ما أن ينتحر أحد من الملحدين أو اليائسين حتى يخرج علينا فريقان من الناس يرقصون على أجساد المنتحرين ليلتقطوا الصور وترتفع أسهم مشاهداتهم بين رواد مواقع التواصل ويحققوا أكبر عدد من اللايكات والتعليقات والمشاركات، ولا يهتم أحدهم بما يؤدي إليه رقصه على أجساد المنتحرين من ألم نفسي وأذى مجتمعي لأهل المنتحر وفي هذا الأمر تحدث النبي ونهى عن التحدث بسوء أو سب عن الموتى كلهم حتى كافرهم حتى لا تؤلم الأحياء من أهاليهم فالكلام عنهم لا يُقدم ولا يُؤخر فقال ـ صلى الله عليه وسلم :”لا تَسُبُّوا هؤلاء فإنه لا يَخلُص إليهم شيء مما تقولون، وتُؤذون الأحياء”.ونعود إلى الراقصين وهؤلاء لا يهتم أحدهم بما يؤدي إليه رقصه على أجساد المنتحرين من دمار ديني ونفسي للشباب ممن يقرأ كلماتهم ومقالاتهم أو يشاهد فيديوهاتهم فيؤدي لمزيد من المنتحرين.الفريق الأول من الراقصين على أجساد المنتحرين : هو من أدعياء الرحمة الإنسانية الذين يطلبون الرحمة للمنتحر وهذا الفريق لأنه لا يطلب رحمة بل لقطة فهو يطلب التقاط صورة ومشهد، فإنه لا يكتفي بالدعاء بل يطالب المجتمع كله بالترحم على المنتحر ويتهم من لا يترحم بالقسوة ويدخل معه في جدال ثم ما يلبث أن يتحول على الدين ليتهمه بأنه يمنع تلك الرحمة عن إنسان ويبدأ في جدال جديد مع الصنف الثاني من الراقصين على أجساد المنتحرين والذي يبدأ في التقاط الخيط منه ليكمل الرقصة. الفريق الثاني: من الراقصين على أجساد المنتحرين هو الذي يدخل في المشهد لينال حظه من المشاهدات واللايكات والتعليقات هذا الفريق الذي يظهر تمسكه الشديد بظاهر النصوص ويطالب الناس بعدم الاستجابة للفريق الأول ولا يطلب الرحمة لهؤلاء بل لعنة وعذاب ويبدأ في استعراض المعلومات والنصوص على ظاهرها دون أن يعطي نفسه لحظات للتدبر والفهم. ويتغافل عن قول وفعل الرسول الذي كان يتلمس أي باب لطلب الرحمة وعندما نزل قول الله تعالى " اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (80) قال نبي الرحمة لأزيدن في الاستغفار لهم على سبعين ولاستغفرن سبعين وسبعين وسبعين ثم نزلت بعد ذلك "سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ [سورة المنافقون: 6].فالأمر ليس بأيدينا ، ولا عليك وزر إن تترحم ولا أجر إن لم تترحم فالله أعلم بعباده وبما يستحقون ولكن لأن الظهور في المشهد يأخذ عقله ويخشى أن تفوته اللقطة لابد من أن يُفَسِق ويُبَدِّع ويدعي أنه أكثر تمسكا بظاهر الآيات من النبي نفسه، وبالطبع لابد أن يذكر الراقصون إسم المنتحر أو المنتحرة لأن الإسم يحقق له ما يريد من تريند عالي ومزيد شهرة حب اللقطة أصبح هو الدافع الأول لدى معظم هؤلاء، لا محبة الرحمة ، ولا حرص على الدين، وإنما الرغبة في الظهور ولو على أجساد الموتى ، ولو يعلمون انهم ما يحققون سوى مزيدا من الطعن والألم في نفوس الأحياء من ذويهم، ويقومون بزعزعة بقية من دين في نفوس من لا يزالون يحتفظون بالقليل منه ، ويفتحون باب الانتحار على مصراعيه أمام كل من يحاول مع نفسه غلقه ينسى كل هؤلاء أن الأمر كله ليس بأيدينا وأن كل المعاصي الصغائر و الكبائر ما عدا الشرك يغفرها الله جميعا طالما أنها لا تتعلق بحقوق العباد وأن على كل إنسان منا أن يتخلص من حقوق العباد لأنها الذنوب التي سيقول فيها رسول الله لمن يستغيث به يوم القيامة: "لا أملك لك شيئا، قد أبلغتك" وما عدا ذلك فإن الأمر بيد الرحمن الرحيم وقد قال الله تعالى "إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ ۚ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَىٰ إِثْمًا عَظِيمًا (48)" النساء وهنا نأتي لأكبر الكبائر وهي الشرك بالله وإذا كان الشرك لا يغفر فإن الكفر بالله لا يغفر طبعا من باب أولى.وهنا نأتي لكل هؤلاء ونقول اذا كان لديكم يقين بأن هذا الشخص مات على الكفر ألا يسعكم جميعا أن تقولوا ما يقوله عيسى عليه السلام لرب العزة في حق من أشرك بالله "إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ ۖ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (118)"المائدة.
مشاركة :