معاوية بن أبي سفيان - رضي الله عنه - (2 من 2) - إسلاميات

  • 6/24/2016
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

تحت هذا العنوان نعرض لحلقات يومية متتابعة على مدار أيام الشهر الفضيل، نقدم من خلالها وصفاً للأيام الاخيرة في حياة بعض الشخصيات التي كان لها اثر واضح في تاريخ الأمة الاسلامية، لنتخذ منها العبرة والعظة... والله أسأل التوفيق والسداد. كان يزيد بن أبي سفيان أول الامراء الذين ساروا إلى الشام وكان في جنده ابوه صخر بن حرب - ابو سفيان - وكان قد بلغ الخامسة والسبعين وكانت وجهة يزيد دمشق ومعه سبعة آلاف ثم امده الصديق رضي الله عنه بأخيه معاوية بجند كثير، ولما اجتمع المسلمون باليرموك للقاء الروم توفي الصديق وتولى الفاروق امر الخلافة، امر الفاروق معاوية بالتحرك نحو قيسارية وتولى امرها، فسار اليها فحاصرها وقاتل اهلها عدة مرات وفي النهاية انتصر عليهم، وفتح معاوية المدن الساحلية صور وصيدا وبيروت وجبيل وعرقة وطرابلس، وغزا الصائفة عام 22 هـ ودخل بلاد الروم في عشرة آلاف، ولما مات يزيد استخلف اخاه معاوية فأقره عمر رضي الله عنه فكان على دمشق وبعلبك والبلقاء. وكان معاوية وهو امير دمشق يحث المسلمين على الجهاد ويتقدمهم وكان رضي الله عنه قد دوخ الروم في الحرب البرية، وفي خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه غزا معاوية قبرص عن طريق البحر وكان في غزو قبرص من الصحابة عبادة بن الصامت ومعه زوجه ام حرام، والمقداد بن عمرو وشداد بن اوس وابو ذر الغفاري رضي الله عنهم اجمعين، وكان معاوية اثناء ولايته للشام قد خبر اهلها وخبروه واخذهم بأسلوبه فأحبوه ولان لهم فأطاعوه وحزمهم فانقادوا له ولم يريدوا غيره، وفي خلافة علي بن ابي طالب رضي الله عنه نشأ نزاع تاريخي قد ذكرناه في المقالات السابقة لهذه السلسلة، وبعد مقتل علي رضي الله عنه بايع الناس الحسن بن علي رضي الله عنهما وقد استمرت ولايته سبعة اشهر وسبعة ايام وتنازل الحسن رضي الله عن الخلافة لمعاوية رضي الله عنهم وسمي العام عام الجماعة وهذا مصادق لقول رسول الله صلى الله عليه في الحسن رضي الله عنه: «ايها الناس ان ابني هذا سيد وسيصلح الله به بين فئتين عظيمتين من المسلمين» اخرجه البخاري كانت مدة خلافة معاوية رضي الله عنه تسع عشرة سنة وثلاثة اشهر تقريبا منذ ان تنازل له الحسن بن علي رضي الله عنهما في شهر ربيع الاول سنة احدى واربعين إلى ان توفي في رجب سنة ستين. وقد كانت خلافة معاوية خيرا للمسلمين حيث انتهت مرحلة الفوضى والاقتتال ووجه معاوية قوة المسلمين إلى مناطق الثغور وانطلقوا للجهاد والدعوة والعمل فعادت ايام الفتح، وسار معاوية رضي الله عنه بالناس سيرة حسنة واجتمعت كلمة المسلمين ولم يبق من معارض بل دخل الجميع في الطاعة واعطوا البيعة، وقد احكم معاوية السياسة واتقنها حتى جذب اليه قلوب الخاصة والعامة فأطاعوه وساروا معه في كل ما يريد ويرغب. ولما اشتد على معاوية رضي الله عنه المرض قال لاهله احشوا عيني اثمدا وادهنوا رأسي وبرقوا وجهي بالدهن ففعلوا، ثم اجلسوه ودخل الناس للسلام عليه وانتشر الخبر في البلد انه معافى صحيح البدن ليس به علة واخذوا يظهرون مشاعرهم وفرحهم بمعافاته امامه، بعد خروج الناس من عنده احس معاوية رضي الله عنه برعشة الموت وقد اصابته غيبوبة، فلما افاق قال لمن حوله من اهله وولده. كنت اوضئ رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزع قميصه وكسانيه، فرفعته وخبأت قلامة اظفاره، فاذا مت فألبسوني القميص على جلدي واجعلوا القلامة مسحوقة في عيني فعسى الله ان يرحمني ببركتها. قالت احدى بناته: يا ابتاه دفع الله عنك البلاء نظر اليها مبتسما وراح في اغفاءة فاقتربت منه ابنته ووضعت رأسه في حجرها تمسح عليه فانتبه، فقيل له: الا توصي؟ فقال: اللهم اقل العثرة واعف عن الزلة وتجاوز بحلمك عن جهل من لم يرج غيرك فما وراءك مذهب، قال: هو الموت لا منجي من الموت والذي نحاذر بعد الموت ادهى وافظع وقال لاهله: اتقوا الله فيّ، فانه لا واقي لمن لا يتقي الله. فصاحت ابنته بعد ان شعرت ان الموت محيط بأبيها قائلة: واحزناه فنظر اليها النظرة الاخيرة وتشهد ثم مات. وكان عمره خمسا وسبعين سنة وقيل توفي وهو ابن خمسة وثمانين سنة. رضي الله تعالى عنه معاوية بن ابي سفيان وارضاه كاتب الوحي وخال المؤمنين وجمعنا واياه في جنات النعيم.

مشاركة :