الأماكن كالأشخاض لها ذكريات ومعانٍ، بعضها يتساقط مع الأيام، ومنها ما لا تمحوه السنين، بل ينحني أمامها التاريخ، ومن أجلها تغير الجغرافيا خرائطها وتضاريسها.كتبت «أبرق الرغامة» سطورا من تاريخ ملحمة التوحيد التي قادها الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود، الذي استطاع أن يحولها من منطقة جرداء إلى واحة حضرية تحتضن على أرضها الأحياء السكنية والمنشآت التنموية، بعد أن كانت قبل توحيد المملكة ممراً لعبور القوافل التجارية القادمة إلى منطقة الحجاز.ويأتي اليوم الوطني الـ89 للمملكة لنستحضر مكانة «أبرق الرغامة» ومخزونها التاريخي، إذ عسكر على أرضها الملك المؤسس مع رجاله للدخول إلى جدة التي أعلن فيها في شهر جمادى الآخرة من عام 1344هـ الموافق 25 ديسمبر 1952م أن «بلد الله الحرام في إقبال وخير وأمن وراحة وأنه مضى يوم القول.. ووصلنا إلى يوم البدء في العمل»، لتتحقق رغبته في استتباب الأمن في منطقة الحجاز، وتأمين قدوم الحجاج والمعتمرين إلى الأراضي المقدسة.ويعود المعنى اللغوي لـ«أبرق الرغامة» من «الأبرق»، ويعني البرقاء، وهي حجارة ورصل مختلطة، وكل شيء خلط بلونين فقد برق «أي لمع».والبرقة أرض وحجارة وتراب الغالب عليها البياض وفيها حجارة حمر وسود والتراب أبيض وأحمر، أي برق بلون حجارتها وترابها، وفي مثل هذه الأراضي تظهر حولها وعلى أطرافها نباتات وأشجار ويكون إلى جوارها الروض، وهو عشب أخضر يصلح للرعي بعد سقوط الأمطار.كما أن «الرغامة» اسم قديم ينطبق وصفه على طبيعة الأرض والموقع معروف منذ القدم كونه ممرا لطرق القوافل المتجهة من جدة إلى مكة المكرمة، كما يطلق لفظ «الرغامة» على المسافات التي تجتاز الأراضي الرملية في الحجاز.
مشاركة :