أمس كان الحديث عن قضايا وشرائح مهمة تتجاهلها معظم وسائل الإعلام، بينما تُكَرّس وتُكَرّر الحديث عن أخرى كـ (قيادة المرأة للسيارة، وما قد يقع من أخطاء فردية من منسوبي هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر)! وكان النموذج الحَاضِرُ أمسِ (قضية حرّاس الأمن "السكيورتي") أما اليوم فالمساحة عن بؤساء لهم حكايات مؤلمة (لم يكتب عنها "فيكتور هوجو")، فهم يخدمون المجتمع بإخلاص وتَفَانِ، ولكنهم منسيون ويعَانون، أعني بهم (عُمّال النظافة)! فأولئك الطيّبون يَقْدِمُون من بلادهم، تحملهم أحلامهم بحياة كريمة ورزق حلال لهم ولأسَرهم في بلدانهم، ولكنهم يُصْدَمُون بمعاملة تُجَرّدهم حتى من إنسانيتهم!. ففي سكنهم يُحْشَرُون كالدّواب (مع التقدير لهم) في غُرَف ضيقة، أما ساعات العمل فطويلة ميدانية شاقة، يسيرون فيها وهم يمتطون أقدامهم لعدة كيلو مترات يوميًا! وظروف الأجواء قاسية بين بَرْد شتاء يُجَمّد أطرافهم، ويَفْتِرِسُ أجسادهم الهزيلة، أو لهيب صيف تستمتع شمسُه بحرق ملامحهم البريئة! لا اجازات، ولا بدلات، ولا حوافز تشجيعية، أما الرواتب فمَهَانة في حقهم كُبرى فهي لا تتجاوز شهريًا الـ(500 ريال)، ومع ذلك تتأخر لعدة أشهر، دون اعتبار أو اكتراث بأحوالهم، أو لُقْمَة عيش الأُسَر التي يُعيلونها في أوطانهم!! نعم فأغلب الشركات والمؤسسات الخاصة التي تستقدم أولئك الغَلابى للعمل، تستثمر بتعبهم وعَرقهم، وتقبض من عقود النظافة والصيانة الملايين، بينما تحرمهم من أبسط حقوقهم! فهل يُلام أو يُدان هؤلاء لو تَسَوّلُوا أو خالفوا الأنظمة بممارستهم لأعمال أخرى؟ أم أن المُدان هو من سلبهم أبسط مقومات ومتطلبات الحياة الكريمة، في ظِلّ صَمْت معظم وسائل الإعلام، وغياب لجان حقوق الإنسان والجهات ذات العلاقة؟!. لقد حان الوقت -كما ذكرت ذات مرة- بحماية أولئك الأبرياء من الاضطهاد، وصناعة بيئة عَمَل صحية ومناسبة لهم، وبساعات شُغْلٍ عادلة ورواتب مجزية، تُلْزَمُ بها المؤسسات عند التعاقد، والأَهَم وضع آلية تضمن استلامهم لحقوقهم بانتظام، ثم أتمنى مبادرات من المجتمع تبعث رسالة تقدير وتكريم لهم، فهم أيضًا يستحقون. aaljamili@yahoo.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (3) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain
مشاركة :