يعد كارل بوبر واحداً من أهم فلاسفة العلم في القرن العشرين، إن لم يكن أهمهم على الإطلاق، ويعد أيضا واحداً من أهم فلاسفة السياسة والاجتماع، ونصيراً مخلصاً للديمقراطية، وداعية للمجتمع المفتوح، وخصما عنيدا لأعدائه على اختلاف مشاربهم، وللشمولية في جميع صورها وتجلياتها، لقد آمن بوبر بقيمة العقل ودوره وقدرته، وتبنى النقد منهجاً لعمل العقل وتقدم المعرفة. في كتابه الصادر عن دار رؤية للنشر والتوزيع تحت عنوان كارل بوبر مئة عام من التنوير يؤكد عادل مصطفى أنه لأول مرة في تاريخ العلم الحديث، وبشكل غير مسبوق في تاريخ الممارسة العلمية، صرنا نرى كبار العلماء وأفذاذهم يتدافعون إلى مائدة أحد الفلاسفة ويتسابقون على التهام أعماله واستلهامها، ويفيدون من مناهجه واستبصاراته في نشاطهم الفعلي، ويدينون له بالفضل فيما ظفروا به من نجاح وفيما حققوه من كشوف. يوضح عادل مصطفى أن أول ما يسترعي النظر في شخصية بوبر الفكرية هو موسوعيته وتعدد جوانبه واتساع مجال اهتمامه ونطاق تأثيره، على أن هناك وحدة جوهرية في رؤيته ومنهجه تجعل من إسهاماته على تباعدها، كلاً واحداً منسجماً يأخذ بعضه بعضاً.
مشاركة :