النهوض بحياة الإنسان رهان يكسبه علم القرصنة البيولوجية

  • 9/22/2019
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

أصبح مصطلح القرصنة البيولوجية شائع الاستعمال في السنوات الأخيرة، وذلك لارتباطه الوثيق بالمساعي العلمية المبذولة من أجل تحسين حياة الإنسان والنهوض بالجسم البشري وتجاوز إمكانياته المحدودة أو حالات العجز عند البعض. وتساعد القرصنة البيولوجية على تحسين صحة الإنسان ومستوياته الإنتاجية والطاقة والنشاط البدني بفضل الإمكانات التي توفرها التقنيات الحديثة، إلى جانب توظيف الكم الهائل من البيانات التي يتمّ جمعها عن طريق الأجهزة الإلكترونية القابلة للارتداء. واشنطن – تشمل القرصنة البيولوجية أو الاختراق الحيوي طريقة جديدة باستعمالات الإمكانيات العلمية والقدرات الهائلة للتكنولوجيا الجديدة على إحداث التغيير في البيئة المحيطة بنا أو حتى إحداث التغيير داخل الجسم البشري من خلال إدخال تعديلات وتحسينات عليه تنصهر كلّها في سياق جهود النهوض بالإنسان. وتوفر القرصنة البيولوجية فرصة للبشر لعيش حياة أفضل، وهي تعد حركة متنامية في اتجاهات التكنولوجيا الحيوية والتكنولوجيا العالمية الناشئة. ويتخذ هذا الاكتشاف البيولوجي مسارا سريعا لتطوير الذات. ويمكن للقرصنة البيولوجية أن تجعل البشر يعيشون حياة أكثر صحة وسعادة وقوة، كما يمكنها أن تزيد من عمر الإنسان إلى الضعف. ويعود ابتكار مصطلح القرصنة البيولوجية إلى ديف أسبري مؤسس شركة “بوليت بروف نيوتريشن” والمستثمر في وادي السيليكون والرائد في مجال التكنولوجيا. وتمّت إضافة مصطلح “القرصنة البيولوجية” إلى قاموس “ميريام ويبستر” في عام 2018. ووفقا لتعريف أسبري الخاص فإن القرصنة البيولوجية يتم تعريفها على أنها فن وعلم تغيير البيئة من حولك وداخلك بحيث تكون لديك سيطرة كاملة على جسمك وعقلك. تهدف القرصنة البيولوجية إلى تحسين الأداء البشري من خلال استخدام العلوم والتقنيات المتقدمة والكمّ الهائل من البيانات التي يتم جمعها عن طريق الأجهزة القابلة للارتداء، كما تعمل على الارتقاء إلى مستوى تحسين الصحة والتغذية وتحسين مستويات الإنتاجية والطاقة وتحسين نوعية النوم والنشاط البدني. خبراء القرصنة البيولوجية يؤكدون أنهم قادرون على تقوية العظام في غضون دقائق باستخدام آلات عالية التقنية تسمّى آلات معالجة هشاشة العظام التي تستند إلى علم التحميل العظمي تساءلت سوزان فورتاني، الصحافية المتخصصة في العلوم والتكنولوجيا، “من منّا يستطيع مقاومة أن يعيش بمظهر أكثر شبابية، وأن يعيش حياة أطول بصحة أفضل؟” وتضيف فورتاني في التقرير الذي نشر بموقع “انترستنغ اينجينرينغ” (هندسة مثيرة للاهتمام)، المتخصص في الهندسة والتكنولوجيا الحديثة، أنه مع ذلك، هناك العديد من الأشياء التي يجب تعلمها أولا. وتؤكد أنه في البداية يجب عدم الخلط بين مصطلحي القرصنة البيولوجية وقرصنة الجسم، إذ يميل البعض من الناس إلى الخلط بينهما على الرغم من اختلافهما عن بعضهما. وتوضح فورتاني أن قرصنة الجسم لا تمتّ بصلة للبيولوجيا أو