المتقاعدون.. وتفقيس بيض الدجاج

  • 8/31/2019
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

فنّان فرنسي غريب؛ خاض مؤخرًا تجربة عجيبة، إذ جلس على كُرسيّ مربوط في أسفله صندوق فيه بيض دجاج، وكان لا يترك الكُرسيّ إلّا لتناول طعامه أو لقضاء حاجته، وبعد ٣ أسابيع فقس البيض وخرجت الكتاكيت لنور الحياة، وكان هدف الفنّان هو الإثبات أنّ بإمكان الإنسان تعويض البيض عن فقدان الدجاجة الأم بحرارة جسمه، وأنّ الإنسان بالتالي هو سيِّد المخلوقات بلا منازع!. لكنّ هدف غيره ممّن نشروا ساخرين خبر الفنّان وتفقيسه لبيض الدجاج في وسائل التواصل الاجتماعي هو غير ذلك، لاسيّما وأنّهم اقترحوا أن يفعل المتقاعدون نفس الشيء، أي يُفقّسون بيض الدجاج، وهم من وجهة نظر شخصية يُلامون على هذه السخرية الشنيعة من المتقاعدين، لكن وما أدراكم ما لكن؟، إنّ ما اقترحوه للمتقاعدين جاء بسبب وجيه هو «فضاوة» المتقاعدين الحقيقية، وقد نتجت عن سلوك شخصي غير نموذجي لكثيرٍ منهم، كما نتجت أيضًا عن غياب برنامج وطني في القطاعين الحكومي والخاص للاستفادة منهم بعد تقاعدهم، وقبل ذلك لم تزد أيّ جهة سنّ التقاعد من ٦٠ إلى ٦٣ أو ٦٥ سنة أو أكثر، خاصّة مع تقدّم الطبّ وتحسّن صحّة كِبار السنّ ربّما أفضل من بعض الصغار!. أنا شخصيًا، وفي مجال عملي في قطاع تحلية المياه المالحة، تعاملْتُ مع زملاء كُثُر قد تقاعدوا، وكذلك مع زملاء كُثُر ما زالوا على رأس العمل، وعندما أقارن بينهم أتحسّر على المتقاعدين الذين كانوا كنزًا ثمينًا قد فقدناه، بما لديهم من خبرات ومؤهّلات وقُدرات يستطيعون بها إنجاز الكثير، وحلّ المشكلات الإدارية والفنية والمالية، وهكذا هو الحال في المجالات الأخرى دون أدنى مبالغة!. وطالما عَلِمَ بيضُ الدجاج قيمة المتقاعدين، ووثق فيهم، وتفاعل معهم، واستفاد من دفئهم، واستثمر حرارتهم، وافتتح طريقه في الحياة بسببهم، فلماذا لا يفعل مجتمعُنا مثله؟، وهو، أي المجتمع، من المتقاعدين وإلى المتقاعدين، والإنسان أولى بالإنسان من الدجاج والسمّان، والإنسان القديم أولى بتفقيس الإنسان الجديد لا تفقيس الكتاكيت، وكلّ عام ومتقاعدونا بخير وعمل دون أيّ تعطيل أو تفقيس!.

مشاركة :