قفزة قياسية في إنتاج رز العنبر العراقي

  • 1/27/2020
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

أعلنت وزارة الزراعة العراقية أمس أن مجلس الحبوب الذي تديره الدولة، أكمل شراء نحو 306 آلاف طن من الرز العنبر المحلي الشهير، بعد انتهاء أحد أفضل المواسم منذ عقود طويلة. ويقول مراقبون إن تلك الأرقام لا تمثل سوى جزء من الإنتاج الفعلي بسبب قلة ميل المزارعين لتسليم المحصول بسبب شعبية المحصول ذي الرائحة الزكية الفريدة داخل البلاد وفي دول المنطقة. وذكر بيان صادر عن الوزارة أن حجم محصول الرز في البلاد جاء أكبر من المعتاد خلال الموسم الذي استمر لمدة شهرين، دون أن يشير إلى حجم المحاصيل في السنوات السابقة. وكانت وزارة الزراعة قد توقعت في سبتمبر الماضي أن يصل إنتاج الرز إلى أعلى مستوى له منذ 20 عاما، بسبب الأمطار الغزيرة التي سمحت بزراعة مساحات واسعة من المحصول، الذي يحتاج لمياه وفيرة. وكانت الحكومة العراقية قد فرضت قيودا على زراعة الرز في السنوات الماضية بسبب الجفاف، الذي أدى إلى انخفاض مناسيب المياه. ومن المتوقع أن يؤدي ارتفاع إنتاج الرز والإنتاج القياسي من القمح والشعير في الموسم الماضي إلى تقليص غير مسبوق في واردات الحبوب، بعد أن أعلنت بغداد عن تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح. لكن رغم الارتفاع الكبير في إنتاج الرز، إلا أن الإنتاج يظل بعيدا عن حاجة السوق المحلية، التي تصل إلى نحو 1.3 مليون طن، خاصة أن جانبا كبيرا من رز العنبر المرتفع الثمن يتجه إلى التصدير. وتتركز زراعة العنبر الشهير برائحته الفريدة ومذاقه النادر في محافظتي النجف والديوانية بشكل خاص، وتعتمد عليه أعداد كبيرة من المزارعين، الذين لا ينتج بعضهم سوى هذا المحصول، الذي يحتاج غمر شتلاته بكميات هائلة من المياه. مقاطعة العراقيين لمحاصيل الدول المجاورة مثل إيران ساهمت في دعم الإنتاج المحلي وفاقمت شحة المياه في السنوات الماضية متاعب أولئك المزارعين، بعد فرض تقليص المساحات المزروعة بنسب وصلت أحيانا إلى 95 بالمئة وأجبرت كثيرين على هجرة أراضيهم. وسمحت الأمطار الغزيرة التي سقطت العام الحالي وامتلاء السدود برفع جميع القيود لتتضاعف المساحات المزروعة بأرز العنبر هذا الموسم، والذي أنعش الأوضاع الاقتصادية للمزارعين المتخصصين بهذا المحصول. كما استفاد القطاع الزراعي بشكل عام من تحول في السياسات الحكومية بعد سنوات من التخبط والإهمال، بتوسيع الدعم واعتماد أنواع جديدة من بذور المحاصيل الاستراتيجية، كالقمح والشعير والرز، بعد إخضاعها لاختبارات في معامل متخصصة في سويسرا، ما أسهم في تحسين جودة المنتجات بدرجة كبيرة. وقد مكن ذلك العراق من تحقيق الاكتفاء الذاتي في الكثير من المحاصيل مثل القمح لأول مرة منذ عقود. وامتد ذلك إلى عدد كبير من المحاصيل والخضروات، وشجع ذلك الحكومة على إيقاف استيرادها من الدول المجاورة وخاصة إيران وتركيا. وطبقت وزارة الزراعة، بالتعاون مع جهات أخرى، خطة تمنع استيراد نحو 16 منتجا زراعيا من الخارج، ما رفع أسعارها في أسواق البلاد، وشجع الفلاحين على زراعتها. وذكر وزير الزراعة صالح الحسني عند تنفيذ المنع في العام الماضي أنه “يأتي حفاظا على المنتج المحلي، ولتشجيع الفلاحين والمزارعين ومربي الثروة الحيوانية على مواصلة الإنتاج”. وأشار إلى مكاسب أخرى مثل “تشغيل الأيدي العاملة وتفعيل دور القطاع الخاص في زيادة الاستثمار وإنشاء المشاريع الاستثمارية الزراعية لدعم الاقتصاد الوطني” وتشمل قائمة المحاصيل الممنوعة من الاستيراد “الطماطم والخيار والباذنجان والجزر والذرة الصفراء والخس والثوم والرقي والبطيخ والفلفل والتمر، إضافة إلى حظر استيراد البيض والدجاج والأسماك” في ظل ارتفاع الإنتاج المحلي إلى مستويات قياسية غير مسبوقة. لكن مراقبين يؤكدون استمرار تدفق محاصيل زراعية مستوردة إلى الأسواق العراقية، رغم الحظر بسبب ضعف الرقابة وانتشار التهريب بطرق غير قانونية من خلال المنافذ الحدودية، خارج موافقات الاستيراد التي تمنحها وزارة الزراعة. ورغم وفرة المياه حاليا، تواصل بغداد التفاوض مع أنقرة بشأن نسب التدفقات الواصلة إلى نهري دجلة والفرات، اللذين ينبعان من تركيا، التي عمدت مؤخرا إلى تقييد حصة العراق، من خلال إنشاء سلسلة من السدود قرب منابع المياه. وتقول مصادر مطلعة إن إيران وتركيا تمارسان ضغوطا هائلة على أعلى المستويات في العراق، لإجبار مسؤوليه على رفع الحظر عن استيراد المنتجات الزراعية. وقد ساهمت حملات لمقاطعة المنتجات المستوردة في كساد تلك البضائع وخاصة الإيرانية. ودفعت المقاطعة شركات تركية وإيرانية إلى تغيير خططها، الاستثمارية من خلال إنشاء مصانع داخل العراق، للمنافسة على أسواقه، لتعويض تراجع الصادرات عبر الحدود. وعززت وزارة الزراعة اعتماد السياسات التي كانت متبعة خلال حقبة الحصار الاقتصادي على العراق، في تسعينات القرن الماضي، والتي تقوم على شراء المحاصيل الاستراتيجية بأسعار عالية، لتشجيع الفلاحين على زراعة مساحات أوسع. كما عادت بعد سنوات من الإهمال إلى تقديم حوافر أخرى مثل تزويد المزارعين بالبذور بأسعار مدعومة، والمساهمة في مكافحة الآفات والأمراض الزراعية، وتسهيل حصولهم على قروض لشراء معدات زراعية.

مشاركة :