كان العزوف عن التصويت في الانتخابات التشريعية التونسية هو الفائز بنسبة تجاوزت 58%، رغم أن مجلس نواب الشعب الذي يضم 217 نائبا، يعتبر أهم المؤسسات السياسية. وكانت ترددت خلال الحملة الانتخابية وما قبلها ردود فعل التونسيين المستاءة عموما من آداء السياسين. وقد أفضت النتائج الأولية المعلنة بحسب الاستطلاعات عن فوز حركة النهضة، بأكثر من 17% من الأصوات (40 مقعدا)، يليها حزب قلب تونس بأكثر من 15% من الأصوات (33مقعدا)، متبوعين بائتلاف الكرامة (18 مقعدا) وحزب تحيا تونس (16) وحزب حركة الشعب (15) ثم التيار الديمقراطي والحزب الدستوري الحر ب14 مقعدا لكل منهما.مفاوضت شاقة سيحتاج حزب حركة النهضة وفق النتائج السابق ذكرها إلى تشكيل ائتلاف بهدف تجميع 109 مقعدا، لتكون له الأغلبية المطلقة. وفي انتظار إعلان النتائج الأولية الرسمية يوم الأربعاء، يبدو أن مجلس نواب الشعب ليس أفضل من سابقه، إذ أنه لم يفرز أغلبية واضحة لأي من الأحزاب، وبحكم التشتت الكبير للأحزاب الذي تبع تفتت حزب النداء، فإن التحالفات هي السبيل، ولكن المفاوضات ستكون شاقة جدا.تحالف الانتماء الفكري والتحالف مع المستقلين وتشير توقعات المحللين والمراقبين أن يتحالف قلب تونس مع الحزب الدستوري الحر، فيما قد تتحالف النهضة مع ائتلاف الكرامة والتيار الديمقراطي. والمرجح أيضا ان يتوجه الحزبان المتصدران للمشهد إلى المستقلين، والذين قد تصل عدد مقاعدهم إلى نحو 60 مقعدا. وكان التوجه نحو تشكيل القائمات المستقلة بدأ يتبلور منذ الانتخابات المحلية لسنة 2018، كنتيجة للسخط الشعبي من أداء الأحزاب الحاكمة."التحالف الاستراتيجي" كذلك يطرح احتمال تحالف "استراتيجي" يراعي المصلحة السياسية بين النهضة وقلب تونس، لأن السيناريو نفسه جرى في انتخابات 2014 لتشكيل حكومة وحدة وطنية، بين النهضة ونداء تونس الذي تتحدر منه معظم إطارات قلب تونس برئاسة نبيل القروي، المرشح للرئاسة والذي يقبع في السجن بتهمة التهرب الضريبي وتبييض أموال. فقد سبق أن أبدى القروي خلال مقابلة تلفزيونية، تقاربا مع رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي بعد الثورة في 2011، أو هو سعى إلى ذلك، في خطوة وصفت بأنها ليست بالغريبة عن القروي الذي يتلون في كل مرحلة سياسية مع الطيف الذي يخدم مصالحه. في المقابل يستبعد تحالف قلب تونس مع حزب تحيا تونس برئاسة رئيس الوزراء المتخلي يوسف الشاهد، الذي أزيح من الدورة الأولى للانتخابات الرئاسية، والذي يعتبره حزب قلب تونس السبب وراء دخول القروي السجن. ولكن الاحتمال المشار إليه آنفا (النهضة/قلب تونس) ربما هو ضعيف، لأن التونسيين جربوا هذا النوع من التحالفات التي لم تؤت أكلها وسئموا منها، وهي إحدى الأسباب التي قادتهم إلى إحداث "ثورة الصندوق".ائتلاف هش أم إعادة الانتخابات؟ السيناريو المنتظر إذن لتشكيل حكومة لن يكون سهلا، إذ أنه يفترض تجميع تحالف من أربعة أو خمسة أحزاب لتشكيل أغلبية برلمانية، ما يعني أن الائتلاف الحكومي قد يكون هشا، كما لا يعتقد أن الرجوع إلى وصفة "التوافق" سيرضي التونسيين كثيرا، وقد بدأ صبرهم ينفد. إلى ذلك، قد لا ترى الحكومة المرتقبة النور بسبب امكانية ورود تدافع سياسي شديد، إذا لم يمنح نواب البرلمان ثقتهم لحكومة جديدة في ظرف أربعة أشهر، حينها يمكن لرئيس الجمهورية أن يحل البرلمان بناء على الفصل 89 من دستور تونس، ويفتح الطريق نحو تنظيم انتخابات تشريعية أخرى.للمزيد على يورونيوز: تحدياتٌ بانتظار البرلمان التونسي الجديد.. تعرّف على أبرزها قيس سعيد يقرر عدم القيام بحملته للانتخابات الرئاسية بسبب توقيف منافسه
مشاركة :