تقرير مؤلم بَثّته (صحيفة مكة) يوم الأربعاء الماضي عن طائفة من المرضى النفسيين، الذين يجوبون شوارع مكة المكرمة، وينشرون الرّعب فيها بحسب التقرير! تلك الفئة المنسية لا يقتصر وجودها في العاصمة المقدسة، بل في العديد من المدن؛ حيث تَطُوْف الشوارع صباحَ مساءَ، بأجساد هَزيلة، ووجوه شاحبة، ترتسم عليها قسوة الزّمان والمكان والإنسان!! نلمحهم هنا وهناك، فنُقابلهم أحيانًا بعاطفة نَابِضَة، وغالبًا نَبْخَل عليهم حتى بالْتِفَاتةٍ عَابِرَة! أولئك (المَرضى النفسيون، أو المُخْتلون عقليًّا)، إذا كانوا قَد فقدوا العقل، أو شيئًا منه، ومعه (الأهل)، أو رعايتهم وحنانهم؛ فإن المجتمع ومؤسساته قد تجاهلهم، فتركهم أُسَارَى تتقاذفهم الطّرقَات، وتتسابق على افتراسهم وُحُوْش المرض، والجوع، ولهيب الصيف، وبَرْد الشِّتَاء! فلماذا خَذَل مجتمعنا أولئك -أعني (بُؤَسَاء) الحاضر- الذين لم تَرسم تفاصيل معاناتهم رواية (فيكتور هيجو)؟! أين المؤسسات المعنية التي لا هَمَّ لها إلاَّ تَقَاذف مسؤوليتهم، فَكلُّ جهة تُلقي بالمسؤولية على الأخرى؟! أين الجمعيات الاجتماعية والخيرية التي تحتضنهم؟ أولئك التائهون في الطُرق يحتاجون للرعاية في أنفسهم، وبعضهم قد يُمثِّل خطرًا على المَارَّة؛ ولذا أرى أهمية إطلاق هيئة حكومية خاصة للعناية بهم، وأيضًا أتطلَّع لأوقاف لأجل أولئك، من ريعها تكون لهم (مساكن متخصصة، ورعاية طبية واجتماعية)، وكذا دراسات لمعرفة العوامل التي تزرع المريض النفسي في مجتمعنا، وكيفية القضاء عليها، أو التخفيف من آثارها! (فَالوقف الإسلامي) الذي لم يَنسَ في زمنٍ فَات حتى القطط العمياء، والخيول المُسنَّة، فصنع أوقافًا لرعايتها؛ لماذا نَهْرُ خَيْره وعطائه تَوَقَّف عند محطة أولئك الضعفاء فَجَفَّ ومَات؟! أخيرًا، العَالَم يحاول تَذكر (أولئك)، إذ يحتفل بهم سنويًّا في مِثل هذا اليوم، أي (العاشر من شهر أكتوبر)؛ ولأن مجتمعنا الطيِّب يفتخِر بإسلامه وشهامته وأصالته؛ فالأمَل أن لا يَنسَى أولئك المساكين!! aaljamili@yahoo.com
مشاركة :