تحل اليوم الثلاثاء ذكرى وفاة الفيلسوف النمساوي كارل بوبر، الذي يعد أحد أهم فلاسفة النصف الثاني من القرن العشرين.وتميز بوبر بالبحث عن معيار صادق للعقلانية العلمية في أعماله الفلسفية، وكتب بشكل موسع عن الفلسفة الاجتماعية والسياسية، وتحمل فلسفته التجددية الثرية العميقة.ويعد بوبر أحد مؤسسي أصول التفكير العلمي وطليعة فلاسفة العلم والمنهج العلمي، حيث خرجت من رحابه مجمل التطورات الراهنة في فلسفة العلوم، حيث قال عالم الفلك الإنجليزي سير هيرمان بوندي: "إن العلم ببساطة ليس شيئا أكثر من منهجه، وليس منهجه شيئا أكثر مما قاله بوبر".درس بوبر الرياضيات، والتاريخ، وعلم النفس، والفيزياء، والموسيقى، والفلسفة، وعلوم التربية، وحصل على الدكتوراة في مجال مناهج علم النفس الإدراكي 1928، وأكمل وأنضج نظرية العلم وتشابك أطرافها المترامية ذات الطابع النقدي مع التيارات المميزة للفكر العلمي في القرن العشرين، ثم هاجر بعد ذلك إلى نيوزيلندا وامتهن التدريس في عدة جامعات هناك.وبدأت رحلة بوبر الإبداعية في الكتابة عام 1934، وكانت أول أعماله المؤلفة نشرت تحت عنوان "منطق البحث"، وطبع المؤلف كاملا ليحمل عنوان "المشكلتان الرئيستان في النظرية المعرفية" في عام 1979، واكتسب من خلال كتاب "المجتمع المفتوح وأعداؤه" الذي صدر في 1945، شهرة عالمية ككاتب سياسي.وكانت فلسفة العلم عند بوبر هي منطق قابليته المستمرة للتقدم، بحيث تكون قواعد البحث العلمي بمثابة المباراة من حيث المبدأ بلا نهاية، وأصبحت فلسفته نقطة تحول حاسمة مادامت فلسفة العلم قد انتقلت معها من منطق التبرير إلى منطق الكشف العلمي والمعالجة المنهجية له، وذلك على أساس من قابليته المستمرة للاختبار التجريب والتكذيب لتعيين الخطأ كي يحل محله يوما ما كشف أفضل وأكفأ وأقرب إلى الصدق، وسوف نرى أن الكشف علمي بقدر ما يكون قابلا للتكذيب، بقدر ما يفتح طريقا إلى تقدم أبعد.تأتي فلسفة بوبر الرائدة على أنها قادرة بدفع فلسفة العلم إلى آفاق أبعد، لأنها انطلقت من موقف الاستيعاب والاستشراف لآفاق ثورة العلم العظمى، ثورة الكم والنسبية، يؤكد لنا أن منطق العلم ومنهجه وجهان لعملة واحدة، كان من الطبيعي أن تنصب فلسفته الرائدة للعلم في إطار نظرية منهجية.وقد أصدرت الهيئة المصرية العامة للكتاب، برئاسة الدكتور أحمد مجاهد، الطبعة الثانية من كتاب "فلسفة كارل بوبر.. منهج العلم ومنطق العلم" للدكتورة يمنى طريف الخولي في 2014، ينقسم الكتاب إلى ثلاثة أبواب الباب الأول يعرض المنهج الاستقرائي وهل يصلح كمعيار لتمييز العلم، والثاني يتناول موقف بوبر من الوضعية المنطقية ومعاييرها لتمييز العلم، أما الثالث بعنوان "معيار القابلية للتكذيب".
مشاركة :