أسماء عبداللهاعتبر الخبير الاقتصادي د.أكبر جعفري أن الأزمات المالية العالمية لا تحدث لأسباب فعلية بل نفسية، مما يسبب إرباكاً في سوق الأعمال يمتد إلى حركة المصارف، مؤكداً أن البحرين بعيدة عن أي أزمات مالية قد تحدث إذ استطاعت الحكومة أن تحتوي أي أزمة عالمية دون أن يتأثر بها المواطن.وأضاف في حوار مع "الوطن": "إذا كنا نسميها أزمة مالية فهذا لا يعني أن هناك كارثة أو تدميراً، فتداعيات الأزمة في معظمها دفترية وليس هناك أي مؤشرات حقيقية عليها"، متوقعاً أن يتحول الاقتصاد في المستقبل إلى "اقتصاد تشاركي" بحيث تنخفض معظم أسعار السلع باهظة الثمن".وفي سياق آخر، قال جعفري: "إن إنتاجية من اختاروا التقاعد الاختياري ستكون عالية جداً حال دخولهم مجال ريادة الأعمال فمجالها واسع جداً. ويجب استغلال هذه الفئة بأسرع وقت ممكن لزيادة خلق الثروة، فمن بدأ منهم في ريادة الأعمال أصبح دخله أكثر بـ14 مرة مما كان عليه في وظيفته الأساسية وهذه إنتاجية واضحة".ملامح الاقتصاد التشاركيوأوضح الخبير الاقتصادي أن "السبب الرئيس للأزمات المالية هو الاقتصاد الأمريكي لأنه اقتصاد مستهلك أكثر مما ينتج و هذه أخطر عملية في أي اقتصاد على مستوى الدول أو الأفراد. فالمواطن الأمريكي يستهلك من أموال الاستثمارات الصينية واليابانية والهندية ولا تقابل هذه الاستثمارات بمردود وأرباح. والأزمة الآن إن كانت حقيقية فلن يزيد تأثيرها أو ينقص على الدول التي اتخذت إجراءات لصدها".وأضاف: "الأزمة المالية لا تحدث لأسباب فعلية إنما لأسباب نفسية مما يسبب لنا إرباكاً في سوق الأعمال يمتد إلى حركة المصارف. أما بالنسبة للبحرين فخلال الـ40 سنة الماضية مرت المملكة بـ7 أزمات مالية مستوردة ولم يشعر المواطن بها بسبب احتواء الحكومة لهذه الأزمات".لكنه أشار إلى أن "القطاعات التي تتأثر بالأزمات المالية هي في الحقيقة تتأثر بالتحولات الاقتصادية التي تحدث الآن من خلال "الاقتصاد التشاركي" الذي يحول أيضاً سلوكياتنا في الاستهلاك، فهناك توجه لتدني قيمة الطاقة التي ستصل إلى أقل الدرجات وكذلك أسعار السيارات ستنخفض بشكل كبير وسيخرج معظم صناع السيارات من الساحة لكن نرى في المقابل نمو "اوبر" كتعبير عن السيارات التشاركية، إضافة إلى المطاعم التي ستغلق مقابل ارتفاع خدمة الطلبات للمنازل، وستختفي تدريجياً التجارة التقليدية مقابل ارتفاع التجارة الإلكترونية بسبب كلفتها القليلة، وسينخفض ثمن الهواتف النقالة. وسيتقلص التوظيف في الحكومات مقابل ارتفاع نسبة ريادة الأعمال. لا يوجد خوف من الاقتصاد أو حالة صراع إنما هي عملية تحول".استغلال التقاعد الاختياريوعن التقاعد الاختياري الذي أتاحته الحكومة، قال جعفري إن "إنتاجية المتقاعدين ستكون عالية جداً حال دخولهم مجال ريادة الأعمال فمجالها واسع جداً. ويجب استغلال هذه الفئة بأسرع وقت ممكن لزيادة خلق الثروة، فمن بدأ منهم في ريادة الأعمال أصبح دخله أكثر بـ14 مرة مما كان عليه في وظيفته الأساسية وهذه إنتاجية واضحة. رواد الأعمال لا يختلقون الأعذار ولا يطلبون المساعدة رغم أن لديهم كثيراً من الإمكانات الموجودة لاحتوائهم من قبل بنك التنمية و"تمكين" ومجلس التنمية الاقتصادية. فصاحب المبادرة إذا أعطي مساعدة يستغلها ويعمل بها، لكن يقع على عاتقنا إعادة تأهليهم".زيادة في الاستثمارات الأجنبيةولفت جعفري إلى أن الإحصاءات الأولية تشير إلى تحقيق زيادة في حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة في البحرين خلال 2018، حيث أظهرت النتائج تحقيق زيادة بنسبة 5.5% مقارنة بالعام 2017، بقيمة بلغت 11 مليار دينار، في دلالة واضحة تعكس جهود المملكة في استقطاب مزيد من الاستثمارات الأجنبية وزيادة تدفقات رؤوس الأموال. وأضاف أن "هناك تدفقاً تصاعدياً وزيادة في الجاذبية. وهناك استثمارات تريد أن تجعل البحرين مقراً لها لتوافر الخدمات وأريحية إحلال وحماية المستثمرين من خلال الأجواء الاجتماعية، فالمستثمر الذين يريد أن يستثمر في المملكة يريد أيضاً أن يستقر في مناخ مريح لعائلته وموظفيه. ونتوقع أن تفوق الاستثمارات في 2019 ما كانت عليه في 2018. ولزيادة الاستثمارات يجب أن يكون هناك تناغم بين البلديات والوزارات المعنية في إصدار التراخيص ومحطة واحدة لتبني الاستثمار".