كان ولا يزال وسيظل لأزهرنا الشريف دورا كبيرا في نصر أكتوبر المجيد كعادته بعلمه وعلمائه بعقيدته الدينية ومشاركته الفعالة ومؤازرته الدائمة لجيش مصر العظيم وقد بدأ الأزهر الشريف من خلال شيوخه العظام وعلمائه النابهين في تهيئة الشعب والجنود والحكام العرب لخوض معركة النصر لمصر بعد هزيمة 1967 وكان أول ما قام به شيخ الأزهر آنذاك الشيخ حسن المأمون , فعقب نكسة 1967م وجه نداء متكررا إلى الحكام العرب والمسلمين يناشدهم فيه استخدام سلاح البترول، وقال: «أيها المسلمون إن مصر لا تحارب إسرائيل وحدها إنها تكافح العدوان الموتور، الممثل فى أمريكا وبريطانيا»، وكان قطع البترول سلاحا فتاكا حقق النصر ورد للعرب كرامتهم. وأصدر فضيلته فتوى خلاصتها: «أن المعركة ليست معركة مصر وحدها وإن تعاون المسلم مع الأعداء خيانة عظمى فى الإسلام، والخيانة من أشد الجرائم وعقوبتها من أشد العقوبات في الشريعة الإسلامية». كما ألف الشيخ المأمون كتابا عن (الجهاد في الإسلام) كان يصب في تأهيل المجتمع ومن قبله الجنود على الجبهة لمعركة التحرير والعبور.كان اقتراح قيام الحرب في رمضان قبيل اندلاع معركة أكتوبر بـ 5 سنوات وذلك في مقال الشيخ أحمد محمد عبد العال هريدي مفتي الديار المصرية في الفترة من 1960م إلى 1970م .حيث حمل عنوان المقال “رمضان والقرآن ومواجهة الأعداء في معركة النصر” ، وجاء المقال في عدد الأهرام الصادر يوم 23 نوفمبر من العام 1968 متفاعل شيخ الأزهر حسن المأمون مع جنود الجيش و قام فضيلته بزيارة الجبهة عام 1968 وعقد ندوات للجنودِ بالوحدات العسكرية، رغم ظروفه الصحية قائلا: «لعلى أُغبِّرُ قدميَّ في سبيل الله، قبل أن ألقى ربي.. أعيشُ هذه اللحظاتِ بين الصامدين والمجاهدين في الجبهةِ».وبعد الشيخ حسن المأمون تولى مشيخة الأزهر الشريف الدكتور محمد الفحام في 17 سبتمبر 1969، اعتبر نفسه جنديا في ساحة القتال، فكان يجمع الشعب المصري نحو هدف واحد وهو تحرير سيناء، وفى 11 من أبريل 1972م قام برفقة نخبة من علماءِ الأزهر بزيارة الجبهة لِرفْع الروح المعنوية للجنود والضباط.وقبل أن يترك الدكتور الفحام المشيخة في مارس 1973 نظرا لحالته الصحية , فإن الله قد استجاب دعاءه وعبر القناة وصلى في عمق سيناء، وكان بصحبته الشيخ محمد الذهبي ولفيف من علماء الأزهر الأجلاء وكبار قادة الجيش الثالث.وجاء بعد الشيخ الفحام الشيخ عبد الحليم محمود، وهو من أكثر علماء الأزهر إسهاما فى التهيئة المعنوية للجنود لحرب أكتوبر، حتى قبل أن يتولى المشيخة، فقد كان عميدا لكلية أصول الدين بالقاهرة ولقد ترك تصريف أمور الكلية لوكيل الكلية، وتفرغ هو للمساهمة في تثقيف الجنود وحثهم على نيل الشهادة لاسترداد كل ذرة من ذرات ترابه، وعندما تولى وزارة الأوقاف جعل من مفردات خطاب وزارته تأهيل المجتمع لتحمل تبعات الحرب حتى النصر، وعندما تولى المشيخة في 27 مارس 1973م كان مهتمًّا بإسهام الأزهريين في معركة العاشر من رمضان، واستعان في هذا الصدد بأساتذة جامعة الأزهر ورجال الدعوة.كما كان من أوجه التعاون بين الأزهر وجيشنا الباسل , اتفاق الشئون المعنوية مع شيخ الأزهر الشيخ عبدالحليم محمود حول آياتٍ قرآنية سيتم تلاوتها عبر البث المباشر فجر يوم 6 أكتوبر من مسجد الإمام الحسين بصوت القارئ أحمد محمد شبيب .حيث كان يقرأ من سورة آل عمران آيات الشهادة في سبيل الله وحملت الآيات بشارة النصر للجيش المصري، حيث أخذ الشيخ يكرر عدد من آيات سورة آل عمران منها، “وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ” و ”وَلَئِن قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ”.كان الشيخ عبد الحليم محمود شيخ الأزهر الراحل كان مهتما بإسهام الأزهريين في معركة العاشر من رمضان السادس من أكتوبر.ولذا انطلق الشيخ عبدالحليم محمود عقب اشتعال الحرب إلى منبر الأزهر الشريف، وألقى خطبة عصماء توجه فيها إلى الجماهير والحكام مبينًا أن حربنا مع إسرائيل هي حرب في سبيل الله، وأن الذي يموت فيها شهيدٌ وله الجنة، أما من تخلف عنها ثم مات فإنه يموت على شعبة من شعب النفاق»فضلا عن أن الشيخ عبد الحليم محمود استعان في هذا الصدد بأساتذة جامعة الأزهر ورجال الدعوة لتعبئة الروح المعنوية لأبناء قواتنا المسلحة، وأنه عند لقاء العلماء بأبناء الجيش في شهر رمضان أثناء الحرب أفتى بعض الدعاة للجنود بأنه، نظرًا لحرارة الجو وحاجة الحرب إلى كامل طاقتهم، من المستحب الأخذ برخصة الفطر لتكون عونا لهم فى الانتصار على العدو الصهيوني، بيد أن بعض الجنود أجابوا قائلين: “لا نريد أن نفطر إلا في الجنة!”.هكذا كان الأزهر الشريف وسيظل دائما وأبدا يقف بالمرصاد لأعداء مصر ويؤازر جيشها ويحفز شعبها للدفاع عن تراب أرض مصر وللوقوف خلف جيشه العظيم أبناء مصر وخير أجناد الأرض .
مشاركة :