حقّق الفنان اللبناني نقولا دانيال نجاحاً لافتاً في المسلسل اللبناني «إنتي مين» من كتابة كارين رزق الله وإخراج إيلي حبيب، وحظي بتقدير الجمهور والنقّاد على حد سواء الذين أشادوا بأدائه المتميّز والقدير الذي أكد حاجة الدراما المحلية لممثلين من الجيل المخضرم، لأنهم يضيفون إلى أي عمل يشاركون فيه.دانيال الآتي إلى التلفزيون من المسرح، أشار عبر «الراي» إلى أنه تأخّر في تجربته التلفزيونية التي باتت تفرض عليه عدم الانقطاع عنها في حال توافرت النصوص الجيدة، لافتاً إلى أنه لا يمكن لأيّ ممثل أو مُخْرِج أن يُبْدِعَ في نص هزيل، مؤكداً في المقابل أنه ابن المسرح بالدرجة الأولى. • كيف تعاملتَ مع النجاح الذي حَقَقْتَه هذه السنة في مسلسل «إنتي مين»، في ظلّ كل نجاحاتك السابقة وتاريخك الفني واسمك المرموق كفنان؟- النجاح يُفْرِحني ويكبّر قلبي ويشجّعني ويحمّلني مسؤوليةً كبيرة تجاه الأعمال التي أقدّمها لاحقاً.• هل يشجعك على مواصلة الظهور على الشاشة التي بات واضحاً أنها كانت في حاجة إلى ممثّلين بمستواك؟- يشجّعني على أن أبقى مستمراً وعلى البحث عن الأفضل وأن تظلّ عندي الهِمّة. قلة التشجيع تُسَبِّب الإحباط والتراخي، بينما عندما يكون هناك تقديرٌ وثناء، عندها يشعر الفنان بأن ما يقدّمه يصل إلى الناس وتُقدَّر أهميته وبأن ما قام به ليس عملاً لمجرد العمل، بل وليد إتقان وخبرة متراكمة.• وهل التشجيع سيحفّزك على التمسك بالظهور على الشاشة الصغيرة؟- طبعاً. لا غنى عن الشاشة الصغيرة. تأخرتُ كثيراً حتى ظهرتُ على التلفزيون، لأنني كنت أركّز على المسرح، ولغاية الآن أعتبر نفسي مسرحيّاً بالدرجة الأولى. لكن المسرح تَأثّر كما كل شيء في لبنان، لأنه عندما يحصل هبوط فإنه يصبح عاماً ويتناول قطاعات مختلفة بينها الفن. الفن تراجع، ولكنه موجود ونحن نحاول أن ندفعه إلى الأمام دائماً، لأن المسرح نوع من الفنّ يحمل هويةَ رُقِيِّنا ويؤكد أننا شعب يماشي الحضارة. صحيح أننا أخذناه من الغرب، ولكنه موجود فينا وفي مَظاهرنا الفولكلورية والمسرحية. • ولكن هناك مَن يعتبر أن المسرح الرائج هو «الستاند اب كوميدي»؟- الجمهور يحب الأشياء الجيدة، وربما نحن جعلْنا الجمهور يعتاد على «الستاند اب كوميدي» والـ«وان مان شو»، لأن هناك حاجة مادية ولا يوجد تمويل مادي للأعمال المسرحية. الجمهور يتقبّل كل ما هو جيد في التلفزيون والسينما والمسرح مع ندرته وحالة التقشف التي يعاني منها، بدليل أنه في العام الماضي خلال «المهرجان الوطني للمسرح اللبناني» الذي دام 7 أيام، كانت هناك فئة من الشباب والصبايا تحضر العروض بشكل يومي، وهذا يعني أن هناك جمهوراً يحب المسرح الجيد والراقي، ولذلك يجب أن نحافظ عليه. الجمهور يقبل الأعمال الجيدة قي كل أنواع المسرح.• وكأنك تقول إن العمل المسرحي الجيد يمكن أن يدفعك للتخلي عن التلفزيون؟