تأثير كبير لحقل النفط الجديدوعن إنتاج النفط وتأثر أسعاره بالاقتصاد العالمي، قال جعفري إن "النفط سيبقى سلعة أساسية وهناك كثير من المشتقات النفطية نستخدمها في مجالات حياتنا اليومية كالملابس والسيارات. والنفط الصخري الموجود الآن استخراجه مكلف وقد تصل كلفة البرميل الواحد إلى 60 دولاراً فيما كلفة الاستخراج 16 دولاراً في الخليج. من الناحية التجارية فإن سعر النفط مربح، لكن هذا ليس طموح الحكومة. من المتوقع أن تستمر أهمية النفط لكن السعر لن يصل إلى مستويات سابقة كالـ110 أو 150 دولاراً في المستقبل".وأضاف: "ومن جهة أخرى نعول على الطاقة البديلة التي تعوضنا بجزء بسيط عن النفط، لكن الطاقة البدلية لا تأتي من مشتقات مادية وستخدمها فقط في إنتاج الكهرباء. وفهمنا من المسؤولين في هيئة النفط والغاز أن هناك كميات كبيرة جداً في حقل النفط الجديد واستخراجه ليس عملية سهلة، لكنه سيسهم في دخل الحكومة بشكل كبير، لأن الكمية هائلة وسيكون أكبر نفط صخري في العالم".مغامرة غير مفيدةولفت جعفري إلى أن "قطاع تداول العملات مقلق جداً، والتداول بالعملات مغامرة غير مفيدة للبشرية فيومياً هناك ربح وخسارة نتيجة فقاعات فلا يوجد شيء تم إنتاجه. والطلب على الأوراق المالية يتبع الطلب على السلع فكلما اشترى المستهلك سلعة بالدولار ازداد الطلب على الدولار، وهو عملة محررة من الذهب. وعندما نأتي إلى البحرين فهي محظوظة لأن الدينار مرتبط بالدولار فالسعر لا يتغير مع الدينار البحريني في حالة الارتفاع أو الانخفاض".مع الضرائب بشرطوأشار جعفري إلى أن "البحرين متجهة إلى التخلي عن النفط كعامل رئيس في الدخل الحكومي والميزانية. والنفط حالياً ليس عاملاً رئيساً في الاقتصاد إذ يشكل نحو 16 %من اعتماد الاقتصاد لكنه يشكل 80 % من دخل الحكومة. وتعمل الحكومة بشكل مكثف لتنويع مصادر دخلها، وهنالك تفاؤل كبير بهذا الاتجاه. إذ اتجهت إلى تقليص المصاريف والاعتماد على المواد غير النفطية وتقليل الدعم وفرض ضرائب. جميع الحكومات تعتمد بشكل كبير على الضرائب، النرويج مثلاً لديها نفط لكن عوائد النفط لا تدخل في ميزانيتها إنما تعتمد على فوائد الاستثمارات. وأنا من المساندين لإحلال نظام الضرائب بشرط حماية فئة الدخل المحدود".السوق توسعت بشكل هائلوقال جعفري إن "رؤية البحرين الاقتصادية 2030 متكاملة ترتكز على 4 أعمدة هي الاقتصاد والتعليم والعدالة والصحة بحزمة من العوامل، وبالتأكيد سوق الاقتصاد توسعت بشكل هائل، ولسنا بحاجة إلى دراسات لنقول ذلك لأننا نرى ذلك بأعيننا من خلال زيادة عدد الأنشطة والمحلات، فالاقتصاد المحلي في مرحلة نمو والجيل القادم يجب أن يمتلك الوعي الكافي بدوره لتزدهر السوق وتكون لدنيا رفاهية اجتماعية".استغلال 6.4% من الثروةيقدر أكبري الأموال الموجودة في العالم ككل "بـ320 تريليون دولار، 50% من هذا المبلغ في يد 1% من البشر، وهؤلاء الـ1% لا يستغلون 93.6% من الثروة. فيما تبلغ الثروات الموجودة في العالم ككل وغير المستغلة 5 كوادرايليون دولار (يساوي مليون مليار) في باطن الأرض والسماء وغيرها، لكن ما يتم تداوله في يد البشرية يساوي 6.4%"، مؤكداً أن "التوجه في النمو الاقتصادي سليم وواقعي، وقد بدأنا في الاقتصاد الإبداعي الذي يعتمد على إدارة مكامن الثروة الذهنية أساساً والمبنية على تمكين الإنسان للارتقاء والوصول إلى مصادر دقيقة وذات قيمة عالية جداً، لكنها غالباً غير ملموسة".
مشاركة :