ذكر الفيلسوف والأديب أبو حيان التوحيدى في كتابه «الإمتاع والمؤانسة» أن الوزير أبا عبدالله العارض وزير ابن عضد الدولة البويهي، سأله في الليلة السابعة والعشرين التي سامره ونادمه فيها، عن "كنه الاتفاق وحقيقته"- ويقصد الأمور التي تقع بالمصادفة- قائلا: كنت أحب أن أسمع كلامًا في كُنه الاتفاق وحقيقته، فإنه مما يحار العقل فيه، ويزلُّ حزم الحازم معه، وأحب أيضًا أن أسمع حديثًا غريبًا فيه.فسرد له "التوحيدي" الكثير من القصص التي وقع فيه اتفاق ومصادفة غريبة، قائلا: قال لنا أبو سليمان- أبو سليمان السجستاني أحد علماء الفلسفة والحكمة في بغداد-: كل ما جُهل سببه من ناحية الحس بالعادة، ومن ناحية الطبيعة بالإمكان، ومن ناحية النفس بالتهيئة، ومن ناحية العقل بالتجويز، ومن ناحية الإله بالتوفيق؛ فهو معجوبٌ منه، معجوزٌ عنه، مسلَّمٌ لمن له القدرة المحيطة، والمشيئةالنافذة، والحكمة البالغة، والإحسان السابق.ولقد حكى أبو الحسن العُرضيفي أمر الاتفاق شيئًا ظريفًا عن بعض إخوانه، قال: خرجنا إلى بعض المتنزهات ومعنا جَرٌّ - حبل- نصيد به السُّمَانَى -نوع من الطيور- وكنا جماعة، فقال حدثٌ كانمعنا، وكان أصغرنا سنٍّا: أنتم تصيدون بجرٍّ وأنا أصيد بيدي! - يقول ذلك على جهة المزح- فرمى بعد قليل فاتفق له أن أثار سُمانَى، فأسرع إليه ونحن لا نعلم أنه أخذ شيئًا، فقلنا له على طريق العبث: احذر الخنزير -من غير أن نكون رأينا خنزيرًا- فالتفت فزعًا وفرَّ مُوليًا، فاتفق له أن رأى خنزيرًا منه غير بعيد، فأقبل إلينا مسرعًا هاربًا من الخنزير والسُّمانَى بيده وقد صاده.فقالوا: هذا عجيب
مشاركة :