قالها سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة: «لن نجامل بعضنا على حساب الوطن.. ولدينا مكتسبات عظيمة نحميها، ومستقبل نحتاج للتخطيط له بشفافية». وحين يقول سموه ذلك فهو ينطلق من قاعدة قوية، أساسها «رسالة الموسم الجديد» التي أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، رعاه الله، وضمنها المبادئ الستة المعروفة، وكلّف سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان برئاسة لجنة متابعة الرسالة لتفعيل توجيهات سموه بترجمة هذه المبادئ، وتحويلها إلى خطط عملية، يقوم الوزراء والمسؤولون بتنفيذها من خلال وجودهم في الميدان، لفهم احتياجات الناس والعمل على تلبيتها. هذا النهج الذي اختطته حكومة دولة الإمارات يدعونا إلى التأمل في الوتيرة التي تعمل وفقها هذه الحكومة، فهي ليست حكومة أقوال ومظاهر ووعود براقة لا تجد لها طريقاً إلى التنفيذ، بدليل أن لجنة المتابعة وضعت لنفسها خطة عمل أول 100 يوم، واعتمدت الموجهات الرئيسة لها، وشكلت اللجان الفرعية التي ستعمل على تنفيذها، كلٌّ في المجال الذي تم تكليفه به، بعد أن تم تحديد أربعة محاور عمل رئيسية هي: محور العمل الميداني والتواصل مع الناس، ومحور الإعلام، ومحور التوطين، ومحور تطوير الأفكار التنموية المستقبلية الجديدة. هذا الوضوح الذي تجلى في حديث صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم عندما وجّه رسالته، وفي صراحة سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، رئيس لجنة متابعة الرسالة، عندما دعا إلى عدم المجاملة على حساب الوطن، يدعونا جميعاً إلى تغيير نمط تفكيرنا، وهو تغيير يجب أن يشمل الجميع مسؤولين ومواطنين. فبقدر ما يتحمل المسؤولون أمانة خدمة المواطنين، يتحمل المواطنون مسؤولية مراقبة أدائهم، لأنهم يحملون أمانة خدمة المواطن الذي تعمل الحكومة على إسعاده، وتوفير أفضل الخدمات له، وإشراكه في المسؤولية أيضاً، لذلك كان تركيز صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم كبيراً على برامج «البث المباشر» ووسائل التواصل، عندما طلب من الجميع احترام أي متصلٍ عبر البث المباشر أو وسائل التواصل بالرد عليه ومحاولة حل مشكلته، قائلاً إن «المؤسسة التي تخاف مواجهة الناس هي مؤسسة فقدت الثقة بنفسها». وعندما تفقد مؤسسة الثقة بنفسها فهذا يعني أن المسؤولين فيها غير جديرين بالكراسي التي يجلسون عليها. في اعتقادنا أن ملف التوطين هو أهم الملفات التي يجب أن توليها اللجنة اهتمامها، ولذلك لفت إليه سمو الشيخ منصور بن زايد في أول اجتماع للجنة متابعة الرسالة، عندما قال إن «ملف التوطين يحتاج إلى تفكير جديد.. ورؤية جديدة.. والمؤسسات التي تتهاون أو تتلاعب في أرقام التوطين هي جهات تطعن في أمن الوطن واستقراره»، فهذا يعني أن عين الحكومة ليست نائمة، فهي تعلم أن هناك مؤسسات وشركات وبنوكاً تستهين بعملية التوطين، أو تعمد إلى التوطين الشكلي لتهرب من تطبيق القانون عليها. وليس أدل على ذلك من المسح الذي أجرته صحيفة «البيان» عن أكثر الشركات وأقلها توظيفاً للمواطنين، وعلق عليه سمو الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية والتعاون الدولي، متسائلاً عن المسؤولية تجاه المجتمع.. هذه المؤسسات والشركات والبنوك يجب محاسبتها، ووضع حد لتلاعبها واستهانتها بتوجهات الحكومة وقراراتها. والأهم من محاسبة القطاع الخاص على تقصيره في دعم ملف التوطين هو محاسبة القطاع الحكومي على هذا التقصير أيضاً. وأعتقد أن صورة التوطين في القطاع الحكومي واضحة لدى الحكومة، ولن تجد لجنة متابعة الرسالة مشكلة في الحصول على الأرقام، وهي دون شك قادرة على معالجة هذا التقصير في القطاعين الحكومي والخاص على حد سواء، خاصة في ظل وجود شخصية قوية مثل سمو الشيخ منصور بن زايد على رأس لجنة متابعة الرسالة، ودعم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم لهذه اللجنة. لا شك أن هناك ملفات كثيرة بحاجة إلى الالتفات إليها وفتحها من قبل لجنة الرسالة، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر ملفات الإسكان والصحة والتعليم، بدليل أن أغلب الشكاوى التي ترد إلى برامج البث المباشر في إذاعات الدولة تتمحور حول هذه الموضوعات، وهي ملفات تحتاج النظر إليها بجدية وحسمها، فرغم الميزانيات الضخمة التي رصدتها الحكومة لهذه القطاعات على مدى السنوات الماضية. ورغم الجهود الكبيرة التي بذلتها لحل مشكلاتها، فإن شكاوى المواطنين في برامج البث المباشر ووسائل التواصل الاجتماعي ما زالت تنحصر فيها تقريباً، وما زالت الأسئلة تدور حول الزمن الذي لن نسمع فيه شكاوى المواطنين الذين يعانون من هذه القطاعات، أو على الأقل تقليص نسبة الشكوى منها. نعتقد أن أسعد الناس برسالة الموسم الجديد هم زملاؤنا القائمون على برامج البث المباشر في إذاعات الدولة، فقد أشعرتهم الرسالة بأهمية الدور الذي تلعبه برامجهم في نقل وجهة نظر المواطنين وشكاواهم إلى المسؤولين، لكنها حملتهم في الوقت نفسه مسؤولية كبيرة تتمثل في إحداث التوازن بين شكوى المتصل والحقيقة الغائبة عنهم وعن المستمعين، كي لا يقع ظلم على جهة من حيث لا يقصدون ولا يريدون، ولهم في ذلك تجارب يعرفونها، ربما تخفى على الكثير من المستمعين. «لن نجامل بعضنا على حساب الوطن» التي أطلقها سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان تستحق في رأينا أن تكون «مانشيت» الأسبوع الماضي والأسابيع المقبلة، وهي فعلاً كذلك. * كاتب إماراتي طباعةEmailفيسبوكتويترلينكدينPin InterestWhats App
مشاركة :