يبدو أن فرص التهدئة والحوار، التي لاحت بين إيران وأمريكا، في ضوء وساطة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، إبان قمة مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى، التي عقدت مؤخرًا في بياريتس بجنوب غرب فرنسا، بدأت تتضاءل وتتساقط رويدًا رويدًا، على خلفية رفض أمريكا تقديم أي تنازلات قبل تخلي النظام الإيراني عن مشروعه النووي والصاروخي وتدخلاته السافرة والمخربة في شؤون دول الجوار والإقليم، “وهو الموقف نفسه الذي انتهجه ساكن البيت الأبيض تجاه ملف كوريا الشمالية”، وتشي الأحداث والمواقف إلى مزيد من إحكام الحصار على النظام الصفوي، ليكون بين خيارين لا ثالث لهما؛ السقوط بفعل عقوبات الخارج أو ثورة الداخل، أو الركوع والتخلي عن نهجه العدائي العدواني المستمر لـ 40 عامًا. وكان وزير الخارجية الإيراني قد أعلن مؤخرًا أن بلاده لا تزال تتحاور مع الدول الكبرى الأخرى الموقعة على الاتفاق. وجاء تصريح ظريف تعقيبًا على ما بدا وكأنه اختراق محتمل تم التوصل إليه خلال قمة مجموعة السبع، حيث قال ترامب حينها: إنه منفتح على لقاء مع نظيره الإيراني في غضون أسابيع، غير أن طهران فسرت أقوال الرئيس الأمريكي على أنه تراجع لواشنطن، ولم تدرك أن ترامب في كل الأحوال لن يتراجع عن استراتيجيته تجاه ردع دور حكام طهران الإرهابي في المنطقة والعالم، وإنه يمد الحبل على الغارب للنظام الإيراني حتى يشنق نفسه. ورغم أن ماكرون المصمم على طرح نفسه كوسيط في الأزمة الأمريكية الإيرانية المتقلبة، لا يفقد الأمل في انتزاع التنازلات من إيران حول الملف النووي الإيراني المتفجر، وترديده أن” أمله من الولايات المتحدة ومن النقاشات على مستوى مجموعة السبع هو توضيح الاستراتيجية لدفع الإيرانيين إلى التحرك”، عن طريق تخفيف العقوبات الأمريكية التي تستهدف النفط الإيراني، مقابل احترام طهران مجددًا للاتفاق النووي وفتح مفاوضات جديدة حول برنامجها الباليستي ودورها الإقليمي المدمر، إلا أن ترامب انتقده بشدة وحذره بالقول: إن “لا أحد سوى الولايات المتحدة يتحدث باسمها”. ولم تنته مواقف الرئيس الأمريكي عند هذا الحد، بل تواترت وتوالت التصريحات من ترامب وأركان إدارته المشددة على عدم تقديم أي تسهيلات للجانب الإيراني قبل إنجازه للمتطلبات الأمريكية والعربية والدولية؛ الرامية إلى تحجيم التوسع والتوحش الإيراني، ودفع النظام للالتزام بمبادي السلم والأمن الدوليين وعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى وحسن الجوار، وهي مبادئ لم يؤمن بها، أو يمارسها النظام الإيراني يومًا. ويظل السؤال المطروح: لكم من الوقت سيسير النظام الإيراني على الحبل المشدود بين عقوبات خانقة وتصعيد لا يصل لحد الحرب الشاملة، ومتى سيسقط حكام طهران في مستنقع ظلوا يراكمون أخطاره 40 عامًا؟. الناقلة الإيرانية على صعيد آخر، أعلنت وزارة المالية اللبنانية أمس أنها لم تتلق بلاغا رسميا بشأن رسو الناقلة الإيرانية، التي تطاردها واشنطن، في الموانئ اللبنانية. وكان وزير الخارجية التركي، مولود شاوش أوغلو، صرح في وقت سابق الجمعة، أن الناقلة الإيرانية “أدريان داريا1” في طريقها إلى لبنان، وليس إلى تركيا ، كما أشارت من قبل وسائل إعلام روسية، حيث لاتزال الناقلة تراوغ العالم بعد أن حذرت الولايات المتحدة الأسبوع الماضي أي دولة من مساعدة الناقلة. وأكدت الخارجية الأميركية، أن مساعدة الناقلة الإيرانية التي غادرت سواحل جبل طارق، قد ينظر لها كدعم لـ”منظمات إرهابية”. إلى ذلك، ناقش وزراء الخارجية الأوروبيون في العاصمة الفنلندية هلسنكي، كيفية حماية حرية الملاحة في الخليج ، وقالت وزيرة الدفاع الألمانية أنيجرت كرامب-كارنباور التي شاركت أيضا في مباحثات مع وزراء من دول الاتحاد الأوروبي في العاصمة الفنلندية: “إننا نسعى من ناحية لضمان حرية الطرق البحرية”. ولايزال أمن الملاحة في الخليج يشغل العديد من الدول، وعلى رأسها الولايات المتحدة، لا سيما بعد الاعتداءات التي استهدفت ناقلات نفط خلال الأشهر الأخيرة وشدد وزير الدفاع الأميركي مارك إسبر على أهمية حماية الملاحة في الخليج وبحر العرب وباب المندب، مؤكداً أنها تسير بشكل جيد ، لافتا إلى أن هدف العملية مزدوج، وهو أولاً ضمان الملاحة للسفن التجارية، وهذا أمر ضروري للاقتصاد العالمي وثانيا ردع أي استفزاز أو نزاع في المنطقة.
مشاركة :