باريس- الدوحة إبراهيم بدوي وقنا: وصل حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، مساء أمس، إلى مدينة باريس في زيارة عمل إلى الجمهورية الفرنسية الصديقة يلتقي خلالها فخامة الرئيس إيمانويل ماكرون بقصر الإليزيه اليوم/ الخميس/. وتكتسب زيارة حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، إلى الجمهورية الفرنسية، أهمية خاصة، حيث يجري سموه مباحثات مع فخامة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بقصر الإليزيه حول تعزيز العلاقات الاستراتيجية وفتح آفاق جديدة للتعاون في مختلف مجالات الشراكة، بالإضافة إلى تبادل الآراء حول أبرز المستجدات الإقليمية والدولية. وتعكس زيارة صاحب السمو أمير البلاد المفدى، إلى باريس، خصوصية وموثوقية العلاقات القطرية الفرنسية والوتيرة المتسارعة لتقارب الدوحة وباريس، كشريكَين وحليفَين موثوقَين في ظل طفرات كبيرة تشهدها علاقات البلدين في كافة مجالات التعاون المشترك خلال الفترة القليلة الماضية. ويبرز بين هذه الطفرات توقيع البلدان إعلان نوايا لعقد حوار استراتيجي مستدام، في الدوحة فبراير الماضي، وما يشكّله من نقلة نوعية للشراكة الاستراتيجية بين البلدين، ويشمل مجالات حيوية كالدفاع والأمن والصحة والتعليم والثقافة والرياضة والاقتصاد والاستثمار ومكافحة الإرهاب ومتابعة تطورات العلاقات بين البلدين، ما يظهر الثقة والدعم المتبادل بين الدوحة وباريس وقوة العلاقات بينهما. علاقات مثمرة وتعطي زيارة صاحب السمو إلى باريس دفعة قوية لعلاقات البلدين الصديقين في ظل ما حققته الشراكة القطرية الفرنسية من إنجازات في السنوات القليلة الماضية منها على سبيل المثال لا الحصر، إنجاز مشروع مترو الدوحة الأوتوماتيكي الأكثر حداثة في العالم، ودخول أكثر من 10 شركات فرنسية جديدة إلى السوق القطري العام الماضي، وتضاعف حجم التبادل التجاري وتعميق العلاقات الدفاعية ببرنامج مقاتلات الرافال وتدريب وتأهيل الكوادر القطرية من طيارين وفنيين لقيادتها وصيانتها وتسلّم دفعة كبيرة من سرب طائرات رافال العاديات كسلاح ردع لتعزيز السيادة القطرية، وتشييد متحف قطر الوطني الأسطوري من تصميم المعماري الفرنسي الشهير، جون نوفال، والشراكة الواعدة في التنقيب عن النفط خارجياً بين شركتَي قطر للبترول وتوتال، وغيرها من الإنجازات والمشروعات الاستراتيجية العملاقة التي تعكس إنجاز وفاعلية العلاقات المثمرة بين الدوحة وباريس. شراكة استراتيجية وترسم الزيارة السامية إلى فرنسا خريطة طريق للعلاقات وخطة عمل شاملة لتعزيز وتنويع التعاون في كافة المجالات في الفترة المقبلة، في ظل حرص قطري- فرنسي متبادل على تعميق وتنويع العلاقات في كافة القطاعات عبر حوار استراتيجي مُستدام. كما تعزّز زيارة صاحب السمو إلى فرنسا، علاقات التعاون والصداقة المتميزة بين البلدين، والتي بدأت منذ أكثر من أربعة عقود، وصولاً إلى الشراكة الاستراتيجية. وينتظر الدوحة وباريس آفاقٌ واسعة أمام تعزيز علاقات التعاون بما يحقّق المصالح المشتركة لشعبَيهما في كافة المجالات والتي يتصدّرها التجارة والاستثمار والصحة والتعليم والرياضة والثقافة وغيرها من المجالات الحيوية. نقلة نوعية ومن المتوقّع أن تحقّق زيارة صاحب السمو أمير البلاد المفدى، نقلة نوعية في علاقات البلدَين، ففي يوليو الماضي، صرح سعادة فرانك جيلي سفير فرنسا لدى الدوحة، بأنّ العلاقات القطرية الفرنسية سوف تشهد طفرة ونقلة نوعية على كافة مُستويات التعاون