تعهد رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي أمس باتخاذ كل الخطوات الممكنة في حال تصاعدت حدة المخاطر، التي تحيق بالاقتصاد، في إشارة إلى عزمه تقديم تحفيز مالي إذا تسببت زيادة في ضريبة المبيعات هذا الشهر في تراجع حاد في النمو. وبحسب "رويترز"، بدأت الحكومة تطبيق زيادة تأجلت مرتين في ضريبة المبيعات من 8 إلى 10 في المائة الثلاثاء الماضي في خطوة ينظر إليها باعتبارها ذات أهمية حيوية لإصلاح المالية العامة المتهالكة في البلاد، في ظل وجود مخاوف من تأثير زيادة الضريبة على الإضرار بإنفاق المستهلكين، ما قد يدفع بثالث أكبر اقتصاد عالمي صوب الركود. وأدى هذا إلى ظهور تكهنات بأن طوكيو ستعزز الإنفاق المالي على الرغم من أنها اتخذت إجراءات بالفعل لتخفيف أثر تلك الزيادة في الاستهلاك، خاصة أنها لا تزال تتذكر التراجع الاقتصادي الحاد الذي أعقب الزيادة السابقة في ضريبة المبيعات في 2014. وأشار آبي في خطاب أمام جلسة استثنائية للبرلمان إلى أن "تحقيق النمو الاقتصادي يظل على قمة أولويات إدارتي"، مضيفا أنه "إذا أصبحت مخاطر التراجع حقيقة واقعة، فإننا سنأخذ كل الخطوات الممكنة على نحو يتسم بالمرونة ودون تردد لضمان أن الاقتصاد يسير على طريق النمو". وفي الوقت الراهن، استبعد تارو آسو، وزير المالية الياباني الحاجة إلى تعزيز الحوافز لمواجهة أثر زيادة الضريبة على الرغم من التوقعات بأن الحكومة والبنك المركزي قد يتحركان لتقليل الضغط على اقتصاد البلد الآسيوي العملاق. وقال آسو لصحافيين عقب اجتماع وزاري إنه لا يرى ارتباكا كبيرا في أوساط تجار التجزئة والمتسوقين بشأن زيادة الضريبة في ظل قوة أرباح الشركات ومستويات دخل الأسر. من جهة أخرى، كشف توشيميتسو موتيجي، وزير الخارجية الياباني أمس عن أن طوكيو وواشنطن تعتزمان تفعيل الاتفاق التجاري، الذي توصلتا إليه في الآونة الأخيرة بدءا من كانون الثاني (يناير) المقبل. وأوضح موتيجي في مقابلة مع صحيفة "نيكي" الاقتصادية أن "الولايات المتحدة تريد إدخال الاتفاق التجاري حيز التنفيذ في أول كانون الثاني (يناير) 2020 وليس لدينا اعتراض على ذلك". ووقع الرئيس الأمريكي دونالد ترمب وشينزو آبي، رئيس الوزراء الياباني، الشهر الماضي اتفاقا تجاريا محدودا يخفض الرسوم الجمركية على السلع الزراعية الأمريكية ومعدات الآلات اليابانية وغيرها من المنتجات ويحول في الوقت نفسه دون خطر التهديد بزيادة الرسوم على السيارات الأمريكية. ويتعين إقرار المشرعين اليابانيين للاتفاق، الذي سيجري طرحه على البرلمان في جلسة استثنائية، وقال موتيجي "نأمل أن ننال موافقة النواب بعد شرح شامل لكل جوانب الاتفاق، لأنه يوجد توازن بين المنتجات الزراعية والصناعية.. تمكنا من الحصول على نتيجة تضمن فوز كل من اليابان والولايات المتحدة". إلى ذلك، تراجعت ثقة الشركات الصناعية الكبرى باليابان للربع الثالث على التوالي هذا العام، ما يشير إلى تعثر نهوض ثالث أكبر اقتصاد في العالم. وأظهر تقرير "تانكان" الفصلي، الذي يعده البنك المركزي الياباني ويستطلع فيه نحو عشرة آلاف شركة، أن مستوى الثقة تدنى إلى الدرجة الخامسة بين كبرى الشركات الصناعية، بتراجع عن الفصل السابق، حيث سجل الدرجة السابعة. ويعكس التقرير الذي يعد أكبر مؤشر على أوضاع قطاع الأعمال في اليابان، تباينا بين الشركات المتفائلة حيال الظروف، وتلك التي تعد الأوضاع غير مواتية. وحذر خبراء الاقتصاد من أن الحرب التجارية الأمريكية الصينية تحد من إقبال الشركات الصناعية على الاستثمار بشكل نشط، مشيرين إلى أن ارتفاع سعر الين بالنسبة للدولار ينعكس أيضا على معنويات أوساط الأعمال. أما مؤشر الشركات غير الصناعية، فتراجع من 23 في الفصل الثاني إلى 21 في الفصل الثالث، وحقق الاقتصاد الياباني نموا بنسبة 0.3 في المائة في الفصل الثاني، مقارنة بالفصل الثالث، محرزا ثالث ربع من النمو على التوالي. لكن المحللين حذروا بأن الحرب التجارية، التي تشنها الولايات المتحدة قد تشكل خطرا كبيرا على الاقتصاد الياباني الذي ما زال يجهد للتغلب على انهيار في الأسعار مستمر منذ وقت طويل. وشددت حكومة شينزو آبي، رئيس الوزراء الياباني، على أن زيادة الضريبة مطلوبة للمساعدة على تغطية نفقات التأمينات الاجتماعية المتزايدة نتيجة ارتفاع نسبة المسنين في المجتمع الياباني. وعندما رفعت الحكومة اليابانية ضريبة الاستهلاك من 5 إلى 8 في المائة سجل اقتصاد اليابان في الربع الأول من العام المالي الياباني 2014 الذي بدأ أول نيسان (أبريل) الماضي، انكماشا بمعدل 7.3 في المائة من إجمالي الناتج المحلي. وكانت حكومة آبي قد أجلت تطبيق الزيادة في ضريبة الاستهلاك مرتين بسبب الخوف من تأثيراتها السلبية على الإنفاق الاستهلاكي. يأتي ذلك، فيما استقر فيه معدل البطالة في اليابان عند 2.2 في المائة في آب (أغسطس) مقارنة بالشهر السابق له، وأفادت وزارة الشؤون الداخلية والاتصالات بأن عدد من تم توظيفهم ارتفع بنسبة 1 في المائة على أساس سنوي إلى 67.51 مليون شخص. وبينما ظل معدل البطالة منخفضا، فإن نقص العمالة في اليابان لا يزال واحدا من أكثر القضايا إلحاحا، واستقرت نسبة العمالة المؤقتة وبدوام جزئي ممن يتلقون أجورا ضئيلة في معظم الحالات، عند 38.5 في المائة في آب (أغسطس)، مقارنة بـ35.3 في المائة في كانون الثاني (يناير) عام 2013، بعد شهر من تولي شينزو آبي منصب رئيس الوزراء. وفي الوقت نفسه، استقر معدل توافر الوظائف، الذي يقاس بنسبة الوظائف المطروحة أمام كل طالب عمل، عند 1.59 في آب (أغسطس) الماضي.
مشاركة :