الدور المحوري للمرأة في الشرق الأوسط «2 من 2»

  • 8/26/2019
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

إن الفرص متاحة للمرأة في المرحلة الانتقالية خلال المستقبل في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، كما تراجعت الشواغل المتعلقة بعدم المساواة بين الجنسين تقليديا مقابل القضايا الأكبر أو الأكثر إلحاحا المتمثلة في الحروب الأهلية والتدخلات الأجنبية والبطالة والفساد والديكتاتورية. على الرغم من ذلك، كما أظهر التاريخ، فإن استبعاد قطاعات بأكملها من السكان يمثل عائقا رئيسا أمام التماسك الاجتماعي والمؤسسات الديمقراطية والتنمية المستدامة. في هذا السياق، قدمت إدارة منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في البنك الدولي في اجتماعات الربيع الشهر الماضي لمحة عن تقرير رائد عن "بناء السلام .. إعادة الإعمار من أجل الأمن والسلام المستدامين والمساواة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا". يفترض هذا التقرير الذي سيصدر في وقت لاحق من هذا العام، أن الطرق التقليدية لبناء الدولة من أعلى إلى أسفل من أجل بناء السلام وإعادة الإعمار لم تعد كافية بمفردها بل يجب استكمالها بطرق شاملة تركز على السكان. ولضمان فعالية جهود بناء السلام واستدامتها يجب أن تحصل النساء على مقاعد على طاولة مفاوضات السلام وصلاحيات لاتخاذ القرار. ولن يشير هذا الأمر إلى عمليات الإدماج فحسب، بل سيعزز جودة السلام وقدرته على البقاء .إضافة إلى وجودهن على طاولة المفاوضات، ينبغي النظر إلى النساء بوصفهن عوامل للتغيير وقوى دافعة للتماسك الاجتماعي على الصعيدين المحلي والوطني. في سورية واليمن على سبيل المثال تعد النساء وسيطات نشيطات قدن جهودا لحل النزاعات على الأراضي والمياه وتمكن من إقناع الميليشيات بإنشاء مخيماتهم بعيدا عن مجتمعاتهن المحلية ونظمن حملات لإطلاق سراح المحتجزين. لتعزيز رفاهية النساء وتمكينهن، يجب أن تستهدف برامج الحماية الاجتماعية الفتيات والأرامل واللاجئات والمشردات داخليا اللاتي تتفاقم حالة الفقر لديهن لضمان الحد الأدنى من مستويات المعيشة لهذه الفئات. ومن شأن تنفيذ استثمارات عاجلة في تعليم النساء والفتيات وصحتهن أن تعكس اتجاه حالات الانخفاض الإقليمية في رأس المال البشري، ومن ثم تؤدي إلى العودة إلى المسار الصحيح للتقدم المحرز قبل حدوث حالة عدم الاستقرار. علاوة على ذلك، يجب التصدي للعنف على أساس النوع مباشرة حتى لا يصبح انتشاره الكبير أثناء الصراع هو العرف الجديد. أخيرا، يعد دعم تمكين المرأة اقتصاديا أمرا بالغ الأهمية. فوفقا لدراسة حديثة أجراها صندوق النقد الدولي يمكن أن تصل مكاسب الدخل في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا عن طريق سد الفجوات بين الجنسين في التوظيف وريادة الأعمال إلى 38 في المائة. وقد أكسبتهن الأدوار المدرة للدخل التي اضطلعن بها أثناء الصراعات معارف ومهارات قيمة يمكن الاستفادة منها في جهود بناء السلام وإعادة الإعمار. ومن المرجح أن يؤدي دعم عمل المرأة، سواء في القطاعات غير الرسمية أو الرسمية، إلى تحقيق عائدات كبيرة في مجالي الحد من الفقر وتحقيق الأمن الغذائي. إضافة إلى ذلك وعلى النحو الذي جرى تأكيده في استراتيجية البنك الدولي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا فإن الإدماج الاجتماعي هو إحدى اللبنات الأساسية على طريق السلام والتنمية المستدامين في المنطقة. وأمام منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا الآن فرصة ذهبية لطي هذه الصفحة وبناء قاعدة صلبة للإدماج والمساواة بين الجنسين من أجل الأجيال المقبلة. وهذه الفرصة لا يمكن، بل لا ينبغي، تفويتها.

مشاركة :