* طغت السياسة على الأدب في حياة بينجامين ديزرائلي Disraeli 1804-1881م، فهو كما يذكر قاموس كيمبردج للأدب الإنجليزي قد كتب القصة قبل أن يبلغ العشرين من عمره، وإضافة إلى هذا البُعد الأدبي في حياته إلاّ أن اسمه ارتبط أيضًا، وبقوة بالسياسة، حيث يعتبره البعض أول شخصية يهودية شغلت منصب زعامة حزب المحافظين، ومن ثم رئيسًا للوزراء في 1868م. * وبعد ما يقرب من مئة وخمسين عامًا يبزغ اسم يهودي سياسي آخر، ولكنه عمالي هو إدوارد صومائيل ميلباند Miliband لينافس ديمقراطيًّا على الوصول إلى داوننج ستريت في الانتخابات المقبلة، مع مطلع الشهر المقبل «مايو»، وكان «إيد» وأخوه ديفيد أعضاء في حكومة جوردون براون العمالية، والتي تعتبر امتدادًا لحكومة توني بلير، والتي استمرت في قيادة المملكة المتحدة لمدة 13 عامًا. *وقد هاجرت أسرة «ميلباند» في عام 1940 من بولندا، وكانت اللغة التي تتحدث بها الأسرة هي اليهودية القديمة «اليديشية» Yiddish، ويبدو أن عدم الالتزام الديني اليهودي لهذه الأسرة، التي ينتمي إليها «ميلباند» جعل من أفرادها قادرين على الانفتاح على الآخر، ولهذا فإن والدة ميلباند كانت ترأس كرسيًّا علميًّا يهتم بتحقيق العدالة للفلسطينيين داخل إسرائيل، كما أن رب الأسرة Ralph كان منفتحًا على شخصيات تنتمي إلى تيار اليسار الداعم لحقوق الجماعات والتيارات المختلفة، ومن هذه الشخصيات المفكر البريطاني ذو الجذور الهندية طارق علي، والناقد الثقافي دايموند ويليامز Williams، والمؤرخ والكاتب E. P. Thompson، والنائب العمالي الراحل الداعم للحقوق الفلسطينية توني بين Benn، وجميعهم واجهوا مقاومة من الفكر اليميني، أو المحافظ المتشدد. * اتسمت سلوكيات إيد وأخيه ديفيد، الذي شغل منصب وزير الخارجية في حكومة «براون» بانتقاد السلوكيات الإسرائيلية المتطرّفة والخارجة على القانون الدولي. ولم يخلُ البرلمان، وحزب العمال على وجه الخصوص من أسماء يهودية ترفع صوتها بقوة بين الحين والآخر في مجلس العموم، داعمة قيام الدولة الفلسطينية المستقلة، وفي مقدمتهم النائب اليهودي جيرالد كوفمان Kaufman، والوزير السابق جاك سترو Straw . * وعندما تم التصويت في مجلس العموم قبل مدة وجيزة على قيام الدولة الفلسطينية، كان «ميلباند» وحزبه داعمين لهذا القرار غير الملزم، بينما تغيَّب رئيس الوزراء كميرون المعروف بميوله الصهيونية، ومعظم أعضاء حزبه عن الجلسة، وهو موقف يذكِّر بالأيديولوجية التاتشرية. * ولهذا فإنه يفترض في المؤسسات العربية المعنية بالحق الفلسطيني -داخل بريطانيا وخارجها- أن تقوم بفتح قنوات سياسية وفكرية على حزب العمال وقياداته، وهذا لا يعني بحال من الأحوال إغفال حزب المحافظين، وهذا النهج هو ما تفعله الحركة الصهيونية دومًا، حيث تنفتح سياسيًّا على جميع التيارات والأحزاب والتوجهات.
مشاركة :