرادها من الدول المجاورة وخاصة إيران وتركيا. وطبقت وزارة الزراعة، بالتعاون مع جهات أخرى، خطة جريئة، منعت بموجبها استيراد نحو 16 منتجا زراعيا من الخارج، ما رفع أسعارها في أسواق البلاد، وشجع الفلاحين على زراعتها. وقال وزير الزراعة صالح الحسني إن تنفيذ خطة المنع “تأتي حفاظا على المنتج المحلي، ولتشجيع الفلاحين والمزارعين ومربي الثروة الحيوانية على مواصلة الإنتاج”. وأشار إلى مكاسب أخرى مثل “تشغيل الأيدي العاملة وتفعيل دور القطاع الخاص في زيادة الاستثمار وإنشاء المشاريع الاستثمارية الزراعية لدعم الاقتصاد الوطني”. وتشمل قائمة المحاصيل الممنوعة من الاستيراد الطماطم والخيار والباذنجان والجزر والذرة الصفراء والخس والثوم والرقي والبطيخ والفلفل والتمر، إضافة إلى حظر استيراد البيض والدجاج والأسماك” في ظل ارتفاع الإنتاج المحلي إلى مستويات قياسية غير مسبوقة. لكن الوزير، أقر باستمرار تدفق محاصيل زراعية مستوردة إلى الأسواق العراقية، رغم سريان قرار حظر استيرادها. وقال إن “المنتجات المستوردة تدخل عن طريق التهريب وبطرق غير قانونية من خلال المنافذ الحدودية، خارج موافقات الاستيراد التي تمنحها وزارة الزراعة”. وأشار الحسني إلى “استمرار التواصل مع هيئة المنافذ الحدودية والجهات الأمنية لفرض منع دخول المواد والمنتجات الزراعية الممنوعة من الاستيراد”. وأوضح أن “قرار منع أو فتح الاستيراد مرة أخرى يتوقف على توازن العرض والطلب في السوق وحسب الحاجة المحلية إضافة إلى اعتماد الخطط الزراعية الموضوعة من قبل وزارة الزراعة”. وتشير تصريحات الوزير إلى الضغوط التي تمارسها دول مجاورة، مثل إيران وتركيا، التي أغرقت منتجاتها الزراعية الموسمية، خلال الأعوام القليلة الماضية، السوق العراقية، مستغلة تراجع قطاع الزراعة العراقي بشدة منذ الأزمة الناجمة عن احتلال تنظيم داعش مساحات واسعة من أراضي البلاد. وتقول مصادر مطلعة على تفاصيل هذا الملف، إن تركيا وإيران، تمارسان ضغوطا هائلة على أعلى المستويات في العراق، لإجبار مسؤوليه على رفع الحظر عن استيراد المنتجات الزراعية من دول الجوار، لكن تلك الضغوط يبدو أنها لم تثمر حتى الآن. وتواصل بغداد التفاوض مع أنقرة بشأن نسب التدفقات الواصلة إلى نهري دجلة والفرات، اللذين ينبعان من تركيا، التي عمدت مؤخرا إلى تقييد حصة العراق، من خلال إنشاء سلسلة من السدود قرب منابع المياه. أما بالنسبة لإيران، فهي تركز بشكل أكبر على اختراق الحظر العراقي المفروض على استيراد مشتقات الحليب والدجاج وبيض المائدة. لكن الممانعة التي تواجهها في مناطق جنوب البلاد، بسبب الحوافز الاقتصادية الهائلة التي يوفرها قطاع الثروة الحيوانية للسكان، دفعتها إلى تغيير خطتها، من خلال إنشاء مصانع داخل العراق، للمنافسة على أسواقه، لتعويـض نقـص الصـادرات عبر الحدود. وعززت وزارة الزراعة اعتماد السياسات التي كانت متبعة خلال حقبة الحصار الاقتصادي على العراق، في تسعينات القرن الماضي، والتي تقوم على شراء المحاصيل الاستراتيجية بأسعار عالية، لتشجيع الفلاحين على زراعة مساحات أوسع. كما عادت بعد سنوات من الإهمال إلى تقديم حوافر أخرى مثل تزويد المزارعين بالبذور بأسعار مدعومة، والمساهمة في مكافحة الآفات والأمراض الزراعية، وتسهيل حصولهم على قروض لشراء معدات زراعية.

مشاركة :