يا ترى ما هو الاختراع الرابع؟

  • 4/28/2015
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

اختراع واحد بوسعه أن يغير اقتصاد دول ويسقط اقتصاد دول أخرى. بوسعه أن يدمر اقتصادات ويبني اقتصادات أخرى.. كيف ذلك؟! جميعنا يعرف شركة "آبل" الأميركية وتطويرها لجهاز "آي بود" المشغل للمقاطع الصوتية ومقاطع الفيديو، الجهاز الذي بيع منه أكثر من 300 مليون حتى العام 2011 وحطم أسواق الأقراص المدمجة وشركات الموسيقى العالمية مثال "وارنر" و"آي ام أي" إثر تأثير هذا الجهاز وقدرته على تحويل المادة الصوتية إلى ملفات إلكترونية يمكنك سماعها عبر صيغ مختلفة، وبالتالي تخلى المشتري عن شراء الأقراص المدمجة وفضل الاتجاه إلى تحميل الملفات الصوتية والاستماع لها مجانا. هذا الجهاز جعل كل شركات التسجيل الصوتية وشركات رعاية الفنانين وشركات صناعة الأقراص والكاسيتات تستيقظ وقد دمر اقتصادها بشكل شبه تام وانخفضت أرباحها بنسبة تتراوح ما بين 19% إلى 24% في العام الواحد، وكانت الشركات البريطانية هي الأقل تأثراً بالخسائر حيث كانت خسارتها 6% واليابان 9% وكل من إسبانيا وفرنسا وإيطاليا 12% أما في كندا وأستراليا فكان التراجع والخسائر بنسبة تراوح ما بين 14 و21%، وانخفضت أسهم شركة "وارنر" العالمية بنسبة 72%، واستمر هذا التراجع بشكل سنوي حتى أعلن البعض إفلاسه وخرج من السوق، والبعض منها يحاول التشبث بالسوق بتغيير نشاطه وتطويره بما يتوافق مع متطلبات جهاز الـ"آي بود" وذلك بالتعاقد مع شركة "آبل" بأن يكون تحميل الأغاني مقابل رسوم بدلاً من التحميل المجاني، واستغلت شركة آبل حتى هذه النقطة وذلك باقتطاع نسبة من الرسوم لصالحها ولصالح أرباحها. وكان ستيف جوبز يستقبل ممثلي الشركات واحداً تلوى الآخر ولا يذهب إليهم، وكان يفرض الرسوم كما يحب دون تقديم أي تنازلات وكانت الشركات توافق دون تقديم الكثير من الاعتراضات والمفاوضات لأنه لم يعد لديها خيار بديل، إما الموافقة وتوقيع الاتفاق أو الخسارة الكاملة والخروج من السوق. لم تتوقف مفاجآت واختراعات "آبل" لاقتصادات الدول والشركات الكبرى عند جهاز "آي بود" بل إنه جعل من يوم الثلاثاء يوما كئيب وصادما ومفاجئا بالنسبة لسكان دولة فنلندا إثر إعلان شركة "نوكيا" أن شركة مايكروسوفت استحوذت عليها بقيمة 15 مليار يورو فقط بعد أن كانت قيمتها السوقية أكثر من 100 مليار قبل إنتاج شركة "آبل" لجهاز "آي فون" الذي أصاب اقتصاد "فنلندا" في مقتل وكبده خسائر بما نسبته 4% من دخله القومي. وتسريح 14 ألف عامل إلى البطالة. "آيفون" قتل "نوكيا" و"الآيباد" قتل صناعة الورق" هكذا عبر رئيس وزراء فنلندا الكسندر ستاب عما سببته شركة "آبل" من خسائر فادحة في اقتصاد بلده. ويقول (فابافوري) من مكتبه في الوزارة المطل على الميناء في وسط هلنكسي: "إن انهيار نوكيا كان ضربة نفسية كبيرة لثقة الفنلنديين بأنفسهم، أكثر مما كان ضربة للاقتصاد الفنلندي". وبعد أن كبدت شركة "آبل" خسائر فادحة لاقتصادات الشركات الكبرى والدول مثل فنلندا؛ ها هي الآن وكأنها تخطط للهجوم على الاقتصاد السويسري وذلك باختراعها الحديث "ساعة آبل الذكية" وأول بوادر هذه الحرب الباردة هو منع تسويق "ساعة آبل الذكية" في الأسواق السويسرية، ولكن هذا المنع لن يحول بين "آبل" وتحقيق هدفها في بيع 30 مليون ساعة سنويا وهو العدد نفسه الذي تبيعه سويسرا سنويا، وبالتالي فإن اقتصاد سويسرا المشهور بالساعات معرض لخطر حقيقي ستظهر بوادره خلال السنوات القادمة، وإن كابرت الآن وحاولت منع تسويق "ساعة آبل الذكية" على أراضيها فإنها لن تستطيع منافستها في سوق مبيعات الساعات العالمية وسيأتي اليوم الذي يصبح فيه من يشتري ساعة سويسرية كمن يشتري جهاز هاتف نوكيا أو يشتري قرصا مدمجا! في هذا المقال استعرضت ما بوسعها أن تفعله ثلاث اختراعات -جميعها من شركة واحدة- باقتصادات العالم. اقتصادنا يعتمد على مصدر واحد بشكل كبير وهو البترول؛ ماذا لو استيقظنا يوما ما ووجدنا أنفسنا أمام اختراع رابع يجعلنا مثل فنلندا أو سويسرا؟ نستيقظ وقد أصبح العالم يعتمد على مصدر طاقة بديل للبترول؟! وقتها ماذا سنفعل؟ هل سنمنع استيراده كما فعلت سويسرا مع "ساعة آبل الذكية"؟ حتما لن يجدي ذلك. ما يجدي هو أن نهتم بالمخترع السعودي، وأن نحوّل اختراعاته إلى اقتصاد لا أن نمنحه شهادة براءة الاختراع ومن ثم نتركه دون دعم. من يطلع على براءات الاختراع في مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية يتخيل لو أن كل هذا الاختراعات تم تحويلها إلى منتج ينافس في سوق المبيعات فإننا سنبني اقتصادا متنوعا لا يعتمد على مصدر واحد، ولكننا أهملنا هذه الاختراعات وأهملنا المخترعين. عندما سئل (جوبز) ذات مرة عن سر الأفكار الخيالية التي تتمتع بها "آبل" قال: "إن من يعمل في الشركة ليسوا فقط مبرمجين بل هم رسامون وشعراء ومهندسون، ينظرون للمنتج من زوايا مختلفة لينتجوا في النهاية ما ترونه أمام أعينكم".

مشاركة :