جاء قرار مجلس الوزراء قبل شهر بفرض رسوم على الأراضي البيضاء داخل النطاق العمراني للمدن والمحافظات والمراكز وقيام مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية بإعداد الآليات والترتيبات التنظيمية لذلك، في وقته المناسب ليحسم الكثير من الجدل والتكهنات التي طغت طوال الفترة الماضية على كل النقاشات المجتمعية المتعلقة بسوق العقار، ولتضع الإرادة الملكية حدا لكل الممارسات والخلل والتجاوزات التي شوهت هذا السوق وعانى منها طويلا وضيقت على المواطنين فرص أو "حلم" تملك أرض وبناء مسكن، لتلامس القيادة بذلك هم الكثير منهم، وتؤكد مجدداً أنها قريبة من كل همومهم واحتياجاتهم وأنها تتدخل متى ما لزم الأمر ذلك لضبط الأمور أو حسمها متى دعت الحاجة. ويتناغم هذا القرار التاريخي مع حزمة القرارات التي أقرتها الدولة مؤخرا بهدف تسريع وتسهيل فرص تملك المواطن للأرض وبناء السكن، ورغم أن آليات تطبيق القرار لا تزال تدرس داخل أروقة مجلس الشؤون الإقتصادية والتنمية إلا أن انعكاساتها وتأثيرها باتت تلوح في الأفق نوعاً ما في سوق العقار، في وقت نلحظ فيه تباينا في وجهات النظر بين المحللين والاقتصاديين والعاملين في قطاع العقار والتطوير العقاري حول النتائج المتوقعة على السوق وماستكون عليه أسعار الأراضي حال تطبيقه. ويبقى التحدي الأكبر هنا في سرعة إقرار آليات فرض الرسوم وتطبيقها بشكل عاجل والاستمرار في متابعة تفعيل القرار لكبح جماح الاحتكار وخفض الأسعار للمستوى المعقول، كما يتطلب القرار حزمة من التنظيمات والتشريعات الاخرى التي ينبغي أن تدعم وتتكامل مع هذا قرار فرض الرسوم ليؤتي فاعليته المرجوة ويلمس المواطن نتائجها على أرض الواقع كتفعيل بعض الأنظمة السابقة وتسريع الإجراءات الحكومية ذات العلاقة بتعاملات هذا السوق وتسهيلها بما ينسجم مع توجه الدولة لتنظيم سوق العقار وإعادة ضبطه. "ندوة الثلاثاء" لهذا الأسبوع تناقش مع عدد من المختصين من عقاريين ومطورين ومستثمرين في سوق العقار هذه القضية الساخنة وأبعاد القرار واستشراف تأثيره على أسعار الأراضي سعياً لتقديم رؤى واقعية تسهم في تكامل الصورة بما يخدم المشروع في قراره النهائي المنتظر صدوره قريباً. ليست حلاً في البداية تحدث "عجلان العجلان" عن الرؤية العامة لقرار مجلس الوزراء لدراسة فرض رسوم على الأراضي البيضاء وانعكاساته على قطاع العقار والإسكان بشكل عام قائلاً: إن القرار ينص على دراسة فرض رسوم على الأراضي البيضاء داخل النطاق العمراني، مضيفاً أنه إذا نظرنا إلى القرار ومسبباته نجد الهدف هو حل مشكلة الإسكان في المملكة، مبيناً أنه من حيث المبدأ لا اعتراض، لكن الرسوم ليست هي الحل؛ لأنه لو نظرنا إلى المشكلة نجد أن لها أسباباً كثيرة متمثلة في بطء الإجراءات الحكومية وطولها وسلامة الصكوك، وكذلك يستغرق استخراج التصاريح والرخص من الجهات الحكومية المختلفة وقتاً طويلاً، مؤكداً على أنه إذا استطعنا تقليل الفترة الزمنية الخاصة باستخراج التصاريح والمخططات المتعلقة بتطوير الأراضي السكنية فسوف نخلق المزيد من العرض للأراضي الصالحة للسكن، مما يخلق كذلك توازناً في أسعار العقار. العجلان: السوق العقاري تشوبه الفوضى والرسوم ليست حلاً دون تسريع إجراءات المستثمرين أهداف أخرى وعلّق "ماجد الحقيل" قائلاً: إن قرار مجلس الوزراء هو عبارة عن توجه لفرض رسوم على الأراضي البيضاء داخل النطاق العمراني من أجل إيجاد منفذ لانخفاض أسعار الأراضي، مضيفاً أن مجلس الوزراء كان واضحاً في لائحة القرار الذي نص على إعداد الآليات والترتيبات التنظيمية لفرض رسوم على الأراضي البيضاء داخل النطاق العمراني، والهدف من ذلك في الأساس هو حل مشكلة الإسكان، مبيناً أن فرض الرسوم على الأراضي له أهداف أخرى مختلفة مثل دعم البنية الأساسية ورسم التوجهات المستقبلية، وكذلك تنظيم أسعار الأراضي، ذاكراً أن هناك استراتيجيات كثيرة عادة ما تلعب الرسوم دوراً أساسياً فيها، من أجل إيجاد حلول لمثل هذه المشاكل على المدى القصير أو الطويل، لافتاً إلى أن قرار مجلس الوزراء يعمل على إعداد آليات وترتيبات تنظيمية لفرض الرسوم، وأن منبعها هو فهم الاستراتيجية الحقيقية والمنفعة العامة، وأنه ربما ستكون هناك أكثر من استراتيجية لكنها ستنحصر في اثنتين هما؛ استراتيجية دعم البناء داخل المدن للحد من توسع المدينة، وهذه سيتمخض عنها ضريبة احتواء العقار دون تطوير، وثانياً استراتيجية التنفيذ، والتي تتعلق بفرض ضريبة التنفيذ، وهي تستخدم للحد من المضاربة في الأراضي. الحقيل: العقار يعاني تداخل الصلاحيات ومتفائل بالدور الجديد للمجلس الاقتصادي وأضاف: القرار غير واضح الأهداف سوى حل مشكلة الإسكان، لكن في الحقيقة أن لها أكثر من سبب كبطء الإجراءات، وعدم وجود شفافية، وأحياناً نجد أن هناك تداخلاً في صلاحيات بعض الوزارات في عملية استخراج الصكوك، كذلك عدم توفر البنية الأساسية في البلد، إذ يمكنك أن تتوسع في البناء السكني لكن لن تجد تلك البنية، متوقعاً أن يكون للرسوم أهداف أخرى، فعلى سبيل المثال نرى أن المدن قد توسعت بشكل كبير وأن البنية الأساسية فيها تحتاج إلى صيانة لوقت طويل، وهنا قد تكون للرسوم فوائد في هذا المجال. أنظمة التمويل وأوضح "إبراهيم الدرويش" أن القرار الذي صدر ينص على فرض رسوم على الأراضي البيضاء داخل النطاق العمراني، لكن الآلية الخاصة به لم تصدر حتى الآن، متسائلاً: هل هي رسوم أم ضرائب؟