تقلص الربحية يهدد البنوك المركزية لدول «منطقة اليورو»

  • 9/23/2019
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

بعد صمت طويل، أقر البنك المركزي الأوروبي أن أسعار الفائدة السلبية لم يكن لها أثر يذكر لا على الاقتصاد ولا الأسعار. وصدر هذا عن البنك، بينما يرتعد محافظو البنوك المركزية لدول الاتحاد الأوروبي إزاء احتمالات إقرار زيادة جديدة في هذه الأسعار السلبية قريباً. فقد خسرت البنوك كثيراً من أرباحها، ولم يعد بوسعها تحمل المزيد. فهل يتدخل البنك؟ وتعتبر الفوائد السلبية أمراً سيئاً للبنوك، فعليها خفض أسعار الفائدة عند الإقراض مع الالتزام بسعر فائدة قدره 0% على الودائع. ويعني هذا بالضرورة انكماش أرباح البنوك النهائية، والأسوأ من هذا، أن البنك المركزي الأوروبي يدرك مخاطر الإضرار بالنظام المالي من جراء تحركات بسيطة في اتجاه رقمه المستهدف للتضخم الذي عجز عن تحقيقه مراراً. بمعنى آخر، إصلاح خطأ بغيره. ويرى المدافعون عن أسعار الفائدة السلبية أن البنوك ما زالت في حالة جيدة حتى الآن. وكان تطبيق هذا النظام في منطقة اليورو بدأ في يونيو 2014. ومنذ ذلك الوقت، لم تنخفض هوامش أرباح البنوك بشكل كبير، فقد ارتفعت محفظة قروضها، في حين استقرت عوائدها من الفوائد تقريباً. ويمكن القول، إن النبض الصادر عن الاقتصاد الآخذ في التحسن عادل من أثر الفوائد السلبية. وتحمل الجملة السابقة تفسيراً اقتصادياً لوضع قائم، ولكن هل الفوائد السلبية هي السبب حقاً، أم سياسات البنك المركزي الأوروبي الأخرى، أو لعلها ضربة حظ!ويقول كريستيان أوديندال، كبير الخبراء الاقتصاديين في المركز الأوروبي للإصلاحات، إن المشكلة العامة التي تواجه البنوك هي الربحية، وبوسعها الآن أن تعلق مشكلتها على شماعة البنك المركزي الأوروبي لترتاح. ولننظر إلى الأمر بشكل أعمق. ستظهر المشكلة حتماً في المستقبل، لأن الأثر المباشر لزيادة الخفض في الأسعار السلبية للفائدة، أو الحفاظ على مستواها الراهن لفترة طويلة، سيضر الأرباح أكثر من الأثر غير المباشر الذي يعود على الاقتصاد فترتفع الأرباح. علاوة على هذا، فإن أداء الأسواق يعكس بالفعل توقعات بائسة للأرباح بشكل أكبر بكثير. فقد انخفضت أسعار أسهم البنوك إلى مستويات ما بعد أزمة إفلاس بنك ليمان برازرز في عام 2009. ولا يتوقع المستثمرون مصيراً مماثلاً للبنوك الأوروبية، فالتعامل على الأذون الصادرة عنها يتم بصورة طبيعية. ولكنهم لا يتوقعون توزيعات أرباح تذكر على المساهمين كذلك. ولنعد إلى البنك المركزي الأوروبي، إذ تظهر دراسة تصدر قريباً عن البنك أن أسعار الفائدة السلبية أفادت قليلاً على صعيدي معدلات النمو والتضخم، وهو الهدف الأساسي منها. فقد ارتفع التضخم بأقل من 0.1% سنوياً، بينما ارتفع هامش الأثر على الاقتصاد بفارق يزيد قليلاً على هذه النسبة. ويرى لويس دو جيندوس، نائب رئيس مجلس إدارة البنك، أنه طالما كان أثرها بهذه الضآلة، وآثارها السلبية على البنوك بهذا الوضوح، فهل علينا أن ننزعج حقاً؟ويخالفه آخرون في الرأي، وأبرزهم فيتور كونستانشيو النائب السابق لرئيس البنك ويقول: «لا يجب استعمال أداة الفوائد السلبية أكثر من هذا في أوروبا، فقد أوشكنا على الوصول إلى الحدود القصوى». ويشاركه في الرأي المدير التنفيذي لبنك دويتشه ونظيره لبنك «يو. بي. إس.» بل إن بعض المستفيدين من أسعار الفائدة المتدنية عند الاقتراض يشعرون بالقلق. ومن أبرز هؤلاء فرنسا. ويقول برونو لو مير وزير المالية الفرنسية: «إذا نظرنا للدين الفرنسي في ظل الفوائد السلبية، فإن الأمر يصب في مصلحتنا بطبيعة الحال. ولكن لها عواقبها شديدة السوء على القطاع المصرفي نتيجة الإضرار البالغ بربحيتها». ولهذا تتعلق أنظار البنوك المركزية الأوروبية بالبنك المركزي لمساعدتها، وإن كانت معظم البدائل المتاحة يعرقلها عوائق سياسية جدية تجعلها محيرة. فهل يفك البنك هذا الالتباس؟ لننتظر.

مشاركة :