“سوق عكاظ” يَسرُد قصص تاريخ العُظماء العرب وأمجادهم قديما ويستذكره في الحاضر

  • 8/17/2019
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

يجتمع في سوق عكاظ التاريخي الذي يُعد ملتقى للعرب، حقب ما قبل وبعد ظهور الإسلام، التي تعود إلى 1500 عام، حيث القيم المعرفية بشتى ألوانها، وتواجد الأدباء، والشعراء، وكافة المهتمين بتاريخ العرب القديم. ويقدم السوق الندوات الثقافية، والأمسيات الشعرية، والأدبية، إضافة لتنظيم عدد من المسابقات والفعاليات الأدبية على مستوى العالم العربي، وتشمل الشعر الفصيح والعامي، والقصة القصيرة، والرسم، والأعمال الحرفية، والتصوير الفوتوغرافي. وكانت اللبنة الأساسية والناوة، لتحديد موقع سوق عكاظ من اهتمامات الملك فيصل -رحمه الله- ، حيث تم تشكيل لجنة برئاسة الشيخ محمد بن البليهد ، والدكتور عبدالوهاب عزام – رحمهما الله- ، مع فريق آخر ساعدهم على هذه المهمة ، وكلّفهم حينها الملك فيصل -رحمه الله- بتحديد موقع سوق عكاظ بالطائف، وذلك في حديث لصاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة رئيس اللجنة الإشرافية لسوق عكاظ يقول “أتذكر أننا خرجا في يوم من الأيام مع الملك فيصل وجلسنا تحت ظلال شجرة كبيرة في ذلك الشعيب ، فمد يده الكريمة وأشار على هذا الموقع الذي فيه سوق عكاظ اليوم ، وقال هذا هو سوق عكاظ في السابق. وأكد الأمير خالد الفيصل، إبان إعلان أسماء الفائزين بجوائز سوق عكاظ في دورته العاشرة، الدور الرائد والدعم المتواصل من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود – حفظه الله – للثقافة في منطقة مكة المكرمة خاصة ومناطق المملكة عامة، ورعايته – أيده الله – لسوق عكاظ ليُقدم على أنه مركز حضاري سعودي عربي إسلامي عالمي ، منوهاً سموّه بأن السوق لن يبقى سجين الماضي بل يحول إلى واقع الحاضر واستشراف المستقبل، وسيُقدم فكر وثقافة هذه البلاد للعالم أجمع. وقال: “لم يتم استدعاء سوق عكاظ من الماضي بعد فترة طويلة ليكون سجيناً للماضي بل جاء ذلك لتحويل ماضي السوق إلى واقع الحاضر واستشراف المستقبل، وأن يقدم فكر وثقافة المملكة العربية السعودية للعالم أجمع ، وأن يتحدث عن التاريخ العريق للثقافة والفكر والحضارة العربية والإسلامية التي انبثقت من الجزيرة العربية، وأن يكون السوق نافذة على المستقبل يطلع من خلالها المواطن السعودي وخصوصاً الشباب والفتيات إلى ما يخطط لمستقبل هذا العالم ومستقبل الإنسان على الكرة الأرضية”. وكشف الأمير خالد الفيصل، خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده آنذاك عقب تكريم الجهات المشاركة في دعم سوق عكاظ، عن إنشاء مدينة كاملة استثمارية لسوق عكاظ ، وسيعلن عن ذلك من قبل الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني ، لافتاً الانتباه إلى أن أجهزة الدولة تعد دراسات متكاملة للسوق. ويلمس زائر سوق عكاظ الـ13 ضمن “موسم الطائف” في حلته الجديدة لهذا العام، الذي نظمته الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني ، حجم الجهود الجبارة والهمم العالية التي وقفت خلف كل ما تحقق من الإنجازات في تغيير ملامح السوق الذي اعتمد في تنفيذ بناء أجنحته وتصاميمه بطابع تراثي يعكس التراث الوطني والتاريخ الإسلامي. وتحققت هذه الجهود في إعادة هيكلة البنية التحتية للسوق وبناؤها من جديد بمشاركة ١٤ مهندساً ومهندسة من أبناء الوطن بدءًا من التصميم وحتى مرحلة التشغيل ، والتي تمت خلال ٩٠ يوماً في تحدي تم خلاله إنجاز العمل حسب المخططات المطلوبة والتصاميم المقترحة ، كما شارك في هذا العمل الضخم مجموعة من الفنيين السعوديين الذين أسهموا في تنفيذ وتشغيل العديد من الفعاليات. ومنذ اللحظة الأولى لرحلة الزائر عبر الدخول من البوابة الرئيسة للسوق يتبادر إلى ذهنه عيش لحظات على أرض الحضارات والتاريخ والأدب والشعر ، حيث الإطلالة على ساحة الفرسان ، ومضمار الخيل ومناطق لتدريب الفرسان، المتاحة لتدريب الزوار والزائرات بمختلف الأعمار، إضافة إلى عروض الخيل والفارسات السعوديات ، والمسابقات الشعرية والألعاب النارية ، و قرية متكاملة مجهزة بالخدمات والمطاعم والمقاهي. ومن ساحة الفرسان إلى ساحة الشعراء بفصاحتهم وحواراتهم الممتعة ، وفتيان عكاظ على صخرتهم الشهيرة وهم يرقبون بحماس دخول الزوار ، وعبر جادة عكاظ يتم مشاهدة القوافل والمبارزات ، والمسرحيات الشعرية التي تقدم صور ممتعة وشيقة في قالب فني ترفيهي وتعليمي. وفي مزج بين الثقافات حرص السوق على استضافة 11 بلدا عربيا من خلال منصة “حي العرب” تشارك بموروثها الثقافي والاجتماعي، الذي يضم أجنحة، الإمارات، البحرين، الكويت، سلطنة عمان، جمهورية مصر العربية، المملكة الأردنية الهاشمية، لبنان، تونس، والمملكة المغربية، إضافة إلى مشاركة المملكة بأكبر الأجنحة مساحة تصل إلى 6 آلاف متراً مربعا ، ويضم بين جنباته مجموعة كبيرة من المعروضات التي تعكس المخزون الثقافي والتاريخي الكبير المتنوع لمناطق المملكة المختلفة كافة. ويضم “حي العرب” منصة للعروض المباشرة ومتاحف ومعرضا للفنون التشكيلية والفوتوغرافية ومكتبة وساحة ثقافية مفتوحة وقاعات ورش عمل، ومجموعة كبيرة من المحال التجارية والمطاعم والمقاهي الأدبية. وينقل “حي العرب” زوار السوق إلى عواصم الدول العربية المشاركة في رحلة رائعة عبر أجنحتها التاريخية والثقافية، وأسواقها الشعبية الشهيرة ومنتوجاتها الفريدة، إضافة إلى عيش تجربة أجواء المطاعم والمقاهي في تلك الدول ، فضلاً عن ابتكار العديد من الأجنحة الجديدة التي تقدم في مضمونها صورة حية تنقل وتثري الزائر من خلالها بالكم الهائل من المعلومات التاريخية القديمه بقالب شيق ومفيد. وتسعى الدول العربية المشاركة بسوق عكاظ، لإبراز الجانب الثقافي والحضاري لكل دولة، من خلال الطابع المعماري لكل جناح، والمجسمات والأسواق والمحال التي تحاكي مثيلاتها في عواصم الدول العربية المشاركة. ولم يغفل سوق عكاظ عن خوض الشعراء العرب في كل نسخه من عمر السوق منافسة تحت مسمى جائزة “شاعر عكاظ الدولية للشعر العربي الفصيح” ، وحتى العام الجاري ، حيث شارك أكثر من 141 شاعراً وشاعرة ، ضمن موسم الطائف لعام 1440هـ، والتي يزيد مجموع جوائزها على مليوني ريال. ومن بين مقاصد سوق عكاظ التي تعد نافذة تُشرق على العالم بضوء الثقافة ، تحفل فعالياته المنوعة بحزمة من الأنشطة المتمثلة في الندوات الثقافية والأدبية ، والأمسيات الشعرية ، من بينها ندوات عن فيلسوف الشعراء أبو العلاء المعري، والرواية العربية الجديدة، والتحول والمضمون، وطاهر زمخشري الشاعر والإنسان، وريادة الأعمال واقع وتحديات، القيم الإعلامية في العصر الجديد، اللغة العربية في آسيا الوسطى، والنص الرقمي وسؤال المرحلة، الدراما السعودية تجارب وشهادات، واقتصاديات الفنون، العمل التطوعي عطاء وانتماء، مؤكدة في مضمونها على المزج ما بين التنوع والأصالة في اختيار الجلسات لتجمع ما بين الأصالة والمعاصرة والمواضيع الأدبية، الاجتماعية، والاقتصادية والإنسانية ليكون سوق عكاظ للعام الثالث عشر على التوالي منبراً إعلامياً ومقصداً للمثقفين والعرب. من هنا “موقع سوق عكاظ” يُدرك الزائر المتتبع للتاريخ بأن هذه التظاهرة الثقافية باتت بمثابة مجمعاً لغوياً للعديد من اللهجات العربية ، ومعرضاً تجارياً ، ومنتدى اجتماعياً حافلاً بكل أنواع النشاط ، وصولاً إلى وصفه بموسوعة ثقافية حية تربط الماضي بالحاضر.

مشاركة :