، لأن هناك فرقا بينهما، مضيفاً أن الرسوم لها شرطان؛ فإذا كانت صادرة لتخفيض قيمة الأرض يجب أن تصدر خلال سنة الآلية بشكل كامل، وإلاّ سيكون هناك تأثير عكسي؛ لأن الناس متوقفون عن البيع والشراء مما قد يتسبب في حالة ركود، الشرط الثاني أن يتبعها حزمة من القرارات المتكاملة في شكل منظومة، متسائلاً: كيف سيكون نظام الجباية بالنسبة للرسوم؟ مبيناً أنه قد تعدل بعض الأنظمة إذا تم تخفيض أسعار الأراضي، وستكون هناك زيادة في الطلب، وحتى تكون هناك زيادة يجب أن تكون هناك قدرة شرائية، وبالتالي يجب معالجة أنظمة التمويل أو أنظمة الاعتماد، حيث اننا لو خفضنا أسعار الأراضي فقد لا نجد من يشتري لعدم وجود المال الكافي لديه، فمثلاً لو خفضنا قيمة إحدى الأراضي من مليون ريال إلى (700) ألف ريال فقد لا نجد لها مشتر بهذا السعر، إذاً لا بد من علاج للمنظومة الائتمانية، مشيراً هنا إلى الإجراءات الخاصة بالتطوير وكيفيته، فإذا لم يتبع هذا النظام عدالة فلن يكون حليفه النجاح، ومثال على ذلك نظام القصَّر، حيث انه إذا بقيت أراضيهم فإنها ستتآكل؛ لأن النظام لدينا يتطلب أن تبقى الأرض محتفظاً بسعرها، ولو أُستثني أصبحنا بدون عدالة، كذلك هناك من لديه أرض وليس لديه مال، ففي هذه الحالة لا بد من إقرار نظام الائتمان أو التمويل، مُشدداً على أهمية أن تكون الأنظمة متوائمة مع بعضها البعض، وأن يتم تحديد نظام الجباية والتحصيل، وأن تكون الآلية واضحة مع تميزها بالعدالة في هذه الحالة. الدرويش: فاعلية القرار تتطلب الشفافية والعدالة وآليات الرسوم يجب أن تصدر سريعاً لمعالجة الركود وتوقع أن تكون لذلك ردود فعل عكسية على الأسعار، خاصةً إذا كان القصد من النظام تخفيض أسعار الأراضي، ولو سلمنا جدلاً أنه تم تخفيض سعر الأرض، فهل يعود ذلك على المسكن؛ لأن الهدف من شراء الناس للأرض هو بناء مسكن. أراضي القُصّر وعن أراضي القُصّر التي هي تحت سلطة الدولة، أكد "إبراهيم الدرويش" على أن العدالة تحتم ذلك، لأن هناك أراضي للدولة والقانون يطبق على السوق بشكل عام، مضيفاً أن المطلوب تطبيق الرسوم بعدالة وترك الآلية للسوق من حيث العرض والطلب، مبيناً أنه لا يجوز أن يُزاد على فرد - مثلاً - في الرسوم دون أن يفعل شيئاً، حيث سيضطر أن يزيد في السعر على الآخر، خاصةً إذا كان غيره لا يُزاد عليه، وقد يترتب على ذلك توقف الأراضي دون استخدامها، موضحاً أنه إذا طُبقت الرسوم بشفافية وبنظام جباية واضح وبعدالة وبجميع الأنظمة بشكل متكامل مع بعضها البعض فإن ذلك سيؤثر على سعر الأرض في حدود (15%). أنظمة معطّلة وقال "ردن الدويش": إن قرار فرض رسوم على الأراضي جاء في الوقت المناسب، وبإذن الله سيكون داعماً قوياً للتنمية والاقتصاد، وسيساهم مباشرة في كل المشروعات التنموية، وليس الأمر مقتصراً على المساكن، لأن جميع المشروعات يمكن أن تتعطل لسبب الأراضي، خاصةً المنشآت المتوسطة والصغيرة، ولعلكم تدركون مدى تأثير هذه المنشآت في دعم الاقتصاد في جميع دول العالم، حيث نجد أن معظم مشروعات الشباب رائعة لكنهم يصطدمون بمشكلة الأرض واحتكارها وعدم البيع، وبالتالي فإن الرسوم ستساهم في جعل ملاك الأراضي يتحركون في بيع أراضيهم مما يؤدي إلى زيادة الأراضي المعروضة للبيع ومن ثم تقل الأسعار، مضيفاً أن الرسوم فقط غير كافية لأن هناك آلية سبق أن طرحت ولم تكن كافية ومجدية، والآن لدينا نظامان معطلان تماماً وهما نظام هيئة التثمين، والنظام الخاص بالتسجيل العيني، مبيناً أن نظام هيئة التثمين يتعلق بمعرفة سعر ومالك الأرض؛ لأن هناك كثيراً من الأراضي فيها أكثر من صك وبالتالي يترتب على ذلك مشكلة في قضية الملكية، وهذا من باب التعطيل في التسجيل العيني، ذاكراً أنه إذا لم يتم تفعيل نظام التسجيل العيني سيكون نظام فرض الرسوم على الأراضي مثل نظام التسجيل العيني الذي صدر عام 1423ه لكنه إلى الآن مازال معطلاً، وهو نظام مرتبط مباشرة بنظام فرض الرسوم، مشيراً إلى أن هيئة نظام التثمين الذي تم إقراره منذ فترة من قبل وزارة التجارة مرتبطة كذلك بنظام الرسوم لكنها مازالت أيضاً معطلة منذ عامين تقريباً، متسائلاً: كيف نستطيع أن نفرض رسوماً على أراض ونحن لا نعرف ثمنها وقيمتها الحقيقية؟ بل ولا أعرف من يملكها؟ الدويش: رسوم الأراضي جاءت في وقتها وينبغي أن تتناغم مع نظامي التثمين والتسجيل العيني وأكد على أن نظام رسوم الأراضي إذا تم تطبيقه على الجميع سيكون داعماً للاقتصاد والتنمية مع تضرر البعض؛ لأنه دائماً ما نجد في كثير من الأنظمة التي تصدر أضراراً جانبية، مبيناً أن لدينا مشكلة في إصدار القرارات تتعلق بعدم متابعة القرار بعد صدوره؛ لأن إصدار نظام الرسوم دون تنفيذه بلا شك سيضر بالعقار، وسيؤدي أيضاً إلى إخراج كثير من العقاريين من السوق، مُشدداً على أهمية تنفيذه مباشرة دون تأجيل، وبشكل متناسق مع الأنظمة الأخرى مثل نظام هيئة التثمين، ونظام التسجيل العيني. نحتاج منظومة من الإجراءات وتداخل "عجلان العجلان" قائلاً: إن فرض الرسوم على الأراضي ليس حلاً سحرياً، كذلك ليس من المعقول أن نقول ان فرض الرسوم سيؤدي مباشرة إلى تخفيض أسعار الأراضي، مضيفاً أنه من أجل تحقيق ذلك لا بد من وجود منظومة من الإجراءات؛ لأن العقار كغيره من السلع تخضع لنظام العرض والطلب، وأنه على متخذي القرار العمل على توفير الأراضي عن طريق تسريع وتسهيل الإجراءات الحكومية، وبالتالي زيادة العرض، ومن ثم يؤدي ذلك إلى توازن الأسعار، مبيناً أن فرض الرسوم سيتسبب في مشكلات كثيرة، ذاكراً أننا نعاني من أزمة الاسكان مما يتطلب توفير أراض، وهذا التوفير يحتاج التسهيل في الاجراءات للمستثمرين من أجل توفير ما نسبته (30%) من الأراضي، معتقداً أن هذه النسبة كافية من أجل خلق توازن في العرض، ومن ثم تحقيق توازن في الأسعار، لافتاً إلى أنه عندما تشتري أرضا خام بالمتر يؤخذ منها (40%) أي ما يقارب نصفها، وذلك عندما تقرر تطويرها، كذلك نلاحظ أن الدولة كانت تعمل بمهمة توفير البنية التحتية بشكل كامل، لكن اليوم يعمل بها المطور، وبالتالي تكاليف البنية التحتية تضاف إلى قيمة الأرض وتكلفتها، إضافةً الى ذلك هناك مخاطر على الأراضي، فعندما يتم شراؤها تحتاج الى تفريغ من كتابة العدل بواسطة موظفين حكوميين، وقد تحتاج إلى مبلغ "كاش" أو شيك مصرفي من أجل الحصول على الصك، وقد يكون بدون قيمة وغير معتد به، مما يزيد من المخاطر، وبالتالي يؤثر في السوق بأن لا تحصل على العائد والربح المالي الذي يوازي هذه المخاطر. مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية وطرح الزميل محمد الغنيم سؤالاً ل "ماجد الحقيل"، قال فيه: هل يعيش السوق فعلاً فوضى، وأنَّ هناك أكثر من جهة تتدخل في هذه المشكلة، ممَّا يزيد من تعقيدات الأزمة؟ وأجاب "ماجد الحقيل": في السابق كانت كل هيئة تسعى إلى تطوير البلد من خلال منظومة واحدة، فوزارة البلديات كانت لها أهداف استراتيجية، ووزارة الإسكان كذلك كان لها أهداف استراتيجية، وحتى على مستوى الهيئات نجد أنَّ كل هيئة لها استراتيجية بعينها، ولكن الآن نجد أنَّ وزارة التخطيط تلعب دورا في توحيد هذه الاجتهادات والاستراتيجيات، ولنفترض – مثلاً - أنَّنا نريد أن ندعم المقاولين من خلال تحفيز المواطنين على البناء، فهل لدينا عدد كافٍ من المقاولين في الوقت الحالي لتنفيذ المشروعات الكبيرة التي تنفّذها الدولة؟ مُضيفاً: نحن - بلا شك - لدينا ندرة في عدد المقاولين، وأرى أنَّ الرؤية الاستراتيجية الآن مختلفة، حيث انَّ العمل الحديث الذي يؤديه المجلس الاقتصادي من خلال وزارة الاقتصاد إذا تمَّ العمل حسب ما ينبغي، فإنَّ جميع القرارات التي ستصدر، ومن بينها قرار فرض الرسوم سيكون أكثر واقعية لحل جميع المشكلات الخاصة بسوق العقار. التحدي الأكبر في سرعة إقرار آليات التطبيق وتدعيمها بإستراتيجيات تقضي على ممارسات أصحاب المصالح وأضاف أنَّ شركة الكهرباء كانت في السابق تنظر إلى المصالح الخاصة أكثر من المصالح العامة، وأُؤكِّد على ما أشار إليه الزميل "عجلان العجلان" من أنَّه في السابق إذا أردت أن تُطوِّر مشروع ما نجد مضايقةً من إحدى الوزارات، لأنَّهم يعتقدون أنَّك حقَّقت أرباحاً؛ لذلك هم يحرصون على أن تتحمَّل كُلَّ شيء، ممَّا يزيد التكلفة، وحينما نأتي إلى وزارة البلديات نجد أنَّها كانت تعتقد أنَّه من الذكاء أن تستقطع أكبر عدد ممكن من الخدمات ليست من مصلحة الحي، أضف إلى ذلك أنَّها لم تساعد في التخطيط العمراني للمدن، حيث نجد أنَّ مبلغ ال (40%) الذي تمَّ استقطاعه لم تتم الإفادة منه، سوى الشارع الذي تمَّ تصميمه بطريقة لا يمكن أن نصفه معها بأنَّه صديق للحي، لذا فإنّني متفائل خيراً من خلال الهيكلة الجديدة الخاصة بالمجلس الاقتصادي والتنمية أو من خلال الدور المناط بوزارة الاقتصاد. حلول متكاملة وتداخل الزميل "م. فهد الصالح" المتخصص في مجال التخطيط العمراني، قائلاً: أُثنِّي على ما ذكره الإخوة المتحدثون، إلاَّ أنَّ لديَّ رأيٌّ فيما صدر من قرار يتعلّق بفرض رسوم على الأراضي البيضاء، إذ أرى أنَّه قرار يصب في مصلحة البلد في مجال التطوير العمراني، كما أنَّ القرار سيؤدي إلى طيّ صفحة المحتكرين العقاريين وفتح صفحة جديدة للمطورين العقاريين، خصوصاً في حال تمَّ وضع الآليات التنظيمية، التي