اشتهرت لغة الجسد في بداية التسعينيات كإحدى تلك المهارات التي يستطيع فيها ممارسها قراءة ما يريد العقل قوله دون نطق اللسان، في حين كانت لغة الخطاب الكلامي هي الوسيلة المتعارف عليها بين الناس للتواصل فيما بينهم.واليوم في ظل الزخم التكنولوجي المعاصر وتضافر الجهود العلمية يتم الاستفادة من هذه التقنية في عدد من المجالات منها الاقتصادية، حيث تستخدم التقنية في معظم الأجهزة التي يستهلكها الأفراد بما في ذلك الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر المحمولة المنتجة من شركات كثيرة، كما استخدمت في تطبيقات إلكترونية متعددة بهدف التعرف على هوية المستخدم الأصلي.في وقت سابق من هذا العام قدمت إحدى الشركات الصينية «Megvii» والتي تعمل في مجال تطوير أنظمة الذكاء التكنولوجي طلبا بإدراج أسهمها لدى سوق البورصة المالي في «هونغ كونغ».هذا الأمر أثار مخاوف مختصين بشأن تطويرات تلك التقنية واستخدامها لمراقبة واختراق البيانات والمعلومات داخل أسواق البورصة، مما جعل البيت الأبيض يقدم تقارير تفيد بأن الولايات المتحدة الأمريكية عازمة على إضافة شركة Megvii في القائمة التجارية السوداء ومنعها من التعامل مع الشركات الأمريكية.وتعمل التقنية الصينية على اكتشاف الوجه البشري بإنشاء نموذج محدد، حيث يمكن بعد ذلك التحقق ما إذا كانت تلك النماذج تطابق الصورة الأصلية.وترتبط تلك التقنية بقاعدة بيانات أوسع تحتوي على خرائط وملامح للوجه لعدد غير محدد من الأشخاص، ومن ثم يتم مقارنتها والحصول على النتيجة المتطابقة، إضافة إلى أن التقنية تستخدم لاكتشاف العواطف وتتبع نظرة العين وإيماءات الجسد وحتى تقييم الحالة الصحية من خلال فحص جلد الشخص.وأسهمت التقنية التي جعلت من بكين مقرا لها، في المساعدة للقبض على آلاف الخارجين عن القانون.ولكن ماذا لو تمت إساءة استخدام مثل هذه التقنية الذكية؟أصبحت التقنية موضوعا مثيرا للجدل بشكل متزايد في هونغ كونغ نفسها، بسبب المخاوف من إمكانية استخدامها لإجراء عمليات فحص هوية الوجه واختراق خصوصية الأفراد.وتحدثت العديد من المصادر عن استخدام كبرى الشركات لبرمجيات غير تقليدية واستخدام البيانات الخاصة وتحليلها لمراقبة سلوك وأداء العملاء، وربما الأكثر خطورة هو اختراق بيانات أكثر خصوصية وسرقة أسرار تجارية.ويمكن تخيل تنفيذ جهاز قرارات الشراء والبيع في أسواق البورصة آليا وتحقيق النجاح بعد فحص القرارات الاستثمارية لآلاف العملاء ومعرفة خطواتهم من خلال تحليل ملامح الوجه لإدراك مشاعرهم وما يعبرون عنه لحظيا، ومعالجة تلك البيانات وتخزينها وربطها بسلوكيات أشخاص آخرين من أجل استخلاص توصيات وقرارات مناسبة.وكانت شركة Megvii قد أعلنت عن خسائر في السنة المالية الأخيرة بلغت 468 مليون دولار، كما سجلت خسارة بقيمة 727 مليون دولار للأشهر الستة الأولى من هذا العام.كما أعلنت في وقت سابق عن تنفيذها مشاريع تقدر قيمتها بـ4 مليارات دولار، وأشارت إلى أن جزءا من عائدات بيع الأسهم سيتم استخدامها لتمويل المزيد من مراكز الأبحاث والتطوير.وقدمت الشركة سردا لقائمة طويلة من المخاطر المحتملة على أعمالها بما في ذلك الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة.وعلى صعيد دول العالم فقد ذكرت صحيفة فاينانشال تايمز أن الاتحاد الأوروبي يعتزم وضع لوائح جديدة لتقييد استخدام هذه التقنية وإخطار المواطنين عند نشر تلك اللوائح، أما في الولايات المتحدة فقد منعت ثلاث مدن من استخدام مثل هذه التقنيات.
مشاركة :