للكيمياء. كما أن بعض عمليات القرصنة البيولوجية ليس لها علاقة بجسم الإنسان. ويعتبر هذا أكبر اختلاف بين المصطلحين. وعادة ما ترتبط قرصنة الجسم بتقنيات وأدوات يمكن ارتداؤها، حيث تقوم البعض من الأجهزة القابلة للارتداء بمراقبة البيانات البيولوجية أو الصحية، والبعض من الأجهزة القابلة للارتداء الأخرى توفر تعزيزا للرؤية عن طريق إدخال تكنولوجيا الواقع المعزز. وتستخدم هذه الأجهزة القابلة للارتداء حاليا في صناعات مثل الرعاية الصحية والبناء. وتعتبر هذه أمثلة على قرصنة الجسم وليس على القرصنة البيولوجية. ومن ناحية أخرى فإن القرصنة البيولوجية تتعلق بمعالجة بيولوجيا الدماغ أو الجسم نفسه من أجل تحسين الأداء. لكن البعض من جوانب وعمليات القرصنة البيولوجية قد تشمل أيضا قرصنة الجسم. وتشمل بعض العمليات المرتبطة بالقرصنة البيولوجية: يمكن زيادة متوسط العمر المتوقع بسهولة لهؤلاء الأشخاص الذين يتبعون بعض العادات الصحية البسيطة مثل، اتباع نظام غذائي نباتي وممارسة الرياضة بانتظام والامتناع عن التدخين والتقليل من استهلاك الكحول وتحسين نوعية النوم. وتنطوي زيادة متوسط العمر المتوقع في بعض الأحيان على سلسلة من التغييرات في نمط الحياة. وهذه هي الخطوات الأساسية التي يجب على أيّ شخص أن يأخذها في عين الاعتبار إذا أراد الدخول إلى عالم القرصنة البيولوجية. طول العمر تزعم القرصنة البيولوجية أن تحسين الأداء البشري وتطويره قد يؤدي إلى طول العمر. ويركز خبراء القرصنة البيولوجية على زيادة أعمارهم من خلال كل ما يمارسونه من أجل تحسين حياتهم وصحتهم. ومن ضمن بعض الأشياء التي يمكن أن تؤدي إلى طول العمر نذكر، التغذية وإدارة الإجهاد وممارسة الرياضة والصيام المتقطّع والتأمل وتحسين جودة النوم وتناول المكملات الغذائية التي يفضّل أن تكون طبيعية ونباتية. ويختصر شعار “عش حياة صحية، إذا أردت أن تعيش لفترة أطول” هذا النهج. العلاج بالتبريد هو علاج عن طريق التعرّض للبرودة الشديدة أو للثلج وعن طريق خفض درجة حرارة الجسم وصولا إلى الأنسجة والخلايا. يزعم خبراء القرصنة البيولوجية أنه من الممكن أن يحققوا فوائد علاجية وأن يزيدوا من معدلات التمثيل الغذائي. ومع ذلك يجب أن يكون العلاج بالتبريد تحت إشراف الخبراء، فإلى جانب الفوائد، يوجد أيضا بعض الآثار الجانبية وموانع الاستعمال. ويمكن أن يتضمن العلاج بالتبريد العلاج باستخدام عبوات باردة أو عبوات ثلج في غرف بأكملها. ويتمثل المستوى التمهيدي للعلاج بالتبريد في أخذ جرعات باردة لمدة ثلاثة أيام على التوالي لمدة 10 ثوانٍ، وتعريض الجبهة لهذه البرودة. ويقول أسبري إن الشعور العام يتحسن بعد اليوم الرابع. ويطلق على العلاج بالتبريد في فنلندا اسم “أفانتو”، وهي ممارسة شائعة تحدث في فصل الشتاء بالتناوب مع الساونا. وتتضمن هذه العملية صنع ثقب في الجليد الذي يغطي البحيرة، ثم ممارسة السباحة في المياه المجمدة لبضع دقائق. ويؤكد الذين يقبلون على هذه الممارسة أنها تنعش وتنشط. وتقول فورتاني “بعد ذلك، ادخل إلى الساونا لبضع دقائق، وتناول