- تتوازى قصائد سلمان زين الدين ورسوم أمين باشا في ديوان «ضمائر منفصلة» (دار نلسون)، وهو الديوان الثالث للناقد والشاعر سلمان زين الدين بعد «زاد للطريق» (2002) و «أقواس قزح» (2012). فتأتي المجموعة برسومها وموسيقاها أشبه باحتفالية بالشعر، والمقصود هنا شعر لا «يشوبه» نثر. «الشعر من دون إيقاع أو موسيقى ليس شعراً، إنما نثرٌ صرف، ويُمكن النثر أن يفوق الشعر جمالية لكنه يظلّ نثراً». هكذا يُلخّص زين الدين موقفه من قصيدة النثر التي لم تجذبه نحوها، على رغم حضورها الطاغي منذ عقود. هكذا بقي سلمان زين الدين في ديوانه الجديد «ضمائر منفصلة» وفياً للقصيدة العمودية وقصية التفعيلة، غير آبه بالحداثية التي طرأت على القصيدة العربية جرّاء انفتاحها على الثقافة الغربية. لكنّه آثر التجديد في صوره الشعرية التي تعكس تأملات الشاعر في الحياة والطبيعة والموت. يتميّز الديوان بنزعة صوفية تتجلّى في اتحاد الشاعر مع عناصر الطبيعة حتى يغدو جزءاً منها. فهو مرّة غيمة، ومرات بحر أو نهر: «دلفتُ إلى الدنيا خفيفاً كغيمة/ ولا بدّ، يوماً، أن أعود إلى البحر/ أنا النهر يجري مذ نهضت من الكرى/ ومجراي محفور على صفحة النهر». قد يُشكّل الزمن تيمة من تيمات هذا الديوان. فالشاعر آخذٌ في تأمل حركية الزمن، يُناديه ويُخاطبه: «توقّف قليلاً، يا زمان، ولا تجرِ/ ودعني أغنّي ما تصرّم من عمري». وتتكرّس صورة الزمن في فكرة تناسخ الأرواح التي يقّدم من خلالها صورة جديدة عن الموت والحياة. فالروح واحدة لكنّها تُبدّل أجسادها كمن يُبدّل قمصاناً: «هي روحي/ منذ كان الكون كانت./ وستبقى للأبد/ ترتدي القمصان في رحلتها. لكنّ هذا اليقين الذي يواجه به الشاعر قضية الموت في أكثر من قصيدة، لم يلغِ لديه الشكّ والحيرة والأسئلة حول قضايا ماورائية مثل الموت، وهذا ما يتجلّى واضحاً في قصيدة «علامات استفهام». يقف زين الدين عند الحالة الشعرية نفسها ليصف مخاض القصيدة، فيقول: «أجمل الشعر/ هو العاصي على التغليب/ في شكل محدّد/ لا ضفاف الحرف تحويه/ ولا اللفظ المجدد/ خارجاً يجري على المجرى كنهر يتمرد/ هائماً يمضي على الوجه/ كصعلوك مشرد/ فإذا ما رُمتَ يوماً أسرَهُ/ في قصر شعر،/ يهدم القصر، ويصعد»... يُوزّع الشاعر قصائده على ستة محاور يضعها بأسماء الضمائر المنفصلة، ومن هنا يأتي عنوان الديوان. «أنا، أنتِ، هي، أنتَ، نحن، هو أو هي» (لغير العاقل). ويعمد إلى إهداء قصائده للأصدقاء وشعراء وأساتذة، «صباح» مُهداة إلى الشاعرة الراحلة صباح زوين، و «سارق النار» إلى الراحل سعيد عقل، و «الأمير» إلى جورج شكور، و»المنار» إلى ريمون قسيس.
مشاركة :