المُشترك وذلك بزيارات سياسية رفيعة المُستوى ووصول وفد تجاري فرنسي للدوحة، وعقد برامج مهمة للتعاون، أبرزها الحوار الاستراتيجي في باريس هذا الخريف، وأيضاً انطلاقة العام الثقافي قطر- فرنسا العام المقبل. كما تتسلّم قطر آخر مقاتلات رافال /العاديات البالغة ٢٤ طائرة في منتصف يناير 2020، لافتاً إلى أن هناك اتفاقيات جارٍ العمل عليها، ومع الخطوات التي يتخذها البلدان عبر الحوار الاستراتيجي والزيارات المتبادلة ستكون هناك فرص للدفع قدماً نحو توقيعها، والأهمّ تنفيذها بما يحقّق مصالح الشعبَين الصديقَين. ٢٠٢٠ عام الثقافة القطري- الفرنسي تمهّد زيارة حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المُفدّى إلى فرنسا، لعام استثنائي من الفعاليات المبهرة في إطار العام الثقافي «قطر-فرنسا ٢٠٢٠». ومن المتوقّع أن يشهد هذا العام تقارباً لافتاً في العلاقات القطرية الفرنسية على المستوى الثقافي وعلاقات الشعبَين، بتنظيم معارض فنية لكبار الفنّانين الفرنسيين في قطر، وبالمقابل ستقوم قطر بتنظيم عددٍ من الفعاليات في فرنسا، ما يعزّز التعارف على ثقافة البلدَين وتقوية جسور الصداقة بين شعبَيهما، خاصةً مع وجود أكثر من 5500 فرنسيّ، مُقيمين في قطر. كما تضمّ قطر أكثر من ٢٠٠ ألف فرانكوفوني عضواً شريكاً في المنظمة الدولية للفرانكوفونية منذ أكتوبر 2012. تقدير فرنسي لجهود قطر في فض النزاعات يبدو لافتاً التقدير الفرنسي لدور قطر في حفظ الأمن والسلم الدوليين، وقيامها بدور استثنائي لفضّ النزاعات سلمياً. كما تؤكّد باريس على حكمة الدبلوماسية القطرية في إدارة الإزمات عبر الحوار والتفاوض والوساطة النزيهة. ويتجسّد ذلك في تقدير فرنسا للجهود القطرية لخفض التوتر في المنطقة في الملف النووي الإيراني واستضافتها الحوار بين الولايات المتحدة وحركة طالبان من أجل إرساء السلام في أفغانستان. التعليم ركيزة التعاون القطري الفرنسي يبرز اهتمام قيادتنا الرشيدة بالتعليم كركيزة أساسية لبناء الإنسان ونهضة الدولة. ويعد التعليم أحد قطاعات التعاون الحيوية بين الدوحة وباريس. وهناك محادثات جارية بين معهد العلوم السياسية في باريس ومؤسسات تعليمية في قطر من أجل تبادل الطلاب وأعضاء هيئة التدريس بين هذه المؤسسات. كما أن هناك تعاوناً جيداً في مجال التعليم العالي ومساعي لجلب عدد من الطلاب الفرنسيين للدراسة في قطر في ظل اهتمام جامعات مثل جامعة قطر وحمد بن خليفة، باستقطاب الطلاب الفرنسيين. كما تتزايد أعداد الدارسين للغة الفرنسية في قطر وجارٍ التوسع في المدارس الفرنسية في مدرسة بونابرت، ومدرسة فولتير المميزة بتدريس المنهجين الفرنسي والقطري معاً. جذب الاستثمارات الأجنبية تدعم الزيارة السامية التوجهات القطرية لجذب الاستثمارات الأجنبية داخل السوق القطري، بالتزامن مع تشريعات نوعية اتخذتها قطر لدفع عجلة الاستثمار من الخارج، خاصة بتسهيلات الإقامة والتملك بنسبة ١٠٠٪ . وأكد السفير الفرنسي في الدوحة أن هناك العديد من الشركات الفرنسية التي تتطلع للعمل في قطر للمشاركة في خطط التطوير واستكشاف الفرص الاستثمارية المختلفة، لافتاً إلى ارتباط البلدين باتفاقية مشتركة بين المؤسسات الخاصة للاستثمار في إفريقيا في قطاع الفنادق والضيافة، مؤكداً أن لدى قطر قدرات مميزة ويأمل الجانب الفرنسي في تعزيز هذه الاستثمارات سواء في قطر أو فرنسا أو خارجهما. ٢٥ مليار يورو حجم الاستثمارات القطرية في فرنسا تعزيز الشراكة الاقتصادية تعزز الزيارة السامية