مما لا شك فيه أن أكثر ما يُميز العصر الحديث هو التقدم التكنولوجي الذي ينمو سريعًا، وتعتبر التكنولوجيا من أهم مقومات الحياة في هذه الحقبة الزمنية التي نعاصرها؛ حيث بات من الصعب الاستغناء عن هذا التقدم، فالبشرية جمعاء تُدرك أهمية العامل التكنولوجي وتأثيره في حياتنا اليومية نظرًا لما تقدمه لنا من تسهيلات، حتى أصبحنا نعتمد عليها بشكل كبير في جميع المجالات التي نُمارسها بشكل يومي، كالصحة والعلوم والفنون والاقتصاد، فبدونها لا نستطيع إنجاز العديد من المهام خلال فترات وجيزة. تحظى التكنولوجيا بإشادة من الغالبية العظمى، باعتبارها الوسيلة الأمثل لحل المشكلات والتحديات التي تواجه المجتمع، على عكس آخرون يرون أن هناك قدرًا كبيرًا من التضارب والشك حول الأثر التكنولوجي ودوره في المجتمع، فقد شهدت الفترة الأخيرة مناظرات، حادة في بعض الأحيان، حول طبيعة التطورات التكنولوجية؛ لذا لا يمكن أن نُلقي اللوم على التكنولوجيا في بعض التصرفات والتأثيرات السلبية، فالمستخدم هو بالفعل من يحدد طريقة استخدام العامل التكنولوجي بشكلٍ سلبي أو إيجابي. فالتطور السريع الذي يشهده الوقت الحاضر، جعل التكنولوجيا غير مقتصرة على المختصين أو الخبراء ولكنها أصبحت وسيلة يُمكن استخدامها من قِبل جميع الأشخاص، على اختلاف مهاراتهم ومستوياتهم العلمية، وتعتبر فئة الشباب هي الفئة الأكثر استخدامًا للعامل التكنولوجي والأكثر تفاعلاً معه، فمن الطبيعي أن يحظى الشاب في مقتبل عمره بهاتف نقال وجهاز حاسوب، وغيرها من وسائل التكنولوجيا الحديثة التي كانت حكرًا في السابق على فئات مجتمعية بعينها. يُمكننا القول إن التقدم التكنولوجي هي مرحلة انتقالية في حياة الإنسان من الأقدم للأحدث ومن التقليد والروتين إلى السرعة والإبداع والابتكار، مثل المرحلة الانتقالية للإنسان من العصر الحجري إلى العصر النحاسي، إذن فالإنسان هو الكائن الوحيد الذي يتسم بالتطور الثقافي والحضاري. التكنولوجيا سلاح ذو حدين تغيرات جذرية شهدتها واجهة المجتمعات نتيجة لما أحدثه عالم التكنولوجيا، حتى أصبح للتكنولوجيا فى حياتنا سلبيات وإيجابيات؛ حيث يتوقف ذلك على طريقة الاستخدام والتوظيف. يرى بعض الأطباء النفسيين أن التكنولوجيا الحديثة أصبحت سلاحًا ذا حدين؛ لما لها من سلبيات وإيجابيات، وهذا يتوقف على طريقة استخدام هذه التكنولوجيا، فإذا اُستخدمت التكنولوجيا الحديثة فى المعرفة فهذا الاستخدام الإيجابى الصحيح لها، أما إذا استخدمنا هذه التكنولوجيا فى إهدار الوقت فهذا هو الاستخدام السلبي الذى يضر. وفي هذا الإطار يقول مارك غودمان؛ الخبير الأمني ومؤسس معهد جرائم الغد، إن التكنولوجيا الأولى التي امتلكها البشر قد تكون النار، التي يمكنها أن تطهوَ طعامك، ويمكنها أيضًا أن تحرق القرية التي في الجوار، والفرق هنا هو أن وتيرة المبتكرات التكنولوجية سريعة إلى حد أنه أصبح أسهل على الناس أن يستخدموها للخير أو للشر، على السواء. الأثر الإيجابي للتكنولوجيا الحديثة ليس هناك ثمة شك في أن التكنولوجيا الحديثة قدمت لنا الكثير من التسهيلات في حياتنا اليومية، وهو ما ساعد الفرد على إنجاز المهام خلال فترة وجيزة، علاوة على ذلك ارتبطت كثير من أعمال الأشخاص وتحركاتهم وتوجهاتهم وتعاملاتهم المالية والحكومية وتعليمهم وأبحاثهم ومتابعتهم للأخبار والأحداث والكثير من التفاصيل بالعامل التكنولوجي الحديث. وهناك أثر إيجابي حققته التكنولوجيا الحديثة، ويبدو أن هذا الأثر أدهش الجميع بعدما نجا رجل أمريكي من حادث سقوط بفضل «ساعة أبل» إحدى أدوات تكنولوجيا الاقتناء التي كان يرتديها؛ حيث اتصلت الساعة بخدمة الإسعاف كما اتصلت بأسرته وأبلغتهم بالحادث. في هذا الشأن، ذكر شاب أمريكي يُدعى «غيب بورديت»؛ أن ساعة أبل التي كان يقتنيها والده ساهمت في إنقاذه بعدما سقطت دراجته خلال الأسبوع الماضي، وكشف عن أنه كان اتفق مع والده على نزهة بالدراجات في مرتفعات منطقة ريفيرسايد ستيت بارك بولاية واشنطن، لكنه قبل الوصول للمكان تلقى رسالة نصية من ساعة والده تبلغه بأنها رصدت «سقوطًا عنيفًا» لابنه وأرفقت بالرسالة موقع الحادث، ولم تكتف الساعة بذلك بل اتصلت بخدمة الطوارئ الأمريكية 911 وأرسلت لها موقع الحادث؛ حيث وصلت سيارة إسعاف ونقلت الرجل للمستشفى بعد أقل من نصف ساعة من وقوع الحادث. تُظهر لنا رواية الشاب الأمريكي مدى أهمية التكنولوجيا الحديثة في حياة الإنسان، وما يُمكن أن تقدمه لإنقاذ الفرد عندما تشعر بالخطر، حقًا إنها وسيلة رائعة إذا تم توظيفها بشكل صحيح ومناسب. فخلاصة القول وكما لاحظنا فيما ذكرناه سلفًا أن التكنولوجيا الحديثة سلاح ذو حدين، فأنت وحدك من يقرر أن يكون إيجابيًا أو سلبيًا؟ من خلال ترشيد استخدامها بالطرق الإيجابية والصحيحه دون أن تسيطر أو تؤثر في حياتنا اليومية. هل تسبب التقدم التكنولوجي في خلق الأزمات؟ وفقًا لما ذكرناه سلفًا، فإن التقدم التكنولوجي يبدو أنه قد يتسبب في بعض الأزمات بقدر ما يقدمه من حلول لها، ويرى بعض المتخصصين أن هذا التقدم تسبب في تهميش دور الفرد الذي كنا نعتمد عليه في أي مهمة، خاصة بعدما ظهرت حديثًا آلات تقوم بدور الفرد؛ الأمر الذي جعل الأخير مجرد ترس من تروس تلك الآلة يُمكن الاستغناء عنه في أي وقت، وبلا أدنى شك أن التكنولوجيا الحديثة خلّفت بعض المشكلات، كظهور الفوارق الاقتصادية والاجتماعية بين البشر بشكل لم يسبق له مثيل. اقرأ أيضًا: حدد أهدافك.. خطوات نجاح المواقع الإلكترونية
مشاركة :