تخدم القطاع العقاري، كما سيكون له دور كبير في التطوير العقاري. وأضاف: يجب ألاَّ يُنظر إلى هذا القرار على أنَّه سيُؤدي إلى حل مشكلة الإسكان، حيث انَّها مشكلة تحتاج إلى حلول متكاملة من عدة جهات، بيد أنّني أرى أنَّ هذا القرار هو حل لمشكلة الاحتكار، التي يعاني منها سوق التطوير العقاري، بل إنَّنا نجد العقاريين أنفسهم يعانون من هذه المشكلة، خصوصاً إذا أدركنا أنَّ هذه الأراضي بمساحات شاسعة ومخدومة بالعديد من الخدمات والمرافق، إلاَّ أنَّها – للأسف - محتكرة لعدد معين من التجار العقاريين، ممَّا تسبب في حرمان البلد من الإفادة منها في المجالات التنموية، ولن أنظر إلى هذه الأراضي من ناحية توفير السكن؛ لأنَّ توفير السكن للمواطن يحتاج إلى أمور كثيرة، كما أنَّ مثل هذا القرار قد يؤدي إلى رفع الأسعار، خصوصاً إذا عمل كل الملاك على تطوير هذه الأراضي، حيث سيحرصون على تعويض ما تمَّ دفعه في الوحدة السكنية، متسائلاً: هل سيكون هذا القرار داعماً ومحفزاً لأعمال التطوير العقاري المستقبلية إذا تمَّ إقراره؟ أين التحفيز؟ وتداخل "ماجد الحقيل" قائلا: في الواقع أنَّنا في المملكة ليست لدينا إحصاءات بعدد مُلاَّك الأراضي لكي تستطيع أن نبني عليها معلومة حول وجود احتكار من عدمه، والأمر الآخر هو أنَّه لا يوجد شخص يملك ما نسبته (1.4%) من أراضي المملكة، وكانت أكثر القطاعات التي تملك الأراضي هي القطاعات العسكرية، مثل: وزارة الدفاع والحرس الوطني، ووزارة الداخلية، ثمَّ بدأنا نسمع كثيراً في الفترة الأخيرة ترديد عبارة الاحتكار، ويا حبَّذا لو ركزنا من حيث البُعد الإعلامي على كلمة التحفيز، فلو كنت – مثلاً - أملك أرضاً صغيرةً كانت أم كبيرة، فما الذي يُحفّزني؟ وهل لديَّ قدرة ائتمانية للاقتراض؟ وهل لديّ قدرة على بناء بيتي؟ وهل هناك سوق تحفيزية، بحيث نجد مقاولين جيدين كشخص أو كمنظومة؟ الاستثمار في العقار وأكد "عجلان العجلان" على أن عائدات الدولة والصرف على المشروعات أدت إلى خلق طفرة داخل البلد، حيث نجد توجهاً نحو المستشفيات والمدارس والمولات، وجميعها بسبب ارتفاع الدخل، مضيفاً أن أسعار العقار في الثمانينيات وصلت إلى حد معين وانخفضت حوالي (50%) بسبب الظروف الاقتصادية التي مرت بها المملكة، واليوم العقار أسعاره في زيادة، مبيناً أنه لو سلمنا جدلاً ان هناك احتكاراً فهناك مستثمرون يريدون أن يستثمروا أراضي في السوق لكنهم يحتاجون إلى تسهيلات ويحتاجون إلى من يمكنهم على توظيف الأراضي، ذاكراً أن أغلب مدخرات المواطنين في مجال العقار، وقد سبق أن جربوا مدخراتهم في الأسهم ورأينا ماذا وقع من مأساة! لافتاً إلى أن مدخرات المواطنين منذ (50) عاماً كلها في العقار؛ لأننا كلنا نحرص على شراء الأرض لنا ولأبنائنا وجعلها ادخاراً لنا، وإذا ارتفع سعرها يتم بيعها، وبالتالي نكون خلقنا دوراناً اقتصادياً من الداخل، موضحاً أن جميع الناس يرون أن في العقار ملجأ جيدا للاستثمار. حالة ركود وقال "إبراهيم الدرويش": إن فرض الرسوم قد يكون جيدا في حالات، لكنه قد يكون "نكبة" في حالات أخرى، مضيفاً أن فرض الرسوم يتم على أي سلعة مستحدثة مثل الأطعمة والمشروبات المعلبة التي يتم تكرارها بأن يتم وضع نصف ريال على العلبة بأمر من الدولة، والتاجر بالتالي يزيد السعر على المستهلك، أمّا الأرض ليست سلعة مستحدثة؛ لأنها لا تتكرر، بل إن فرض رسوم عليها لا شك سيؤثر، وقد لاحظ ذلك من خلال المعهد الاسترالي أن مثل هذه الأنظمة أثرت في حدود (16%) من ناحية تخفيض الأسعار حيث لديهم منظومة متكاملة، مبيناً أن قرار الرسوم تسبب في وجود ركود لا دفعا إلى الأمام ولا دفعا إلى الخلف، وقد تأثرت بعض أنواع العقار بالركود، وقد نزلت الأسعار إلى مخزون معين، ذاكراً أنه إذا لم يتم الاصدار خلال العام فإن المخزون بلا شك سينضب، مشيراً إلى أنه قبل عدة أعوام وتحديداً عام 2005م مرّوا بأزمة في المكاتب ثم جاءت أزمة الأسهم عام 2008م، مؤكداً على أن المملكة تعد قارة مترامية الأطراف ولديها مساحات شاسعة ونسبة السكان قليلة مقارنة بالمساحة، بل ولديها أموال وقوة شرائية، فلماذا يكون سعر الأرض عالياً وغير قابل للانخفاض؟ قلّة المطورين ووجه الزميل "خالد الربيش" تساؤلا إلى "ردن الدويش" قائلاً: باعتبارك أحد المستثمرين في المنطقة الشرقية، هل ترى أن هناك اختلافاً ما بين مدينة وأخرى بسبب تأثيرات هذا القرار؟ وأجاب "ردن الدويش": في الواقع أن السوق السعودي مر بمراحل تاريخية، حيث نرى أن في السبعينيات مرت المملكة بطفرة اقتصادية وصاحبتها تأسيس شركات مميزة جداً قامت ببناء أحياء ومدن سكنية متكاملة، وكانت كذلك الدولة في حاجة إلى تطوير البنية التحتية، مما جعلها تشجع الاستثمار في البنية التحتية، وتحولت الشركات العقارية القائمة إلى الاستثمار في تطوير البنية التحتية، كذلك تأسست شركات جديدة كلها تحولت إلى تطوير البنية التحتية فقط حتى صارت زائدة عن الحاجة في الوقت الحالي، مضيفاً أنه أشارت إلى ذلك الخطة الخمسية التاسعة والخطة الخمسية العاشرة والآن نجد أن الدولة بدأت تطرح مشروعات وأفكار، لكنها وجدت أن القطاع الخاص متأخر نوعاً ما عن خطة الدولة وتوجهاتها، - فمثلاً - نجد أن عشرة ملايين متر مربع في إمارة دبي استقطبت مليارات الدولارات من جميع أنحاء العالم، وثلاثة ملايين متر مربع في دولة قطر استقطبت كذلك مليارات الريالات، بينما لدينا حوالي عشرة ملايين متر مربع في السعودية يطوّرها أحد المطورين، بتوفير بنية تحتية وبامكانات بسيطة وبمليارات الريالات، لكن للأسف بدون عائد مجز على الاقتصاد السعودي، مبيناً أن وزارة الإسكان تطرح العديد من المشروعات لكن لا تجد من يتقدم لها، وذلك لقلة المطورين العقاريين، حيث نجد أن معظم الشركات تتجه إلى التطوير في البنية التحتية، متسائلاً: هل البلد بحاجة الآن الى تطوير في البنية التحتية، متأسفاً أن مليارات الريالات تخرج من البلد وهي مليارات خاصة بالعقاريين تحديداً، حيث أصبحنا نجدهم يستثمرون في دبي وقطر، وتجدهم كذلك يعملون في التطوير العقاري في جميع دول العالم إلاّ المملكة، نجدهم في بريطانيا ينشئون الفنادق الراقية وأحياء سكنية متكاملة، لكنهم في داخل المملكة ينشطون في مجال تطوير البنية التحتية، مؤكداً على أن المشكلة تكمن أن لدينا جهات تعمل على تعطيل المشروعات على مستوى الوزارات وعلى مستوى المخططين. تغيير الفكر وأكد "ردن الدويش" على أنه يسمع حاليا بأن هناك أراضي في الرياض وجدة والدمام معروضة للبيع، في حين كان أصحابها في الماضي يرفعون البيع، وهذا في رأيه بسبب بركات هذا القرار، مضيفاً: "لا ننسى أن هناك تعطيلاً شاملاً للأراضي وحبسها دون فائدة، حيث ان المتضرر الحقيقي ليس العقاري، وإنما المتضرر العقاريون المطورون الذين يدفعون أموالاً ويتعرضون للمخاطر، وأنهم هم المتضررون من هذا الوضع الحالي الذي ليس فيه قرار صادر عن الرسوم ولا يوجد نظام، مُشدداً على أن المطلوب في هذه الحالة أن تكون هناك دراسات تساعد على تغيير الفكر، متسائلاً: لماذا لا نغيّر طريقة تفكيرنا نحن المطورون العقاريون، فلسنا بحاجة إلى هذه الاراضي الشاسعة، فهذه الثلاثة ملايين متر فقط في قطر جلبت لهم المليارات، وكذلك (10) ملايين متر في دبي استقطبت المليارات من الدولارات من جميع دول العالم. وأضاف: فيما يخص المنطقة الشرقية فلدينا "مدينة نصف القمر" و"مدينة العزيزية" وهي تابعة للخبر مساحتها ثلاث مئة وخمسون مليون متر مربع، توجد بها بعض المساحات المحجوزة، وحسب دراسة المتخصصين أن هذه الأرض تكفي أهل الخبر لمدة (80) عاما قادمة عدا الأراضي الموجودة داخل الخبر، مؤكداً على أن ضخ أراض جديدة في السوق ليس حلاً لدعم التطوير العقاري، إذ ان الحل يكمن في فتح قنوات استثمارية ودعمها؛ لأنه يجب على الشخص أن يستشرف المستقبل، وأن يحرص على تغيير طريقة تفكيره، وأن يكون مرناً حتى في مجال الاستثمار العقاري. غياب الرؤية وأوضح "عجلان العجلان" أن عدم وضوح الرؤية في السوق العقاري يخلق تذبذباً وعدم استقرار، مضيفاً أنه لو فرضنا أن هناك ركودا في الأسعار وانخفاضا في أسعار الأراضي فإننا في الأساس وقعنا في مشكلة كبرى، وتكمن في أن المطورين العقاريين لن يقدموا على تطوير وحدات سكنية أخرى؛ لأنهم لا يعلمون ماذا سيكون في المستقبل، ولأنهم لا يعرفون شيئاً عن النظام، مبيناً أنه إذا أراد المطور العقاري الحصول على تمويل من أحد البنوك، فإن البنك لا يعطيه تمويلاً؛ لأنك حينما تعطيه دراسة جدوى لمشروع لا يمكن تنفيذه إلاّ بعد سنتين فإنه لن يثق فيك؛ لأن البنك يعلم أن الدوائر الحكومية ليست في يديك، ولأن العمل العقاري يُبنى على منظومة واحدة، متمنياً تسهيل الاجراءات حتى يتسنى لنا توفير العرض، لأن السوق عبارة عن عرض وطلب، مستغرباً من القول بأن لا أحد يبني، إذن هذه المدن الشاسعة من بناها، متسائلاً: في الأعوام الخمسة الأخيرة كم هو عدد البناء في مدينة الرياض وجدة والدمام؟ وأشار إلى أنهم طوّروا مخططات في المنطقة الشرقية، حيث تعتبر أمانة المنطقة الشرقية أفضل الدوائر الحكومية، وقد تم تطوير هذه المخططات مع توفير الكثير من الخدمات، خاصةً في درة الخبر بسعر (750) ريالا للمتر، وفي الفاخرية في مدينة الدمام بسعر (1100) ريال للمتر، ذاكراً أنها تعد أسعاراً عادية وفي متناول أي شخص، وهي أراض مطورة وتتوفر فيها الخدمات على جميع المستويات، مُعبراً عن اختلافه مع "ردن الدويش" فيما ذكره عن اتجاه كثير من العقاريين السعوديين إلى الاستثمار العقاري خارج المملكة، متسائلاً: من بنى هذه المساكن والعقارات المنتشرة في جميع مدن المملكة؟ ومن الذي طور هذه المدن؟ مشكلة البلديات وأكد "عجلان العجلان" على أنه فيما يتعلق بمشكلة البلديات، فهي من مسؤولياتها أن تعمل على التخطيط، مضيفاً أن تأثير البعض على قراراتها ليس من مسؤولية المطورين؛ لأننا دائماً نسلم المخططات للبلديات وننتظر حتى ينتهوا من إكمال البنية التحتية، وكل الإجراءات تعتمد على عامل الوقت، فعلى سبيل المثال في السبعينيات عندما زادت القوى الشرائية على السلع من قبل المواطنين السعوديين، وأصبحت الموانئ غير قادرة على استيعاب السلع المستوردة ارتفعت الاسعار حوالي ثلاثة أضعاف؛ لأن العرض أقل من الطلب، وهذا ينطبق على الأراضي، لهذا يجب ألاّ تحمل الأمور أكثر مما تحتمل، خاصةً فيما يتعلق بجهود المستثمرين العقاريين. وتداخل "ردن الدويش" قائلاً: تعقيباً على ما ذكره "عجلان العجلان" وتحديدا في سؤاله من بنى هذه المساكن؟ للأسف الشديد أن أكثر الوحدات السكنية مغلقة الآن، ونجد أن من بناها هم العقاريون المطورون، وقد بلغت أعداد الوحدات المغلقة حوالي مليون وحدة سكنية؛ لأنه لم تتم دراسة حاجة السوق لهذه الوحدات، متسائلاً: لماذا لا يتم إنشاء شركات تحتوي مثل هذه المشاكل؟ تعويض مالي وتساءل الزميل "صالح الحماد": هل يوجد محاولة لإنهاء الاحتكار بفرض رسوم تغني عن توجه الدولة إلى نزع ملكية الأراضي الكبيرة؛ لأن المصلحة العامة تقتضي ذلك مقابل التعويض بمبالغ مجزية ومن ثم منحها للمواطنين؟ وهل سيتم تقديم حلول لدى الجهات المختصة لتوفير أراض للمواطن من أجل بناء مساكن عليها؟ أم هي مجرد آراء تطرح هنا وهناك؟ وأجاب "إبراهيم الدرويش": أعتقد أن هذه الفكرة يمكن ان تتحقق في بعض المناطق، ولن تتحقق في مناطق أخرى، حيث انه من الممكن أن تشتري الدولة الأراضي ب(700) ريال للمتر، أو (1000) ريال للمتر، وقد تشتري بمبلغ (300) ريال للمتر لنزع الملكيات، مضيفاً أنه بخصوص الرسوم إذا اخذناها من الزاوية الضيقة في أنها تريد أن تخفض سعر المسكن والرسوم كذلك تساهم في تخفيض سعر الأرض، فهذه ضريبة وليست رسوماً؛ لأنها ستستمر على طول العمر مادمت محتفظاً بهذه الأرض، ذاكراً أنه إذا تم تخفيض سعر الأرض فسينخفض سعر المسكن، واذا أردت كذلك أن أستخرج هذه الحزمة يجب إصدار عدة أنظمة منها؛ نظام الائتمان والتمويل، الذي يجب أن يقدم تسهيل عملية التمويل للمواطن، وأن يسمح له الشراء؛ لأن أكبر ضربة قصمت ظهر الاسكان هي نسبة (30%) التي فرضت على المواطن من مؤسسة النقد، متسائلا بعد صدور هذا القرار من الذي سيبني، مشيراً إلى أن الأنظمة التي يمكن أن تساعد على فرض الرسوم هي؛ نظام التمويل، ونظام التسجيل العيني، ونظام القصّر، والتحفيزات الأخرى. قرار 30% وتداخل "عجلان العجلان" فيما يتعلق بتمويل الأفراد لشراء المساكن نجد أن مؤسسة النقد التي تعد جهة حكومية أصدرت قراراً قبل فترة ينص على أن يدفع المشتري مبلغ (30%)، وهذه النسبة أدت إلى وقف إنتاج الوحدات بسبب تباطؤ المطورين العقاريين في عملية الانتاج، مؤكداً على أن المفروض خضوع هذا القرار إلى دراسة الآثار الجانبية، مبيناً أنه تضرر المطورون العقاريون، وإذا استمر فسيكون خلال الأعوام القادمة شح في الوحدات السكنية الجديدة. وتداخل"ماجد الحقيل" للتعليق على هذه الجزئية قائلا انه تم تكليف أحد المكاتب لإجراء دراسات من خلال استقصاء الآراء ومن خلال مسح ميداني، وهذه الدراسات سترسل إلى المجلس الاقتصادي، وهناك دراسات ترسل إلى وزير التجارة ووزارة العمل، إضافة إلى مشاركة المسؤولين في اللجنة في بعض الأنشطة التي تقام، إلى جانب تنظيم بعض الأنشطة داخل الغرفة التجارية ومنها لقاء تم بين وكيل وزارة العمل وبعض العقاريين في الغرفة التجارية للنظر في مشاكل العمل مع المطورين العقاريين وهناك أيضا تواصل من خلال الدراسات والندوات. جدل حول مفهوم «الاحتكار»..! أكد الزميل "م. فهد الصالح" أن موضوع الاحتكار مشاهد على أرض الواقع، حيث وجد من خلال دراسته بعض الممارسات للمحتكرين، معتقدا أنَّ هؤلاء هم السبب الرئيس في المشاكل الخاصة بالأراضي. وقال: كان التجار إلى فترة قريبة يتداولون هذه الأراضي بينهم وبين أبنائهم، ويرفعون أسعارها، ذاكراً أنَّ التاجر يبيع الأرض على ابنه من خلال التقويم العقاري، وهذا موجود في المدن الكبيرة التي يسيطر على أراضيها التجار، أمَّا أراضي المدن الصغيرة فهي ما زالت تحت سيطرة الدولة. وتداخل "ماجد الحقيل"، قائلاً: أعتقد أنَّنا ما زلنا ندلي بمعلومات غير مدعومة بأرقام، وأنَّ ما نسمعه من نمط تحليلي هو اجتهادات فردية بناء على توقعات معينة، ومن المعروف أنَّ أيَّ سوق في العالم يعتمد على العرض والطلب، والأمر الآخر الذي تشهده المملكة هو عملية تشجيع الاستثمار، وأعتقد أنَّ وجود بعض الأرضي لدى بعض الأشخاص في البلد خلق ثراء اجتماعيا نتيجة عدم وجود وسائل استثمار، إلى جانب صعوبة العمل في مجالات أخرى. وأضاف: نجد أنَّ الثروة البسيطة لمتوسطيّ الدخل جاءت بناءً على امتلاك أراضٍ، على أمل تطويرها أو بنائها، وكانت تمثل دورة اقتصادية سريعة؛ لأنَّ التدفقات النقدية المتداولة كانت تتمّ بشكل أسرع، مشيراً