د. نورة المزروعي: الفنون تكافح السلوك العدواني

  • 9/1/2019
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

تعتقد الكاتبة الإماراتية د. نورة المزروعي أن العلم مطلب أساسي في الحياة، وحينما يكتسب الإنسان المعرفة تكون على عاتقه رسالة إيصال تلك المعرفة إلى الآخر عبر منصات عدة، واحدة منها الكتابة. تقول: قال الله تعالى في كتابه: [وقلْ رَبِّي زِدْني عِلْمًا]. أنا أكتب لأني أحب أن أنقل تجربتي ومعرفتي إلى الآخر، أيًّا كان هذا الآخر. وتضيف أنه، وبفضل ثورة المعلومات الهائلة والتغير السريع، نرى أن الجيل الحالي فقد بعضاً من أصالته وربما جزءاً من هويته، فإن لم يكن هناك وعي تربوي وأخلاقي كافٍ، سوف ينفد ما تبقى منا. كتاباتي تركز في مضامينها على الجانب الأخلاقي التثقيفي. وعن بداياتها مع الكتابة توضح: انطلقت انطلاقة خفية في عالم الكتابة منذ صغري، وكنت أكتب خواطري ويومياتي، ثم أمزقها. كانت الكتابة وقتها حواراً مع الذات لاكتشاف من أنا في هذا العالم؟ ولكن الانطلاقة الحقيقية كانت في عام 2005، حينما كنت أحضر لشهادة الماجستير في الولايات المتحدة الأميركية. تلقيت أسئلة كثيرة عن بلادي؛ فالشعب الأميركي بطبيعته فضولي في التعرف على ثقافات الآخر. وحينما كثرت الأسئلة داخل وخارج قاعة الدراسة، قررت أن أكتب مقالات في مجلة أريزونا الأميركية، مقالات تعريفية وتثقيفية بتاريخ وثقافة دولة الإمارات، وبعادات وتقاليد وطبائع أهل الخليج. وجدت الكتابات صدى وتفاعلاً جعلا جامعة أريزونا تختارني مسؤولة تنظيم الحفلات السنوية التي تشارك فيها دولة الإمارات ودول المجلس التعاون الخليجي. ثم بدأت أكتب مقالات أكاديمية في مجلات عالمية. ونشرت أطروحتي في كتاب بعنوان «العلاقات الإماراتية السعودية» وفاز بجائزة العويس لأفضل كتاب يكتب عن دولة الإمارات العربية المتحدة لعام 2017. ومن ثم بدأت أكتب بشكل دوري في الصحف المحلية. ولأن موهبة الكتابة لا تغتني وتتطور إلا بفضل القراءة وسعة الاطلاع، تقول نورة: بالنسبة لقراءاتي، أنا أقرأ في مجالات عديدة، خاصة في الدبلوماسية الثقافية والتاريخ الإسلامي، وأثمن كل ما قدمته الحضارة الإسلامية للبشرية، وتستهويني الكتب الأدبية والفنية. وبعد انتهاء برنامج الدبلوم المهني لخبير التسامح الذي شاركت فيه في كلية محمد بن راشد في دبي، أصبح جل اهتمامي حالياً ينصب حول كيفية توظيف فكرة التسامح عبر الثقافة والفنون. الثقافة هي إحدى الأدوات السياسية الذكية الناعمة، وهي تعد اللبنة الأساس للتواصل بين الحضارات والشعوب، ولها دور رئيسي في بناء الجسور بين شعوب العالم. وتضيف د. نورة المزروعي: الجانب الثقافي يحظى باهتمام متزايد لدى صناع القرار، حيث تشجع حكومة دولة الإمارات على دراسة الفنون في الجامعات والكليات، وكذلك توظيفها في المجتمع. فالفنون والثقافة مطلب أساسي ويمكن من خلاله محاربة التطرف الفكري والسلوكي باستخدام أدوات