ندد الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمس بما وصفه بـ«تعطش إيران للدم»، ودعا في كلمة أمام الدورة الـ74 للجمعية العامة للأمم المتحدة، العالم للانضمام إلى الولايات المتحدة في الضغط على طهران بعد الهجمات التي استهدفت منشأتي نفط «أرامكو» في المملكة العربية السعودية. وقال «جميع الدول عليها واجب التحرك.. يجب ألا تساند أي حكومة مسؤولة تعطش إيران للدم»، وأضاف متوعدا: «العقوبات لن ترفع طالما واصلت إيران سلوكها الذي ينطوي على تهديد. سيتم تشديد العقوبات طالما استمر سلوك إيران تهديديا». وندد ترامب بأربعة عقود من الإخفاق منذ حدوث الثورة الإيرانية، ودعا زعماء إيران إلى أن يضعوا الشعب الإيراني أولا، لكنه استطرد قائلا «إن الولايات المتحدة لا تسعى إلى حرب أو نزاع مع أي دولة. نريد السلام والتعاون وعلاقة مثمرة مع الجميع. نريد شركاء لا خصوما. لكن سأدافع دائما عن مصالح أميركا». وحث شعوب العالم على أن تفتخر ببلدانها وأن تحافظ على سيادتها الوطنية، وقال «إن الولايات المتحدة هي أقوى دولة في العالم بفارق كبير، ونأمل ألا نضطر مطلقا لاستخدام هذه القوة»، وأضاف: «إذا كنتم تريدون الحرية، فعليكم أن تفتخروا ببلادكم، وإذا كنتم تريدون الديمقراطية، فعليكم التمسك بسيادتها، وإذا كنتم تريدون السلام، فعليكم أن تحبوا بلادكم». وقال ترامب في وقت سابق إنه في موقف قوي للغاية بشأن إيران، وأضاف: «أعتقد بأننا نقوم بعمل جيد للغاية. فلنرى ماذا سيحدث مع إيران، لكننا في موقف قوي للغاية بشأنها وأعتقد أنهم يودون فعل شيء ومن الذكاء إن هم فعلوا». ورفض مساعي الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للوساطة بين الولايات المتحدة وإيران في النزاع، وقال «نحن لا نحتاج إلى وسيط...هو (ماكرون) صديقي لكننا لا نبحث عن أي وسطاء». لافتا إلى أن جدول أعماله لا يشمل الاجتماع بالرئيس الإيراني حسن روحاني هذا الأسبوع لكنه لم يستبعد الاجتماع به في نيويورك. من جهته، قال ماكرون الذي اجتمع مطولا مع روحاني، إنه يأمل في حصول تقدم خلال الساعات القليلة المقبلة بشأن المفاوضات مع إيران. كما أشار رداً على أسئلة صحافيين إلى وجود خطر حصول تصعيد يخرج عن السيطرة بعد الهجمات التي استهدفت «أرامكو». وأضاف «لا بد من الجلوس مجددا إلى الطاولة لإجراء محادثات صريحة وحازمة حول النشاط النووي، وحول ما تقوم به إيران في المنطقة، ونشاطاتها البالستية، لكن أيضا مع التسلح بنهج أكبر بشأن العقوبات. آمل بأن نتمكن من التقدم خلال الساعات القليلة المقبلة». وأوضح ماكرون «أجريت نقاشا مطولا لساعة ونصف ساعة مع روحاني، أتاح كما أعتقد فتح ثغرات، وهي دقيقة جدا»، وتابع «كان الاجتماع مباشرا جدا ودقيقا. والوضع متوترا بعد الضربات. تصارحنا بشأن الأشياء المهمة وبحثنا خصوصا في سبل ومقترحات حلول». وبعد أن ذكر بالوساطة التي تتولاها فرنسا بين إيران والولايات المتحدة، حذر ماكرون من أنه إذا لم نجد شروط التفاوض، فإننا نجازف بتصعيد وأقل استفزاز يمكن أن يؤدي إلى ردود فعل مفرطة». وأضاف «رأيتم كيف أن الأيام التي تلت هجمات 14 سبتمبر لم تؤد إلى تصعيد، نجحنا بالحفاظ على نوع من الاستقرار. لكن أي حدث جديد يمكن أن يؤدي إلى تصعيد، هذا ما يتعين قطعا تفاديه». من جهته، وعشية كلمته أمام الجمعية العامة اليوم، أبدى روحاني استعداده لمناقشة إدخال تغييرات أو إضافات أو تعديلات محدودة على الاتفاق النووي المبرم مع الدول الكبرى عام 2015 إذا رفعت الولايات المتحدة العقوبات عن بلاده. في وقت رفضت وزارة الخارجية الإيرانية ما تضمنه بيان بريطانيا وألمانيا وفرنسا عن تحميل طهران مسؤولية الهجمات على «ارامكو»، وقالت إن الأمور المدرجة في البيان، حول الاتفاق النووي والتأكيد على إجراء مفاوضات جديدة حول البرنامج النووي يشكل نقضا سافرا لنص وروح الاتفاق والقرار 2231 الصادر عن مجلس الأمن. وقال وزير الخارجية محمد جواد ظريف إنه لن يكون هناك أي اتفاق نووي جديد دون الالتزام بالاتفاق الراهن. وكان وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو أعرب عن امتنانه لكل من ألمانيا وفرنسا وبريطانيا، بعد أن أصدرت الدول الثلاث بيانا مشتركا يفيد بأن إيران تتحمل المسؤولية عن الهجوم الأخير على السعودية، وكتب على «تويتر»: «الولايات المتحدة تشكر الأصدقاء المقربين، المملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا، على إشارتهم الواضحة إلى مسؤولية إيران وحدها عن عمل الحرب ضد السعودية وتأثيره على المنطقة والعالم»، وأضاف: «سيعزز هذا الدبلوماسية وقضية السلام. نحث كل دولة على الانضمام إلى هذه الإدانة لأعمال إيران». من ناحيتها، رفضت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل المطلب الإيراني بإنهاء العقوبات عليها كشرط مسبق لإجراء محادثات مباشرة مع الولايات المتحدة والغرب. وقالت بعد لقاء كل من ترامب، ثم روحاني، على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة،: «بطبيعة الحال سأرحب إذا جرت محادثات بين الولايات المتحدة وإيران»، وأضافت: «لكن بالتأكيد لن تسير الأمور على هذا النحو وهو رفع كل العقوبات مرة واحدة من الطاولة ثم إجراء المحادثات، أعتقد أن هذا ليس بداية واقعية». وانتقدت الشروط التي توضع للقبول بإجراء محادثات، قائلة «إنها دائما ما يتم صياغتها على نحو يجعل معه هذه المحادثات لا تتم من كل الأطراف». وقالت ميركل إنها بحثت مع روحاني الوضع في الإقليم بعد هجمات أرامكو ومستقبل الاتفاق النووي، وأشادت بالبيان المشترك الصادر عن ألمانيا وبريطانيا وفرنسا بخصوص مسؤولية إيران عن الهجمات. وأضافت «أنه تم توضيح أننا على قناعة بأن إيران تتحمل المسؤولية»، وذكرت أن المحادثات تضمنت أيضا حرب اليمن وكيف يمكن إحلال المزيد من السلام في هذه المنطقة. واختتمت تصريحاتها قائلة إنها بحثت أيضا مع ترامب سبل حل الأزمة في ليبيا والصراع التجاري بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.
مشاركة :