تزخر جدة كباقي مدن المملكة ومحافظاتها بإرث تاريخي، يتمثل في الكثير من المناطق التاريخية، التي كانت ولازالت شاهدا على بطولات موحد هذه البلاد الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه-، ومن هذه الشواهد التاريخية موقع "أبرق الرغامة"، والذي شهد إعلان دخول جدة تحت حكم الدولة السعودية في سبتمبر (أيلول) 1925م. وحول هذا الصرح التاريخي الثقافي قال محمد عبدالسلام نوار مدير مركز الملك عبدالعزيز الثقافي بأبرق الرغامة: اكتسب الموقع شهرة واسعة بسبب ارتباطه بتاريخ المملكة العربية السعودية، كونه يشكل آخر نقطة وقف فيها الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود وهو يقود مسيرة توحيد البلاد وفي هذه المنطقة الجغرافية الجرداء، عسكر الملك عبدالعزيز بجيشه، ومن حسن الطالع أن الاستعدادات الحربية انتهت بسلام ودخلت جدة في أحضان الدولة الفتية. مبينا أن الملك عبدالعزيز رسم من هذه القلعة بداية مرحلة البناء للدولة الحديثة والأخذ بأسباب العلم والمعرفة، عندما أعلن "أن بلد الله الحرام في إقبال وخير وأمن وراحة". وقبل نحو أكثر من 90 عاما كان أبرق الرغامة يبعد عن جدة 14 كيلوا متر أما اليوم فهو من الأماكن الرئيسة في عروس البحر جدة. ويضيف نوار بأن موقع أبرق الرغامة هو أحد المواقع الجغرافية المهمة شرق مدينة جدة، وأن المعنى اللغوي للاسم يتكون من جزئين؛ الأول «الأبرق» ويعني البرقاء وهي حجارة مختلطة وكل شيء خلط بلونين فقد برق (أي لمع)، والبرقة أرض وحجارة وتراب، الغالب عليها البياض. كما توضح أن "الرغامة" اسم قديم ينطبق وصفه على طبيعة الأرض، والموقع معروف منذ القدم لكونه ممرا لطرق القوافل المتجهة من جدة إلى مكة المكرمة، ويطلق اسم الرغامة على المسافات التي تجتاز الأراضي الرملية. واستطاع الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود أن يحول منطقة "أبرق الرغامة" شرق جدة، من منطقة جرداء كانت قبل توحيد المملكة ممرا لعبور القوافل التجارية القادمة إلى منطقة الحجازإلى منطقة حضرية تحتضن على أرضها المنشآت التنموية التي حققت للمكان شهرة واسعة، جعلت الكثير من سكان جدة يأوون إليها. وأشار محمد نوار إلى أن جبل أبرق الرغامة، يقع في وادي الرغامة في الشرق منه بمسافة 14 كيلومترا تقريبا، ويعد مناخها مختلفا عن الأحياء الموجودة داخل المدينة بسبب بعدها عن البحر ومجاورتها للجبال، كما جرى إنشاء مركز ثقافي باسم المؤسس بمنطقة أبرق الرغامة لمكانتها في مسيرة التوحيد للملك عبد العزيز على مساحة 150 ألف متر مربع لتجسيد هذا الموروث الثقافي التاريخي. ويعد مركز الملك عبدالعزيز الثقافي علامة مشرفة في تاريخ المملكة عامة ومدينة جدة على وجه الخصوص، فقد أنشئ المبنى على مساحة كبيرة بغرض توثيق وتسجيل مرحلة تاريخية مهمة من تاريخ الدولة السعودية الحديثة، بينما وضعت أمانة محافظة جدة في برامجها أن يكون هذا المركز نقطة جذب للزائرين من داخل البلاد وخارجها، وأن يكون منبعا للثقافة والتنوير بماضي المملكة وحاضرها ومستقبلها. وشيد المبنى على هضبة مرتفعة في أعلى نقطة من أبرق الرغامة، ويحتضن معلما تذكاريا، عبارة عن مجسم عليه علم المملكة، وفي داخله مصعد ويجري تحريك العلم بشكل دائري عن طريق «الهيدروليك»، ويشتمل المبنى على مسرح كبير للمحاضرات والفعاليات الثقافية والتعليمية مجهز بالتجهيزات الخاصة لاستضافة المناسبات الكبيرة والضخمة كافة. وأشار نوار إلى أن سعة المركز الداخلية تصل إلى 1200 كرسي مع وجود أربع قاعات داخلية كبيرة للمحاضرات وصالات العرض الثقافية والتعليمية، مبينا أن هذه العناصر توظف لإقامة العروض التاريخية التي تغطي تاريخ المملكة ومراحل توحيدها وإنجازاتها الحضارية، وجرى استغلال الساحات المكشوفة الخارجية من المركز لعرض مجسمات عن آثار المملكة المشهورة ومعالمها التراثية والمعمارية. محمد عبدالسلام نوار
مشاركة :