الزيارات الميدانية نهج إداري يستطيع من خلاله المسؤول مراقبة أداء العمل بنفسه، وكشف الاحتياجات، وإشعار الموظف بأهمية عمله، وأن نجاح المنظمة يتوقف على نجاحه في أداء مهامه، لذلك كان رأس الهرم في المنظمة أمامه ليراقب الجودة ويصلح الأخطاء. وموروثنا الثقافي زاخر بقصص الحكام الذين ينزلون إلى الناس متخفين ليعرفوا آراءهم، ويسمعوا انتقاداتهم، ثم يعاقبوا المسيئين من خدام الشعب. لكن السؤال، هل ما زالت الزيارات محتفظة بأهميتها في هذا العصر؟ وللإجابة على السؤال سأبدأ من الأعلى، من الهدف من الزيارات، فإذا كان معرفة آراء الناس دون وسيط؛ فإن وسائل التواصل الاجتماعي المتعددة كفيلة بجلب آراء الناس في الخدمات إلى شاشة كمبيوتر أو جوال المسؤول. وإذا كان مراقبة الأداء فإن هناك من الأساليب الإدارية الحديثة ما هو أكثر فائدة كقياس الأداء المبني على تقسيم مهام العمل إلى وحدات ثم حساب الإنتاجية -ويمكن الرجوع لمشروع معهد الإدارة لقياس أداء الأجهزة الحكومية-، وأساليب تعزيز الجودة النوعية، ثم قياس رضا المستفيدين الذي يمكن ربطه مباشرة بالمسؤول. إن التقنيات الحديثة الإلكترونية منها والإدارية كفيلة بجلب الشارع إلى مكتب المسؤول، دون إحواجه إلى إهدار وقته على حساب مهام أهم، لا أدعو إلى ترك الزيارات، وإنما إعطائها حجمها المناسب الذي أبقاه لها التقدم التقني.
مشاركة :