فى ظل ما يحدث على أرض الواقع من عمليات استمطار لأمطار صناعية، وفى ظل التجربة التى تقوم بها القاهرة لإستيراد تكنولوجيا ألمانية لاستمطار الأرض بغية زيادة المصادر المائية وعدم الاعتماد بشكل أساسي على مياه نهر النيل – كما أوضحت هيئة الأرصاد الجوية فى بيانها – وقفت أمام قول الحق سبحانه من سورة لقمان: "إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ ۖ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا ۖ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ" وأيقنت أنه لا تعارض بين الأية الشريفة وما يجرى على أرض الواقع إلا أن بعض منا قد لا يستطيع حل هذا التوهم الظاهرىوسألت أستاذى الأستاذ الدكتور فاروق الدسوقى "رحمه الله تعالى" عما يدور بخلدى، فقال لى: أقرأ الأية؟ ولما قرئتها، قال لى: هل قال الحق سبحانه "المطر" أم "الغيث"، وهنا فقط وقفت على الحقيقةفإن الله تبارك وتعالى لم ينفى إقداره لبعض من خلقه بإذن منه على شئ من أمر إنزال الماء، ولكنه سبحانه وتعالى احتفظ لنفسه بشأن الغيث. فالغيث هو ذلك المطر الذى يُغاث منه العباد فتجرى منه الأنهار، أما المطر فهو شئ آخر، فمهما استطاع الإنسان بإذن من الله أن يُنزل بعض المطر فى بقعة محدده من الأرض، فهل إمتلك تدبير ما يُغيث سبعة مليار إنسان ومالا يُحصى من حيوانات تعيش بيننا؟لا والله لا يملك هذا ولن يقدر عليه، بل إن من فتنة الدجال – أعاذنا الله تعالى منها- أن يأمر السماء أن تُمطر فتمطر، ويأمر الأرض أن تُنبت فتنبت، وما هى إلا فتنه قد يظن منها أتباعه أن الأمر قد أصبح فى يد بيده، وهذا غير صحيح.ولكى نفرق أكثر بين الغيث والمطر بضرب مثال حى لما يحدث الأن بيننا على أرض الواقع، نقول أن الأمطار التى نزلت بالسودان -العام الماضى- لتغمر نهر النيل بفيضان قدره المتخصصون بأنه الأول من نوعه منذ حولى المائة عام، هذا يسمى غيثا، فهذا ما يغيث الله تعالى به الناس، رغم ما يحيكه العالم ضد مصر للسيطره على مائها، وهنا نقول أن الله تعالى حافظ مصر إلى يوم الدين، فمصر هى عماد الأمة، رغم كيد الكائدين وحقد الحاقدين.هذا شق، أما الشق الأخر فهو أنه لا يمكن لأى مخلوق أن يخلق مطرا من ألفه إلى يائه، فهذا خلق الله سبحانه وتعالى والمتفرد به، ولنضرب مثلا لتوضيح هذا الأمر هل إذا قام الطبيب بعمل عملية تلقيح صناعى لأم وأب فهل معنى ذلك أنه قام بخلق جنين أو إدعاء أنه أتى على أمر يخص المولى جل وعلىّ؟ هذا غير صحيح، كذلك عملية إستثارة السحب ما هى إلا عملية تحفيزية فقط وليست خلقا للماء أو للمطر.إن تجارب استمطار السحب ليست جديدة كما يتخيل البعض، فقد قام السوفيت بإسقاط الأمطار الصناعية وذلك برش الطبقات الحاملة للسحب، وقد استفادت الصين من ذلك خلال الفترة ما بين 1995و2003 واستمطرت السحب فوق مساحات من أراضيها، وهذا المشروع يعتبر أحد الفروع التى تندرج تحت طائلة مشروع هارب وتعنى (برنامج أبحاث الشفق النشط عالى التردد)، بدئت هذه التقنية فى الإتحاد السوفيتى فى (عام 1980) ثم طوّرها الأمريكيون فى التسعينات، إلا أننا نوقن أنه لا يجرى فى ملك الله عز وجل إلا ما أراده سبحانه، وهنا الإبتلاء، وهنا التمحيص، وكل إنسان بحسب إعتقاده فى ربه، ولو توكلنا على الله حق توكله لرزقنا كما يرزق الطير، اللَّهُمَّ أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَضِلَّ أَوْ أُضَلَّ أَوْ أَزِلَّ أَوْ أُزَلَّ أَوْ أَظْلِمَ أَوْ أُظْلَمَ أَوْ أَجْهَلَ أَوْ يُجْهَلَ عَلَيَّ.
مشاركة :