فنجانا من القهوة، وسترتفع درجة حرارة جسمك مرة أخرى”. يدّعي خبراء القرصنة البيولوجية أنهم قادرون على تقوية العظام في غضون دقائق باستخدام آلات عالية التقنية تسمى آلات معالجة هشاشة العظام، والتي تستند إلى علم التحميل العظمي، حيث يمكن لتمارين رفع الأثقال أن تحسّن من صحة العظام وتحفّز بناءها وتمنع أو تكافح هشاشتها. وهذا يعتمد على النظرية القائلة بأن الأمر يستغرق أربعة أضعاف وزن جسمك لينمو ويزيد من كثافة عظامك. يتم ذلك عن طريق التحميل ذي التأثير العالي، والذي يتم مرة واحدة فقط في الأسبوع لبضع دقائق لا تزيد عن عشر، مع ممارسة البعض من التمارين التي تتطلب بضع ثوان فقط. ويجب أن يكون هذا أكثر من كاف للحصول على البعض من التدريبات، بدلا من قضاء ساعات طويلة في صالات الألعاب الرياضية كما كان يحدث في الماضي. وتقدّم مؤسسة “أوستيو سترونغ” في لوس أنجلوس جلسة مجانية لأولئك الذين يرغبون في معرفة المزيد عن التدريب على العظم وتجربة التقنية التي يمكن أن تعزز حالة الجسم للحصول على أداء رياضي أفضل. العقاقير الذكية تعمل المنشطات الذهنية على تحسين الوظائف الإدراكية، وهي مواد طبيعية أو تركيبية قد تعزز المهارات العقلية وتنقسم إلى ثلاث فئات عامة هي، المكملات الغذائية والمركبات الاصطناعية والعقاقير الطبية. المكملات الغذائية لتعزيز الذاكرة هي المنشّطات الذهنية التي يأخذها الطلاب عادة خلال فترات الامتحانات. أما الأشخاص الذين يسعون إلى تحسين الوظيفة الإدراكية فيتّبعون أيضا نظاما غذائيا كثيف العناصر الغذائية، ويتعلمون كيفية التحكم في إجهادهم، ويعملون على تحسين نوعية نومهم. والمنشطات الذهنية ليست سوى ملحق يكمّل ما سبق ذكره. هو اتجاه بدأ في وادي السيليكون وتوسع بسرعة إلى بقية العالم. يمكن اتباع هذا النظام لفقدان الوزن أو لتعزيز قوة المخ والصفاء الذهني. وفي القرصنة البيولوجية، فإن هذا يعني تحسين التركيز. ويمكن للصيام المتقطع أن يعزز من قوة الدماغ. ويوضح أسبري أن الأمر لا يستغرق سوى تخطي الإفطار وشرب الماء أو الشاي أو القهوة فقط. ونمت ثقافة القرصنة البيولوجية بشكل كبير في السنوات القليلة الماضية، حيث عقدت مؤتمرات وفعاليات مخصصة حول العالم في هذا الشأن. وستعقد قمة القرصنة البيولوجية التالية في هلسنكي، فنلندا في ديسمبر المقبل. وفي بادئ الأمر ظهرت القرصنة البيولوجية كنهج جاد، على ما يبدو، لتطبيق أخلاقيات التقنية في علم الأحياء. وفي مرحلة لاحقة تم تطوير القرصنة البيولوجية ليشمل مجالات وممارسات أخرى. ويمكن أن يشمل الاختراق الحيوي أيّ شيء من شراء “الماء الخام” إلى “اختراق العقل” بزيادة تدفق الدم لتتبع كل ما يدخل ويخرج من الجسم. ويقول رون شيجيتا بيركلي بيولابس، الذي يدير موقعا للقرصنة البيولوجية في بيركلي بكاليفورنيا، حيث يجتمع العشرات من علماء البيولوجيا في كثير من الأحيان لممارسة الاختراق الحيوي، إن القرصنة البيولوجية هي “حرية استكشاف علم الأحياء، وإن القرصنة تشبه إلى حدّ ما حرية التنقيب في شيء ما لمجرد الاهتمام به”.

مشاركة :