تمتع الإمام الأعظم أبو حنيفة النعمان "80ه-150ه" بحسن العبادة والورع والزهد والوقار، أدرك عددا من من صحابة النبي، وبرع في الفقه حتى صار من أعلام الفقه الإسلامي على مر عصوره.وعن أخبار الإمام الأعظم روى الأديب والفيلسوف أبو حيان التوحيدي في كتابه "البصائر والذخائر" جملة منها: "قال عبدالله بن داود: كتب رجل كتابًا على لسان أبي حنيفة إلى وإلى جرجان فوصله بأربعة آلاف درهم، فقيل لأبي حنيفة فقال: إن كان ذاك مما ينفعكم فافعلوا.ونقل أبو حيان مقولة أبي حنيفة التي تبرز مدى حرية عقله ونبوغه، حيث قال: إذا جاء عن النبي صلى الله عليه وعلى آله شيء أخذناه، وإذا جاء عن الصحابة تخيرنا، وإذا جاء عن التابعين زاحمناهم.بينما روى عن واقعة رفضه القضاء، "قال خارجة بن مصعب: دعا أبو جعفر أبا حنيفة إلى القضاء فأبى فحبسه، ثم دعا به فقال له: أترغب عما نحن فيه؟ فقال: أصلح الله أمير المؤمنين، لا أصلح للقضاء، فقال: كذبت، فقال أبو حنيفة: قد حكم على أمير المؤمنين بأني لا أصلح لأنه نسبني إلى الكذب، فإن كنت كاذبًا فإني لا أصلح، وإن كنتُ صادقًا فقد قلت: إني لا أصلح، فرده إلى الحبس.ومن حسن عبادته خبر يقول إنه أسلم ابنه حمادًا إلى المعلم فعلمه الحمد فوصله بخمسمائة درهم، فقال المعلم: إن هذا عظيم، فقال أبو حنيفة: يا هذا، ليس للقرآن عندك قدر؟! قال يزيد بن هارون: أدركت الناس فما رأيت أفضل ولا أعقل ولا أورع من أبي حنيفة.وحول وفاته، قال أبو يحيى الحماني: رأيت نجمًا سقط فقيل: هذا أبو حنيفة، ثم سقط آخر فقيل: هذا سفيان، ثم سقط آخر فقيل: هذا مسعر، فمات أبو حنيفة ثم سفيان ثم مسعر.
مشاركة :