- التخلي عن التلفزيون صعب. وسواء تَواجد الممثل على المسرح أو في السينما أو التلفزيون، فهو يقوم بعمله ويقدّم رسالته. التمثيل يصبح مهنة، وفي حال عُرض عليّ عمل مثل «انتي مين»، وشعرتُ بأنني أحببته ويمكن أن أضيف إليه فسأقبل به، لأنني أحقق متعتي وذاتي فيه بعد كل الأعمال التي قدّمتُها، والأمر نفسه ينسحب على المسرح والسينما. في السينما يطلبونني للمشاركة كضيف، وأنا أقبل شرط أن يكون لديّ قناعة بالنص وبالممثلين وبصنّاع العمل. أقبل بالعمل الجيد حيث تَوافر، لأنني أشعر بأنه من واجبي، بعدما أمضيتُ 40 عاماً مع طلابي في معهد الفنون، أن أقف إلى جانب الممثلين في أعمالهم سواء كانوا طلابي أم لا، لأنهم الأمل في تَجَدُّد المسرح والتلفزيون.• كيف وجدتَ مستوى الدراما التلفزيونية هذه السنة وهل يمكن القول إنها حققتْ نقلةً نوعية؟- لا شك في أنه كانت هناك أعمالٌ جيدة بينها «انتي مين»، وهو عملٌ لبناني صرف كتابةَ وتمثيلاً وإنتاجاً وإخراجاً. الدراما تحظى بالسخاء مادياً وبالنصوص، وأطلب من الكتّاب دائماً التنويع وكتابة أعمال لها علاقة بواقعنا ومجتمعنا وتاريخنا وتَحْمِلُ خصوصياتنا. إنه أمر رائع أن تحمل الدراما سِمَتنا اللبنانية إلى العالم العربي وإلى العالم في ما بعد. لكن، لا يمكن لأيّ ممثل أو مُخْرِج أن يُبْدِعَ في نص هزيل، لأن الورق هو الأساس ويجب أن تكون بين أيدينا نصوص تسمح لنا بالإبداع على المستويات كافة.• هل تعاني الدراما اللبنانية أزمةَ كتّاب؟- الكتّاب موجودون، ولكن أتمنى عليهم أن يفتحوا نوافذ جديدة على المواضيع كي لا تكون النصوص متشابهة عند الكاتب الواحد أو عند أكثر من كاتب، وكأنه لا يوجد سوى مستوى واحد من المعالجة الاجتماعية التي هي معروفة عند غيرنا وتُصَدِّرُها محطات التلفزيون.• لا شك في أن نجاح «إنتي مين» فَتَحَ الأبواب على المشاركة في أعمال جديدة؟- العروض متوافرة، وأتلقى اتصالات من أشخاص عديدين ووصلتْني نصوص اعتذرتُ عنها بلياقةٍ لأنني لم أجد نفسي فيها، وقلتُ لأصحابها: أتمنى أن يحصل تعاون بيننا في مرات مقبلة.• هل ترى أن الدراما المشترَكة تنعكس سلباً أم إيجاباً على الدراما المحلية؟- الدراما المشتركة رائعة، لأنها تتيح الفرصة أمام تَبادُل الخبرات، ولكنها تصبح خطيرة عندما يتمّ زرْع ما هو غير مألوف في واقعٍ لا يقبله. مثلاً هناك نصوص فيها شخصيات غير مقبولة لأنها ليست مغروسة بواقعيّة. لا يكفي أن نستعين بممثّل لبناني في مسلسل سوري لمجرّد تطعيمه، بل يجب أن يكون مكتوب في الأساس درامياً لماذا هو يتكلّم باللهجة اللبنانية، والعكس صحيح في حال تمّت الاستعانة بممثل سوري أو مصري في عمل لبناني. يجب أن تكون هناك حيثية اجتماعية أو تاريخية لتواجد الممثل في العمل الفني، وليس لمجرد كونه وجهاً جميلاً يحبّه الناس. ينبغي أن يكون هناك تَماسُكٌ بين الشخصية والنص والبيئة التي توجد فيها هذه الشخصية تواجداً عضوياً اجتماعياً وتاريخياً وإنسانياً، إلا إذا كان ضيفاً فعندها يمكن إيجاد الحيثية الملائمة.
مشاركة :