وافقت ملكة بريطانيا إليزابيث الثانية الأربعاء على طلب رئيس الوزراء بوريس جونسون تعليق عمل البرلمان بشكل مؤقت من منتصف سبتمبر إلى منتصف أكتوبر، في خطوة أثارت غضب النواب الآملين في تعطيل خروج دون اتفاق من الاتحاد الأوروبي. وكان جونسون طلب التعليق وهو ما اعتبره قادة المعارضة محاولة متعمدة لعرقلة جهود النواب الذين يسعون لإعاقة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي من دون اتفاق. وقال بيان صادر عن مجلس مستشاري ملكة بريطانيا إن الملكة إليزابيث وافقت على خطة رئيس الوزراء بوريس جونسون لتعليق عمل البرلمان. وأكد البيان أن أعمال البرلمان ستتوقف اعتبارا من يوم في الفترة من التاسع حتى الثاني عشر من سبتمبر وحتى 14 أكتوبر. وقال البيان “أمرت جلالتها اليوم في المجلس بأن يعلق عمل البرلمان في يوم بين الاثنين التاسع من سبتمبر والخميس 12 من سبتمبر 2019 وحتى الاثنين الرابع عشر من أكتوبر 2019”. وتراجع الجنيه الإسترليني بنسبة 1 بالمئة مقابل اليورو والدولار بعد هذا الإعلان الذي يعزز فرضية خروج دون اتفاق، وهو سيناريو يقلق خصوصا الأوساط الاقتصادية ويثير خشية من حدوث نقص في بعض المواد إضافة إلى إعادة العمل بالقواعد الجمركية. وتتجه بريطانيا صوب أزمة دستورية في الداخل ومواجهة مع الاتحاد الأوروبي في ظل تعهد رئيس الوزراء بوريس جونسون بمغادرة التكتل خلال 66 يوما من دون اتفاق ما لم يوافق الاتحاد على معاودة التفاوض على اتفاق الانسحاب. واحتج زعيم حزب العمال جيرمي كوربين وزعيمة الحزب الليبرالي الديمقراطي جو سوينسون كتابيا في رسالة وجهاها للملكة إليزابيث الثانية على طلب رئيس الوزراء تعليق عمل البرلمان بصورة مؤقتة. وكتب كوربين في الرسالة “للاحتجاج بأشد العبارات باسم حزبي”، وأضاف ”أعتقد أن كافة أحزاب المعارضة الأخرى ستنضم إلينا في هذا الشأن”. ويرى حزب العمال، أكبر حزب معارض في البلاد، أن إجراء انتخابات عامة مبكرة سيكون أفضل وسيلة لتفادي بريكست دون اتفاق، إلا أنه يريد قبل ذلك أن يسقط الحكومة عبر التصويت على مذكرة حجب الثقة عنها بعد عودة البرلمان من العطلة في الثالث من سبتمبر وترؤس حكومة انتقالية يكون هدفها إرجاء موعد بريكست. واعتبر رئيس مجلس العموم جون بيركو أن الخطوة التي قام بها جونسون “فضيحة دستورية”، فيما يتهم بيركو بسبب طريقة إدارته للجلسات المتعلقة بالخروج من الاتحاد الأوروبي بأنه يريد “تخريب” بريكست. وتعلق عادة أعمال البرلمان البريطاني خلال شهر سبتمبر بسبب تزامنها مع انعقاد المؤتمرات السنوية للأحزاب، لكن تمديد التعليق حتى 14 أكتوبر، أي بعد 12 يوما من نهاية آخر مؤتمر حزبي (مؤتمر حزب المحافظين)، أثار غضب المعارضة. وفي معسكر المحافظين المعتدلين كذلك، أثارت الخطوة استنكارا. وندد وزير المالية السابق فيليب هاموند المعارض لسيناريو خروج دون اتفاق، بـ”فضيحة دستورية”، لكن جونسون دافع عن قراره، مؤكدا أن جدول الأعمال المحدد “يعطي متسعا من الوقت للنواب لمناقشة الاتحاد الأوروبي وبريكست رأت مادي تيمونت جاك المحللة في “معهد من أجل الحكم” أن التعليق ليس أمرا “غير عادي” لكن المشكلة تكمن في “توقيته”، فهو يحدّ من فرص النواب لتعطيل خروج دون اتفاق، موضحة “لكن لا يزال هناك وقت أمام النواب لتقديم مشروع قانون الأسبوع المقبل واعتماده قبل بدء التعليق”. وأعربت أرلين فوستر زعيمة الحزب الوحدوي الأيرلندي الشمالي الصغير، الذي يضمن للمحافظين غالبية ضئيلة في البرلمان، عن دعمها لقرار جونسون، مشيرة إلى أنها تنتظر خطاب الملكة لمعرفة ما إذا كانت أولويات حزبها “تنطبق مع أولويات الحكومة”. واجتمع الثلاثاء رؤساء أحزاب المعارضة للاتفاق على استراتيجية مشتركة تهدف لمنع خروج من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق عبر التصويت على قانون بهذا الصدد. وتختلف لندن والاتحاد الأوروبي خصوصا على البند المتعلق بمستقبل الحدود الأيرلندية التي تفصل المملكة المتحدة عن السوق الأوروبية المشتركة، لكن الطرفين يقولان إنهما مستعدان لمناقشة الأمر. والأربعاء، أعلن المفاوض الرئيسي للاتحاد الأوروبي ميشال بارنييه أنه “جاهز دائما لدرس” المقترحات البريطانية. وبعد ساعات من إعلان تعليق أعمال البرلمان، جمعت عريضة نشرت على موقع البرلمان الإلكتروني وتطلب العودة عن هذا القرار 350 ألف توقيع، العدد الضروري لتنظيم جلسة مناقشة برلمانية بهذا الصدد. وأشاد الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأربعاء برئيس الوزراء البريطاني بعد قراره المثير للجدل. وكتب ترامب على تويتر “بوريس هو بالتحديد ما انتظرته المملكة المتحدة، وسيثبت أنه رجل عظيم. أحبّ المملكة المتحدة”، معتبرا أنه سيكون من “الصعب جدا” لزعيم المعارضة العمالية طلب التصويت على سحب الثقة من حكومة جونسون. ويرى كوربين أن إجراء انتخابات عامة مبكرة سيكون أفضل وسيلة لتفادي بريكست دون اتفاق، إلا أنه يريد قبل ذلك أن يسقط الحكومة عبر التصويت على مذكرة حجب الثقة عنها بعد عودة البرلمان من العطلة في الثالث من سبتمبر وترؤس حكومة انتقالية يكون هدفها إرجاء موعد بريكست.
مشاركة :