الصحوة إلى الله ( 2 من 2)

  • 10/4/2019
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

رغم كثرة المشاغل والمشاكل التي تعترض مسيرة الدعوة إلى الله، ينبغي علينا الا نيأس من صلاح الأمة الإسلامية، لا سيما مع كثرة المفاسد في داخل صفوف الصحوة، وذلك لأنه يوجد أناس من داخل الصحوة ارادتهم أن يبدلوا أفكار الشباب السليمة بأفكار رديئة، وهم يحاولون تحقيق هذا الهدف الذي يذهبون إليه حتى يُضلوا الناس ويشككوهم ويصدوهم عما هم عليه من الحق، ولكن ستكون الدائرة عليهم، فكل إنسان يريد أن ينابذ الحق بأفكاره وآرائه فستكون الدائرة عليه لأن الله تعالى ناصر دينه وكتابه. وعليه فلا يجوز أن نتكاسل ويستولى علينا اليأس بل علينا أن نطيل النفس وأن ننتظر، وستكون العاقبة للمتقين، قال الله تعالى: (وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا من المجرمين وكفى بربك هاديا ونصيرا) وانظر إلى أمل النبي صل الله عليه وسلم وبُعد نظره في بداية الإسلام وتحديداً في أشد يوم مرّ عليه وما لقيه من أذى قومه وذلك حين رجع من الطائف حين دعاهم إلى الله فردوه ورفضوا دعوته وأغروا به سفهاءهم فقابلوه بالإساءة، ثم مضى صلى الله عليه وسلم ماشياً إلى أن وصل إلى قرن الثعالب، ويقع بمنى قريباً من طريق السيل المعروف وهو قريب من مسجد منى المعروف فناداه جبريل عليه السلام، فقال إن الله قد سمع قول قومك وما ردوا عليك وقد بعث إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم فقال النبي صل الله عليه وسلم: (بل أرجو أن يُخْرِجَ اللَّهُ مِن أصلابِهِم مَن يعبدُ اللَّهَ، لا يشرِكُ بِهِ شيئًا).وعلى هذا الأساس نقول: على شباب الصحوة أن يكون بينهم وبين ولاة الأمور اتصال وجميع المسؤولين في الحكومة وألا يكون هناك جفاء بين الفريقين ولا أن نشعر بأننا في وادٍ وهم في وادٍ آخر، لأنه متى حلّ بنا هذا الشعور فإن الإصلاح سيكون متعذراً، ولكن علينا أن نتواضع للوصول إلى الحق (فإن من تواضع لله رفعه)، وإذا تم هذا اللقاء في جميع العالم الإسلامي بين الراعي والرعية حصل التفاهم بيننا وبينهم، وحينئذٍ ستكون النتائج طيبة وتؤتي أكلها كل حين بإذن ربها.ولا تكون ملاقاتنا بهم جافة كأن يأتي الداعي بدرس جاف يقرؤه عليهم أو يشرحه لهم، وكأنه مجرد نظرية فهذا لا يكون من باب الدعوة إلى الله وهو خلاف الحكمة. وهنا ملحظ دقيق تجدر الإشارة إليه وهو أن علماء السلف، حينما حذروا من مخالطة السلاطين، إنما كان قصدهم سلامة دين الإنسان بحيث لا يتأثر بما هم فيه من انغماس في الدنيا أو تلبسٍ بالمعاصي، فقد يجلس الإنسان مع فاعل المعصية ويقول إثمه عليه!وهذا غير صحيح بل الواجب أن تُستعمل المراتب الثلاث التي جاءت مذكورة بالحديث (من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان)، فهذه الاستطاعة معناها القدرة فإذا كان الإنسان قادراً على أن يغير هذا المنكر بيده وجب عليه تغييره، أما إذا كان هذا شأن بعض ولاة الأمور فإنه يجب عليك أن تنتقل إلى المرحلة الثانية، وهي أن تغير بلسانك إما بدعوة هذا المسؤول ونصحه واما أن توصل الأمر إلى ولي الأمر الذي يستطيع أن يغير هذا المنكر ويزيله.فإن لم تتمكن حتى من هذا فإن أدنى شيء للتغيير أن تغير بقلبك، بأن تكره هذا الشيء وتُبغضه ولا تجلس عند من كان متلبساً به، ومعلوم أن من كره الشيء بقلبه لا يمكن أن يجلس عند فاعله أبداً.الخلاصة:دين الإسلام أرفع وأعز وأعلى من أن يجعله الإنسان غرضاً لوصوله إلى أغراضه الشخصية، فكل إنسان يدعي أنه من أنصار الإسلام وحماة الصحوة، فإنه يجب أن تُعرض أفعاله على أقواله حتى يتبين أنه صادق في الادعاء، ولا يجوز للإنسان أن يتمسّح بالدين الإسلامي متى شاء لينال مآربه الخاصة، بل عليه أن يتمسك بالدين لينال ثمرته الجليلة التي منها العز والتمكين في الأرض.

مشاركة :