من الحضور القطري الفعال والشراكة الاقتصادية المثمرة مع فرنسا. وتتسم العلاقات الاقتصادية بين البلدين بالمتانة والثقة المتبادلة، ويتجسد ذلك في تنامي الاستثمارات القطرية في السوق الفرنسي لتبلغ نحو 25 مليار يورو، بما يحقق المصالح المشتركة لشعبي البلدين بتنويع الاستثمارات ومصادر الدخل القطرية بما يخدم رؤية قطر لتنويع اقتصادها من جهة وتنشيط الأسواق وزيادة فرص العمل في فرنسا من جهة أخرى. وتبرز الاستثمارات القطرية في فرنسا في قطاعات الطاقة والعقارات والضيافة والرياضة وغيرها من القطاعات المهمة حيث تلقى ترحيباً واسعاً من جانب الحكومة الفرنسية. وتبقى فرنسا إحدى الوجهات المفضلة لدى المستثمرين القطريين في الخارج، إلى جانب المملكة المتحدة وألمانيا والولايات المتحدة الأمريكية وتتنامى أهمية الاستثمارات القطرية الفرنسية المشتركة في دول خارجية وهو ما أثبت نجاحه بصورة لافتة في الشراكة القائمة بين شركتي قطر للبترول وتوتال. تعاون دفاعي وأمني راسخ ومتطور تتمتع قطر وفرنسا بعلاقات قوية وراسخة في مجالي الأمن والدفاع، واكتسب هذا التعاون صبغة رسمية في عام 1994 من خلال توقيع اتفاق دفاع بين البلدين. وأثبت العقد الذي وُقّع في 4 مايو 2015 والذي يقضي بشراء 24 طائرة رافال ثم تحرير عقد خيار شراء 12 طائرة رافال إضافية في ديسمبر 2017، متانة العلاقات الفرنسية القطرية. كما تُنظّم باستمرار تدريبات عسكرية ثنائية لتعزيز القدرات في البلدين الصديقين. تبادل الخبرات لتأمين الفعاليات الرياضية الكبرى يبرز تعاون البلدين الوثيق في مجال الأمن والأمن السيبراني وتأمين الفعاليات الكبرى. ووقع البلدان اتفاقية في مجال الأمن السيبراني لمواجهة التحديات المشتركة. وهناك تعاون في هذا المجال بين جامعة ساوث بريتاني الفرنسية وجامعة قطر. كما أن هناك تعاوناً في المجال الأمني لتنظيم الفعاليات الرياضية الكبرى مثل بطولة كأس العالم 2022، ومنها على سبيل المثال مشاركة فريق من الشرطة القطرية وقوات لخويا والدفاع المدني لمتابعة فعاليات البطولة الأخيرة لكأس العالم للسيدات في فرنسا للوقوف على كيفية التنظيم وكسب الخبرات في هذا المجال. ومن جهة أخرى، يتطلع الجانب الفرنسي للاستفادة من الخبرات القطرية في تنظيم بطولة العالم لألعاب القوى في الدوحة الشهر الجاري ومونديال ٢٠٢٢ حيث تستضيف فرنسا بطولة الألعاب الأولمبية في باريس 2024. شراكة واعدة في استثمارات الطاقة شهدت العلاقات القطرية الفرنسية تطوراً كبيراً بشراكة واعدة في الاستثمار الخارجي بقطاع الطاقة. وتطور التعاون التاريخي مع شركة توتال التي تعمل في قطر منذ 80 عاماً إلى إطلاق شراكة مهمة مع شركة قطر للبترول وعملهما معاً في دول خارجية في إفريقيا وأمريكا اللاتينية للتنقيب عن النفط والغاز. وتمكنت الشركتان من إنجاز اكتشاف ضخم لحقل نفط مهم على ساحل جنوب إفريقيا، وكان تحدياً كبيراً ونجاحاً مبهراً لهما. ١٤مليار ريال حجم التبادل التجاري تُعد فرنسا ثالث أكبر شريك تجاري لدولة قطر من حيث حجم التبادلات التجارية في أوروبا.. وشهدت حركة التجارة المتبادلة بين قطر وفرنسا نشاطاً ملحوظاً وبلغ حجم التبادل التجاري 14 مليار ريال، أي ما يعادل 3.5 مليار يورو بداية العام الجاري، ما يؤكد أن العلاقات التجارية بين البلدين في تطور مستمر مهما كانت الظروف. ومن المتوقع أن يتزايد التبادل التجاري بين البلدين مع وصول وفود فرنسية من مختلف القطاعات إلى قطر قريباً، لبحث فرص جديدة للشراكة.
مشاركة :