رز «العنبر» كنز عراقي ضحية للجفاف

  • 7/4/2018
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

يقف المزارع أمجد الخزعلي أمام منزله في الديوانية في جنوب العراق، واضعاً يديه على خاصرتيه، ومحدقاً بحزن في أرض شاسعة ورثها عن أجداده، صارت بوراً نتيجة حظر الدولة زراعة الرز بسبب الجفاف الشديد. هي المرة الأولى التي لن يتمكن فيها الخزعلي هذا الموسم من زراعة الرز «العنبر» الأكثر شهرة في المنطقة الجنوبية من العراق منذ قرون، وسمي بهذا الاسم لرائحته المشابهة للعنبر. وقال الخزعلي بجلابيته وكوفيته البيضاء والسوداء «لا أطيق النظر إلى أرضي وتربتها لا تعانق العنبر (...) هكذا اعتدنا منذ مئات السنين حين كان الأجداد يزرعونها». ويملك الخزعلي مع أبناء عمومته قرابة 800 دونم زراعي (ما يقارب مليوني متر مربع وفق مقاييس العراق)، في قرية أبو تبن بناحية غماس غرب الديوانية، وتسمى شلبية أي مخصصة لزراعة الرز. وأعلنت وزارة الزراعة العراقية في حزيران (يونيو) الماضي حظر زراعة الرز والذرة وبعض المحاصيل الأخرى التي تحتاج إلى الكثير من المياه. وأشار مدير عام الزراعة في الديوانية صفاء الجنابي إلى أن الخسارة المالية لمزارعي الرز هؤلاء الذين يجنون ربحاً يتراوح بين 300 و400 ألف دينار (240 إلى 400 دولار) للدونم الواحد (2500 متر مربع)، كبيرة جداً. وأضاف: «خسارة محافظة الديوانية هذا الموسم بسبب عدم زراعة الرز، تقدر بـ50 بليون دينار عراقي (40 مليون دولار)». وينتج العراق 100 ألف طن من الرز سنوياً، 35 في المئة منها رز العنبر الذي يزرع أكثر من 70 في المئة منه في محافظتي الديوانية والنجف الجنوبيتين. ويسمّي العراقيون رز العنبر ـ»التمّن الملكي». وتمّن هو اسم الرز في العراق. وأوضح الخزعلي أن «العنبر صديق النهر، إذ يسقى من ماء نهر الفرات العذب التي تعطيه رائحة زكية يمكن أن تشمّها على بعد كيلومترات عدة». وتبدأ زراعة الرز من منتصف أيار(مايو) حتى بداية تموز(يوليو)، ويستمر الموسم قرابة الستة أشهر حتى أواخر تشرين الأول (أكتوبر). ومن بين آلاف مزارعي الرز في الديوانية، 267 منهم فقط يزرعون العنبر. وقال المتحدث باسم وزارة الزراعة العراقية حميد النايف لوكالة «فرانس برس» «وضعت الوزارة خطة لموسم الصيف بواقع مليون و400 ألف دونم لكل المحاصيل الزراعية الصيفية ضمنها المحاصيل الإستراتيجية كالرز والذرة». لكنه يلفت إلى أن «وزارة الموارد المائية أبلغتنا بعدم توافر الكميات الكافية من المياه لهذه المحاصيل المهمة بسبب شح المياه». ويعيش العراق الذي يسمى «بلاد ما بين النهرين» لمرور نهري دجلة والفرات فيه، انخفاضاً في مستوى المياه منذ سنوات. ولهذا، أوعزت الوزارة للمزارعين بعدم زراعة الرز والذرة الصفراء والبيضاء والقطن والسمسم والدخن وزهرة الشمس. وتقدر الخطة الصيفية حالياً بمساحة 600 ألف دونم وتمثل أقل من 50 في المئة من الخطة السابقة، وخصصت لزراعة الخضروات ومحاصيل أخرى وتخصيص حصة مائية لبساتين النخيل، وفق النايف. وأوضح المتحدث أن رئيس الوزراء حيدر العبادي وعد بتعويض المزارعين، وخصوصاً مزارعي الرز، كونهم يعتمدون على هذه الزراعة في شكل رئيسي، كي لا تطاولهم خسائر مالية. لكن الخزعلي متشائم حيال ذلك. وقال «زراعة الرز تُعد الدخل الرئيسي لمزارعي هذه المناطق، لكن بعد المنع الأخير الذي سيسبب لنا خسائر كبيرة ربما نضطر إلى هجرة الزراعة بل حتى المدينة كون أراضينا لا يمكن أن يزرع فيها إلا الرز». ويضيف «لا نجيد زراعة محاصيل أخرى. حاول بعض المزارعين زراعة الرز، لكن وزارة الري قامت برفع مضخات الماء الخاصة بهم وصادراتها وأتلفت المحصول».

مشاركة :