ما كل ما يتمناه الوزير يدركه... | مقالات

  • 5/4/2015
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

لم ندخل في الجدل الذي دار خلال الفترة الماضية حول عزم وزارة التربية تغيير المناهج، ولاسيما في مادة التربية الإسلامية وما نقل عن الوزير الدكتور بدر العيسى من قول إن منهج التربية الإسلامية يحتاج إلى تعديل ضروري تحذف منه الآيات المتعلقة بالجهاد. لم نشارك في الجدل الذي اتسع حول ذلك، لقناعتنا بأنه مجرد «زوبعة إعلامية» قد يراد منها جس نبض الشارع الكويتي حول القضية، وربما كان التصريح نقلا غير دقيق لما قاله الوزير، وفي النهاية رجعت الأمور إلى مجاريها وأعلنها الوزير صراحة أن «لا مساس بآيات الجهاد في أي كتاب مدرسي» فانتهت القضية. لكن اللافت الجديد ما صرح به الوزير العيسى أخيرا، ولم يلتفت إليه أحد من النواب ولا حتى من المتابعين للشأن التربوي، ربما لأن التصريح يتوافق مع رؤاهم ورغباتهم. ونقصد بذلك قول الوزير إن الجامعة والتطبيقي ستستوعبان جميع خريجي الثانوية للعام الحالي. فمر التصريح بين «الثناء على تلمس الوزير للواقع» وبين الصمت انتظارا لمجريات الأحداث. ولكن واقع التصريح يؤكد أننا مقبلون على أزمة حقيقية في التعليم العالي، فكيف ستستوعب الجامعة وهيئة التطبيقي الآلاف المؤلفة من خريجي الثانوية الذين تتضاعف أعدادهم بشكل رهيب؟ وهل يعلم من هم خارج هاتين المؤسستين الأكاديميتين حجم المأساة التي تعيشانها مع تكدس الطلبة في قاعاتهما خلال العام الحالي والذي سبقه؟ وهل يعلم نواب مجلس الأمة أيضا أن قانون منع الاختلاط أصبح في حقيقة الأمر في خبر كان مع العدد المهول للطلبة الذين فرض تكدسهم في القاعات والممرات الاختلاط، شاء من شاء وأبى من أبى؟! كلنا تابعنا منذ سنتين كيف خضع وزير التربية والتعليم العالي السابق للضغوط وأعاد مرة ثانية كشوف القبول الجامعي والتطبيقي للدراسة حتى أضيف الآلاف الجدد من الطلبة. دون النظر إلى الطاقة الاستيعابية لكلتا المؤسستين. وها نحن اليوم ننتظر مأساة جديدة ستحل على التعليم العالي بتكديس ما يقرب من 15 ألف طالب في كليات الجامعة وربما يصل الرقم إلى الضعف في كليات ومعاهد هيئة التطبيقي، فهل فعلا هاتان المؤسستان قادرتان على استيعاب كل خريجي الثانوية؟ مسألة أخرى في غاية الأهمية تعكس مدى ما وصل إليه الحال في مسألة القبول الجامعي، وحتى نتائج الثانوية العامة التي أصبح النجاح فيها «شبه أتوماتيكي» مع النظام الجديد الذي عندما وضعت آلية لضبطه في بداية العام الدراسي الحالي ثارت ثائرة الجميع من طلبة إلى أولياء أمور وصولا إلى مجلس الأمة. فمعدلات النجاح التي يحملها معهم طلبة الثانوية في أغلبها غير حقيقية ولا تعبر عن المستوى الحقيقي للطالب، ومثال ذلك ما ذكره لي أحد الأصدقاء، يقول إن ابنه قبل في كلية الطب بجامعة الكويت منذ سنوات ومعه 200 طالب وأكثر قليلا، وبعد سنوات الدراسة تخرج من الكلية ابنه و69 طالبا فقط، فأين ذهب الـ150 الباقون؟ يقول الصديق إنهم تسربوا بسبب عدم قدرتهم على متابعة الدراسة الجامعية المتقدمة، على الرغم من أنهم دخلوها بمعدلات عالية! بل إن المصيبة كما يقول الزميل أن بعض زملاء ابنه ممن تركوا الكلية عادوا إلى مستوياتهم الطبيعية بالالتحاق بمعاهد ــ وليس كليات ــ التطبيقي! هذا في كلية درس فيها ابن الصديق الذي روى القصة، وربما تكرر الأمر في كليات كثيرة لا نعرف من درس فيها. فهل يريد الوزير من تصريحه بقبول جميع خريجي الثانوية الوصول إلى هذا الوضع من جديد؟ ثم هل فعلا لدى الجامعة وكليات التطبيقي السعة والإمكانية لاستيعاب هذا الكم من الطلبة، في وقت تتدفق الآلاف إليهما كل عام فيما الخريجون يعدون بالمئات؟! المسألة تحتاج إلى تروٍّ ودراسة عميقة قبل أن نصل إلى مرحلة الانفجار الأكاديمي.. نعلم أن الحديث في شؤون التربية والتعليم العالي ذو شجون ومتشعب، وسنقف عند جوانب أخرى للقضية في مقال مقبل. h.alasidan@hotmail.com @Dr_alasidan

مشاركة :