إلى أن الاحتكار يرجع إلى أنَّ كثيرا من العقاريين لم يجدوا بدائل أخرى، ما جعلهم يعملون بطريقة مختلفة كاستراتيجية في الدورة الاقتصادية. وعلّق "عجلان العجلان" قائلاً: أطلقنا هذه الكلمة وأصبحنا نصدق أن هناك احتكاراً للأراضي وهذا غير صحيح، خصوصاً إذا راجعنا الأمانات نجد المشروعات التي لديهم تسير ببطء شديد، إضافةً إلى القضايا المعلقة في المحاكم لم يتم حسمها، متمنياً تسهيل هذه القضايا في المحاكم والأمانات وهو ما يؤدي إلى توفير العروض وبالتالي تخفيض الأسعار. وأضاف: لا يخفى علينا أن هناك أشخاصاً يريدون التطوير والاستثمار، لكنهم يواجهون قضايا في المحاكم لأعوام تزيد على (15) سنة، متسائلاً: لماذا لا يتم الفصل فيها لهم أو عليهم؟، ذاكراً أن الواجب مساعدة أصحاب الأراضي وتفادي ما نسميه بالاحتكار. وتداخل "إبراهيم الدرويش" قائلاً: الذي يحدث في مجال العقار ليس احتكاراً؛ لأنني حينما اشتري سلعة وانتظر زيادة سعرها بعد عام هل هذا يعد احتكارا؟، في رأيي ليس احتكاراً؛ لان المحتكر في هذه الحالة هو الشعب السعودي بشكل كامل!، مبيناً أن الأرض أول ما تمنح إلى التاجر فإنه يحرص على أن يبتدع لها سعراً، ويمكنه بعد ذلك أن يمنحها إلى ولده، لكن كما نعلم أن الذي سيشتري منه هو شخص خبير وليس شخصا عادياً. وأضاف: الاحتكار هو حبس السلعة عن المستهلكين في لحظة الحاجة، متسائلاً: كيف يكون الامر احتكاراً وليس هناك حاجة؟، فمثلاً هناك كميات هائلة من الأرز معروضة في السوق هل نعتبر الكمية المخزنة منها احتكاراً؟، موضحاً أنه في الماضي لم تكن هناك حاجة إلى الأراضي، لهذا نجد أن بعضهم اتجه إلى شرائها، لكن الآن هناك حاجة لها داخل المدن. غياب التخطيط العمراني..! وجّه الزميل "محمد الغنيم" سؤالاً ل "ماجد الحقيل"، حول تفسيره لعدم قدرة المواطن البسيط في بلد بحجم قارة إيجاد أرض للبناء عليها، إلى جانب أن كثيرا من الجهات الحكومية تعاني في الحصول على أراضٍ لبناء مشروعاتها عليها؟. وأجاب: أعتقد أنَّ ذلك يعود إلى نمط التخطيط العمراني السابق في المملكة نتيجة عدم التأهيل في طريقة نمو المدن لدينا، كما أنَّ ما نشهده من نمو في المدن ليس فيه تخطيط حقيقي لاستغلال المساحة، فلو نظرنا - مثلاً - إلى دولة صغيرة، مثل" سنغافورة"، فإنَّنا نجد أنَّ لها قدرة على تحديد الأراضي المستقبلية لمئات السنين، وقد تحدثنا قبل هذه الندوة عن موضوع القطارات في مدينة الرياض، وتساءلنا عن الأثر الاجتماعي في جذب المدينة إلى الداخل؟، ولماذا نعمل على تفريغ المدن، في حين أنَّ أكثر من (20كم2) وسط المدينة مهملة؟، فلمصلحة من تتمدد الرياض بهذا الشكل الخطير؟، فذلك قد يُشكِّل خطراً على الأجيال المقدمة، لأنَّنا نفرط في البنية الأساسية في منطقة لا توجد فيها أنهار ولا مياه ولا موارد طبيعية، سوى البترول. وأشار إلى أنَّ المشكلة تكمن في عدم وجود التخطيط العمراني في السابق، إلى جانب عدم القدرة على معالجة التوسع العمراني عن طريق التحفيز، مُضيفاً أنَّه بدلاً من السعي إلى فرض الرسوم، فإنَّه يجب أن يتم إجبار الجهات الحكومية على إعادة بناء وسط مدينة الرياض، حيث مشروع موجود منذ ما يزيد على (10) أعوام، وهو مشروع خاص بهيئة تطوير مدينة الرياض، حيث تمَّ إنشاء شركة خاصة بذلك، وهذه تُعدُّ من الحلول الفعلية لمعالجة مشكلة عدم توافر الأراضي، فإذا أردنا المعالجة يجب أن نعالج بالعرض، خصوصاً أنَّه يتوافّر في وسط الرياض جميع البُنى التحتية المطلوبة، كما أنَّ الدولة تمتلك فيها ما نسبته (33%) من المنطقة، من شوارع ومساجد وغيرها كُلّها تعود ملكيتها للدولة، وما ينطبق على الرياض ينطبق على الدمام وجدة والمدينة، وجميع مدن المملكة. تداخل الصلاحيات خلق «فوضى» في سوق العقار أوضح "عجلان العجلان" أن السوق العقاري بشكل عام يسوده ما يشبه الفوضى، إذ ليس هناك جهة واحدة محددة يتبع لها السوق، بل هناك كثير من الجهات الحكومية تتدخل فيه، فلو نظرنا إلى سوق الوحدات العقارية نجد أن تكلفة الأرض من إجمالي المبنى حوالي (30%)، ولو افترضنا جدلاً أن سعر الأرض انخفض بنسبة (30%)، فهي تعادل (10%) من الوحدة السكنية، مُشدداً على أهمية تسريع الاجراءات الحكومية، فمثلاً لو وضعت مبلغاً معيناً لاستثماره لمدة سبع أعوام فإنه يختلف من استثماره خلال عامين، حيث يمكن أن أتنازل عن أرباح الست أعوام، وبالتالي هذه الأرباح أكثر من أي ضريبة أو أي رسوم، متطلعاً إلى فتح المجال لكل مطور أن يعرض ما لديه من أراض، لافتاً إلى أن بطء الاجراءات يجعل الشخص الذي يشتري الأرض يجد معاناة شديدة داخل الامانات والبلديات وبعض الدوائر الحكومية من دون أن يحقق ما يريده وهو التطوير ومن ثم "يطفش" ويبيعها على شخص آخر يكون متحمسا لتطويرها ويصطدم بطول الاجراءات، ليقرر كذلك بيع الأرض ويخرج من سوق العقار وهكذا. وأضاف: المطلوب من المسؤولين أن يسارعوا إلى حل المشكلة