في ظل وجود 650 جمعية في السعودية تتوزع بين خيرية وتوعوية وبيئية وجمعية زواج وتنمية أسرة، ومعوقين وإسكان وصحة وإيواء ومسنين ومراكز اجتماعية وأيتام وأسر منتجة وأمومة وطفولة، وتنتشر في مختلف المدن، يبدو أن هناك جهلاً عند فئات أو شرائح المجتمع بأهداف العمل في الجمعيات ودوره وآلياته عموماً والخيرية منها خصوصاً. لكن ما ليس طبيعياً أن يكون مصدر هذا الجهل فئات لا يفترض بها ذلك، إما لأن طبيعة عملها تستوجب الإطلاع قبل النقد والحكم والتقويم، أو لأنها ممن يستطيعون إيصال أهداف الجمعيات إلى المستفيدين منها مباشرة. وبين مفهوم توزيع الأموال على الفقراء والأماكن التي يلجأ إليها المحتاجون، تجد مفهوم «الجمعيات» ودورها عائماً بين كثيرين عاملين في مجالات ووظائف مختلفة. يعرّف طبيب الأسنان طاهر البقمي الجمعيات الخيرية بأنها المكان الذي يوزّع فيه الأكل والملابس الفائضة على الفقراء وتقدّم من خلاله مساعدات عينية مثل تأثيث المنازل وتوفير الأجهزة الكهربائية في حال تواجدها، بينما يرى الطالب في جامعة الملك عبد العزيز خالد بخاري أن الجمعيات هي منظمات تبحث عن المحتاجين لإعطائهم الأدوات المدرسية وزيارتهم في منازلهم وتقديم المساعدات لهم. وتصرّ نورة غسان على أن الجمعية هي المكان الذي يأوي الأيتام ومجهولي النسب ويرعاهم ويبحث عمن يتبناهم. ويجد المعلّم حسين ناجي أن للجمعيات «أدواراً كثيرة لكنها تنحصر بالأسر الفقيرة والأيتام والأرامل وتستند إلى تبرعات رجال الأعمال والجهات الرسمية». وتشدد منشئة إحدى الفرق التطوعية نضال الأقصم على أن البعد عن العمل التطوعي أحد أهم أسباب جهل الناس بآلية عمل الجمعيات التي يتعدّى دورها إطعام الفقراء وكسوتهم أو تأثيث منازل. وسعياً إلى مجتمع متكافل غني بثقافة التطوع، أسست نضال مع مجموعة من صديقاتها فريقاً نسائياً خيرياً لنشر ثقافة العمل التطوعي وتعزيز مفهوم المواطنة الصالحة وتقديم المساعدة لمن يحتاجها، ما جعلها قريبة من نشاط الجمعيات فعاينت مجهوداتها عن كثب. وقد سدت مثل هذه الخطوة فجوة البعد بين الجمعيات والذين يعتبرون أن لا فائدة بخدماتها وأنها همزة وصل بين المحتاجين والداعمين. ويرى المدير التنفيذي لـ»جمعية البر الخيرية» في محايل عسير بدوي الشافعي أن «جهل الناس عائد إلى عدم البحث عن المعلومة الحقيقية وإهمال شخصيات ومشاهير ومثقفين وإعلاميين زيارة جمعيات وإيصال صورة حقيقية عنها إلى الناس. في المقابل، بدأت الجمعيات الخيرية تركّز على الجانب التنموي للمستفيدين من خدماتها وتبنّي رغباتهم ومشاريعهم الصغيرة ومحاولة جعلهم أفراداً فاعلين في مجتمعهم من خلال دمجهم وتطويرهم وإخضاعهم لدورات تدريبية مجانية بإشراف اختصاصيين أكفياء ومنحهم شهادات معتمدة». ويضيف الشافعي: «التأهيل يشمل أفراد الأسرة جميعهم وليس أشخاصاً محددين». وبينّت رئيسة جمعيات المنطقة الجنوبية منى البريك أن ثقافة الناس تجاه الجمعيات تنحصر في «إعطاء الأموال» فقط، وغياب الدور الحقيقي للجمعيات القائم على أمور مهمة لشرائح كثيرة مسؤولية يتشاركها المجتمع والجمعيات ذاتها، ومحاولة تكثيف الجهود حتى يتم إيصال الدور الحقيقي إلى الجمعيات وبالتالي تحقق الأهداف لمستحقيها التي تطمح إليها من دون عناء. وتستند الجمعيات الخيرية على تقديم الخدمات من دون أن يكون هدفها الحصول على الربح المادي. وتشمل مساعدات عينية ومالية وخدمات اجتماعية مثل الرعاية التعليمية والثقافية والصحية من فتح العيادات الخيرية ومراكز غسيل الكلى والمستوصفات وخلافه مما له علاقة بالخدمات الإنسانية، وإنشاء دور ومؤسسات اجتماعية لإيواء الكبار والصغار ورعايتهم وتنظيم نشاطات نوادي البر ومراكز الأحياء، وإجراء دورات تدريبية تخدم المستفيدين من الجمعية، وإقامة أسواق خيرية للتعريف بهذه الجمعيات وأنشطتها. علماً أن التركيز على البحوث والدراسات العلمية والاجتماعية وتقديم خدمات الإرشاد والتوعية وعقد الندوات والمحاضرات والأمسيات الخيرية، مهام قد تغيب عن شريحة كبيرة من المجتمع لأسباب كثيرة تختلف الآراء حول تحديدها.
مشاركة :