استبشر الغيورون على وطنهم - قبل سنوات - من أن الحكومة على وشك حل مشكلة الإقامات عبر الغاء نظام الكفيل، وتفاءل الحريصون على هذا الوطن بقرب نهاية العار الدولي، الذي يلاحقنا وتباكى الخاسرون من هذا القرار وأطلقوا التحذيرات واختلقوا القصص الخيالية، في سبيل عدم العمل بقانون... لو انه شُرع وتم تطبيقه لأصبحت الكويت قدوة عالمية في حفظ واحترام حقوق العمالة وليس بمثل ما نواجه اليوم من اتهامات مستمرة وورقة ضغط تستخدم ضدنا، بسبب حماقات بعض مُرتزقة الإقامات الذين لا يرون في وطنهم إلا مالاً يُجمع من دون إعطاء أي اعتبار أو اهتمام لما قد يترتب من وراء ذلك.فهؤلاء لم يتقوا الله ثم عباده عندما باعوا الأوهام لمن سيجلبونهم، عبر تصويرهم لهم من أن سفرهم سيحوّل حياتهم إلى رغد فيصدمون بواقع مختلف، ولكن بعد فوات الأوان، فلا توجد خطوط رجعة لهم لأن معظمهم باع كل ما يملك واستدان حتى يوفّر حياة كريمة له ولأسرته، فيضطر لبذل كل ماهو متاح بأي شكل من الأشكال، فحياته أصبحت مهددة، ومع وجود بيئة صالحة لكسر القانون، فقد تم إنتاج مجرم عبر مصانع الإتجار بالبشر.لو رجعنا إلى الوراء قليلاً وإلى ما قبل توزيع الجواخير والحيازات الزراعية، وظهور المشاريع الصغيرة والكرم الحكومي في إعطاء العقود... فسنجد أن الوضع لم يكن كما هو عليه اليوم، أي أن المشكلة ليست في الشركات والمُلاك القدماء، بل إنها طارئة ومتسارعة وبدأت تخرج عن السيطرة وتجاوزت المعقول واللا معقول، حتى بدأنا نلاحظ ظاهرة غريبة في مجتمعنا تتمثل في ارتفاع سقف الهجوم على الوافدين من قبل البعض دونما التمييز ما بين الضار والنافع للبلد، وبشكل عنصري دخيل له تبعات خطيرة في زرع الأحقاد وشحن الأنفس.جزء كبير من كارثة العمالة الهامشية والسائبة تتحملها الحكومة ومجلس الأمة، فالقوانين المعمول بها حالياً لا تواكب المستجدات التي طرأت على الساحة الاقتصادية واحتياجات الاسر الكويتية، بالإضافة إلى أن الجهات الرقابية المسؤولة عن ملف العمالة لديها قصور في واجباتها تجاه هذا الانفلات، فمن غير المعقول أن يقوم المواطن بدور المسؤول في تحديد أماكن المخالفين للقانون عبر نشر فيديوات وصور لا تحتاج للكثير من الجهد والتفكير. فتراخي الجهات المختصة واضح ومثير للاستغراب أمام قنبلة موقوتة يبدو أن فتيلها قد بدأ في الاشتعال وتأثيرها أصبح واضحاً للعيان، فكمية التسيب الحاصلة تبرر للمواطن بعض تصرفاته السلبية، عندما يجد من أوكلت إليهم الأمانة بعيدين عن دائرة الحدث والحقوق المتبقية له بلا حماية، كأمنه الغذائي والاجتماعي ومستقبله الوظيفي وزيادة معدلات الجريمة، فجميعها أصبحت كابوساً يقلق المواطن في ظل عدم وجود خطة عمل حقيقية تعالج وتنهي هذه الظواهر الإجرامية.على الجهات المسؤولة سرعة إيجاد حلول، فعدد الوافدين الذي يدخل بشكل يومي غير منطقي، وأكبر من حاجة العمل ولا يتقبله عقل ويعتبر خطراً يهدد سيادة أي دولة، عندما يكون هناك مساس مباشر بالتركيبة السكانية، فسرعة التحرك مطلوبة، حتى وإن تطلب الأمر وضع خطة طوارئ تحمي كيان الدولة، وحتى لا يصبح المواطن غريباً في وطنه. فعلى سبيل إيجاد حلول هناك فكرة إنشاء شركة مساهمة يكون للدولة بها نصيب الأسد، وإشراك القطاع الخاص فيها إدارياً واستثمارياً، وأن يكون المواطن أحد مساهميها، هذه الفكرة ستكون مجدية وستقضي على الكثير من المشاكل التي نعاني منها، وستقطع الطريق على سماسرة السوق السوداء في الداخل، وبائعي الأحلام في الخارج، عندما يكون العمل إلكترونياً مستفيدين من تجربة ديوان الخدمة المدنية الرائدة في التوظيف، مع بعض الاستثناءات لمهن محددة، بقوانين صارمة يطوى معها ملف يعتبر نقطة سوداء في إنسانيتنا. * كاتب كويتي
مشاركة :