بمعالجة سلامة الصكوك والنظر في الأنظمة الموازية وتفعيل عملية التمويل العقاري؛ لأن هناك شبابا يملكون أراضي ومن دون تطويرها، وحينما يتجهون إلى البنوك للحصول على التمويل للاسف لا توافق على تمويلهم، وهذا ينطبق كذلك على الأفراد الذين يريدون شراء مساكن ولا يجدون تمويلاً لمدة (20) عاما وبأسعار معقولة كما هو موجود في العالم. وأشار إلى أننا بحاجة الى حقيبة متكاملة لحل المشكلة، أمّا ان نفرض رسوما على الأراضي من أجل إيجاد حل سحري لمشكلة الأراضي السكنية، فهذا كلام غير صحيح ولن يساعد على حل المشكلة، بل سيتسبب في خلق مشكلة كبرى في السوق وبالتالي لا القطاع العام ولا القطاع الخاص سيكون سعيداً بهذا القرار. ما المطلوب؟ عجلان العجلان - خلق جو يساعد على زيادة إنتاج الأراضي السكنية والوحدات السكنية عن طريق تسهيل الإجراءات الحكومية. ماجد الحقيل - يجب أن تتوافر العدالة؛ لأن القطاع العقاري يؤدي دوراً كبيراً في الناتج المحلي، وأن يكون من أهداف القرار دعم مسيرة التنمية في بناء المساكن. إبراهيم الدرويش - أن تكون هناك رؤية واضحة وعدالة من الرسوم، وإذا لم يصدر القرار خلال عام فسترتفع أسعار المسكن. ردن الدويش - أن يتم تنفيذ قرار فرض الرسوم بسرعة حال صدوره. «المضاربات»سبب ارتفاع الأسعار! أوضح "ردن الدويش" أن الأرض تتحول من خام إلى المستثمر النهائي بعد مرورها بسلسلة مضاربات كثيرة، تخرج مثلاً ب(100) ريال وتصل إلى المستثمر النهائي بألفي ريال، بينما في دبي وقطر والبحرين نجد أن الأرض تتحول من خام إلى المستثمر النهائي مباشرة دون مضاربات. وقال: لعلني أعود إلى ما ذكره "ماجد الحقيل" بأن مدننا غير صديقة للإنسان وإنما هي صديقة للسيارات، حيث نلاحظ أن "أنسنة" الأحياء غير موجودة في مدننا وأحيائنا، والآن بدأت بعض الأحياء المصممة من قبل وزارة الاسكان -مشكورة- أن تكون صديقة للانسان نوعاً ما، بينما تطوير البنية التحتية السابق هو صديق للسيارات، مما جعل بعض البلديات توقف المشروعات لاعادة التخطيط، موضحاً أن لدينا أشخاص أقوياء يؤثرون في التغيير وفي القرار، بل وأصبحوا يتحدثون وبكل وضوح عن هذه القضية. وأضاف أنه فيما يتعلق بالرسوم فالسؤال هو هل هذه الرسوم ستحل المشكلة؟، اعتقد أن الأمر غير ذلك، حيث أرى أن العقاريين لدينا ليس لديهم شيء؛ لأن الأراضي تملكها الشركات وليس الأفراد، بل إن العقاريين يملكون القليل الذي لا يمثل شيئاً لما تملكه الشركات. وأشار إلى أنه إذا كان توجيه الخطاب وتوجيه الحديث الاعلامي يدل على أن العقاري "فلان" ضارب على العقاري الآخر، فإن الواقع يشير أن الرسوم موجودة على طاولة مصلحة الزكاة والدخل، وهي تفرض على الشركات العقارية وليست مفروضة على الأفراد الذين يملكون العقار الحقيقي. تجارب عالمية أوضح «ماجد الحقيل» تعليقاً على سؤال حول التجارب العالمية في فرض الرسوم على الأراضي قائلاً: إن أهم التجارب التي وجدت في العالم كانت بناءً على احتياجات بعض الدول، فنجد أن لتركيا تجاربها، والمغرب بها تجربة، وكذلك تونس لها تجربة، والهند أيضاً لها طريقة معينة حسب الطلب الموجود في السوق، وكل دولة لها نظريتها في هذا الشأن وكل نظرية قد تنجح وقد تفشل حسب توافر المناخ الحقيقي لهذا الأمر. وأضاف: بعض الدول لهما تجارب في عملية فرض الرسوم، وذلك يعتمد على الوضع الاقتصادي للدولة، وعلى حجم الطلب على الأراضي فيها، مبيناً أن هناك دراسات عالمية كثيرة بعضها تؤيد الرسوم وبعضها رفضتها، وبعضها رأت أن فرض الرسوم سيكون له أثر سلبي، ذاكراً أنه من الصعب تحديد أفضل طريقة للرسوم التي تكون مناسبة للمملكة؛ لأن ذلك يتطلب دراسة كل المتغيرات التي توجد في الدولة التي طبق فيها النظام، مؤكداً أننا لسنا دائماً في حاجة إلى استقطاب تجارب خارجية. وأشار إلى أننا مازلنا نعاني طريقة المسكن والعادات، حيث مازلنا نسمع من المسؤول ونسمع من الأشخاص الكبار عن توقعاتهم بخصوص السكن، موضحاً أنه من خلال الاحصاءات والدراسات التي تتم في السوق نجد أن طموحاتهم كبيرة أكثر من قدراتهم الشرائية، متمنياً العمل بطريقة مختلفة بعيدة عن النظرة العاطفية، حيث لدينا عدة تصنيفات للمنزل، فهناك مسكن - بغض النظر عن النواحي الترفيهية التي توجد فيه - يكفي أن يكون آمنا يتوافر فيه شروط المسكن الصحي، وهذا اعتقد يطابق الواقع الملموس لدينا، ذاكراً أن ما نسبته بين (60 و70%) من المساكن يكون بهذه الطريقة. وشدّد على أهمية أن يكون لدينا مرونة أكثر في تطوير التخطيط العمراني، وقد بدأت الدولة في مراحل معينة في إنشاء هيئة في كل مدينة، تسند إليها عملية التطوير، متأسفاً على أن هذه الهيئات لم تُؤد الدور الحقيقي في تطوير المسكن؛ لان كثيراً من التصريحات التي خرجت كانت جميلة وجيدة، لكنها لم تقدم المسكن الحقيقي الذي يحتاج إليه المواطن، مقارنة بالدخل الحقيقي له. المشاركون في الندوة حضور الرياض
مشاركة :