دبلوماسية (القوة الناعمة). الفنون جزء لا يتجزأ ضمن نطاق الدبلوماسية الناعمة، وليست فقط ضمن اختصاصات عمل الدول ومؤسساتها، بل يتحمل الأفراد قسطاً من المسؤولية. تفضل د. نورة المزروعي القراءة من الكتاب الورقي «لأن القراءة من متن الكتاب تشعرني بوجود صديق معي، ألا وهو مؤلف الكتاب. وحينما أنظر إلى مكتبتي أستشعر وجود مؤلفين كثر في بيتي، لكن القراءة عبر الأجهزة لا تمنحني هذا الإحساس». وهي تؤكد أنها تقرأ لكثير من المؤلفين، وكان عندها دائماً فضول لاقتناء كتب علماء المسلمين والتي لم تكن متوفرة أثناء الفترة الدراسية، لافتة إلى أهمية توفر المعرفة الكافية لأشهر العلماء المسلمين ونشأتهم وأهم إسهاماتهم العلمية. وتضيف قائلة: من بين الكتب الغربية التي اقتنيتها بالصدفة «كتاب الموسيقا الكبير» للفارابي، لقد استوفى هذا الكتاب جوانب صناعة الموسيقا نظرياً وعملياً، حيث اعتمدت عليه أبحاث الكثير من الغربيين، وأصبح له دور كبير في تطوير علم الموسيقا والمقامات، وجعلها ثرية بتفاصيلها الدقيقة وقواعدها الرياضية المتطورة. حيث تمكن هذا العالم من صنع آلة القانون وأدخل تحسينات على ما يقارب 30 آلة موسيقية مختلفة بالقياسات الدقيقة وبقواعدها الفيزيائية. والكثير من الأبحاث تؤكد لنا أن التقدم في حقل الموسيقا الذي شهدته أوروبا، استند في مرجعيته إلى أبحاث وعلوم المسلمين. وهذا يشير إلى التمازج الحضاري والإنساني بين الشرق والغرب. وحول النهضة الثقافية والفنية في دولة الإمارات، تؤكد نورة أن هناك اهتماماً كبيراً توليه الدولة للثقافة والفنون بما فيها دعم المثقفين والمفكرين؛ ولكن ما زلنا بحاجة إلى آليات مبتكرة لاكتشاف «الكنوز الدفينة» المواهب الإماراتية. أتمنى بأن تكون إحدى خطط وزارة اللامستحيل ابتكار وسائل لاكتشاف تلك المواهب، ويمكن لوزارة الثقافة، بالتعاون مع وزارة اللامستحيل، وضع خطط تمكن المؤسسات والهيئات في الدولة من تبني الموهوبين. في إحدى المحاضرات التي تتعلق بأهمية الفنون كأداة للقوة الناعمة في أكاديمية الإمارات الدبلوماسية تم اكتشاف تسعة موهوبين في الرسم والنحت، والعزف والغناء، وكذلك أكثر من 15 طالبة في جامعة زايد موهوبات في الفنون الحركية، الفنون البصرية، والفنون التشكيلية والفنون التطبيقية. لذا، يجب وضع سياسات لرعاية تلك المواهب وصقلها، فالفنون يمكن أن تلعب دوراً مهماً في مكافحة السلوك العدواني وتعزيز التسامح وقبول الآخر. جديد الباحثة تعمل الدكتورة نورة المزروعي حالياً على ابتكار برنامج اكتشاف المواهب الإبداعية للأطفال، وماهية الوسائل المبتكرة لتطوير تلك المواهب. ومن خلال تلك البرامج يمكن للطفل تعلم أساسيات الثقافة والفنون. والهدف توفير الأنشطة التي ترعى هواياتهم ومواهبهم ومساعدتهم في اكتشاف ذواتهم. وهناك مشروع آخر تعمل عليه، وهو استئناف تاريخ الحضارة الإسلامية عبر مسارح الدولة لتعزيز مفهوم التسامح.

مشاركة :