منذ تولّي الملك سلمان بن عبدالعزيز مقاليد الحكم، بل من السويعات الأولى التي تلت تولّيه لتلك المقاليد، سقطت الكثير من الرهانات التي ثبت بطلانها على أمن هذه البلاد المسلمة ودعتها واستقرارها في المناحي القيادية والسياسية والاقتصادية والأمنية إلى آخر القائمة، إذ تبدّت في الأفق بشائر الاستقرار المؤسس على مبادئ راسخة، أصَّل لها مؤسس هذه البلاد الموحدة القوية الملك عبدالعزيز -رحمه الله-. وأول تلك المبادئ الانتقال السلس للحكم في زمن قياسي، يُقاس بالساعات، بل بالسويعات بكل مؤشرات القبول والرضا القائمة على البيعة الإسلامية المنضبطة. وقد تحقق ذلك الانتقال السلس -ولله الحمد والمنّة- بعد وفاة الملك عبدالله بن عبدالعزيز -رحمه الله-، فبويع أخوه الملك سلمان خلال سويعات قليلة، وكانت تلك البيعة بردًا وسلامًا على قلوب الشعب السعودي الكريم، بكل فئاته، وفي كل مناطق المملكة، جنوبًا وشمالاً، وشرقًا وغربًا. وكان ذلك الانتقال من السهل في أنظمة المملكة المتّبعة. وممتنعًا في أنظمة دول العالم كافة، التي يستغرق انتقال السلطة فيها شهورًا في بعض الأحيان، أو أسابيع على أقل تقدير، وتستوي في ذلك الممالك والجمهوريات والإمارات، وسواها، كما يعلم كل السياسيين حول العالم. ومن السهل الممتنع في هذا العهد الزاهر رغم حداثته، القرار الحكيم الصائب، بإطلاق عاصفة الحزم التي فصلت بين الجد واللعب، ووضعت النقاط فوق الحروف، وأعادت الأحوال في اليمن إلى وضعها الطبيعي، وأوشكت الحكومة الشرعية أن تعود للإمساك بزمام الأمور مجدّدًا. واتّخاذ القرار الصعب في المملكة سهل -ولله الحمد- في ظل حكومة رشيدة يقودها ملك رشيد، حتى أن المملكة أذهلت العالم كله بهذا القرار، وفاجأت الدول الكبرى مجتمعة، وأُعجب بالقرار، وأيّده الحلفاء والخصوم، عدا الأعداء والمتربصين، وقرار كهذا قد يكون ممتنعًا جدًّا لدى الكثير من الدول، إذ يستغرق اتّخاذه وقتًا طويلاً جدًّا، والتأخر فيه قد تترتب عليه ويلات ونكبات أشد ألف مرة من ويلات ونكبات الحرب. وآخر القرارات التي تدخُل في إطار السهل الممتنع، الأوامر الملكية التأريخية التي أسست «لمملكة المستقبل» كما سمّاها كثير من المراقبين داخل المملكة وخارجها، وحين عيّن الأمير محمد بن نايف وليًّا للعهد، بعد إعفاء الأمير مقرن من ولاية العهد استجابة لرغبة سموه، وتعيين الأمير محمد بن سلمان وليًّا لولي العهد، إضافة إلى مناصب صاحبي السمو الملكي المحمّدين التي يضطلعان بها. وشملت الأوامر الملكية تغييرات وزارية عدة في الخارجية، والصحة، والعمل، والاقتصاد والتخطيط، إضافة إلى بعض الهيئات والدواوين. ولم تغفل الأوامر الملكية رجالنا البواسل في جميع القطاعات العسكرية والأمنية من أفراد وضباط ومدنيين بصرف راتب شهر لكل منسوبي تلك القطاعات. وتلك القرارات تُعدُّ -ولاشك- من السهل الممتنع، في عهد قائد حكيم، ذي رؤية مستقبلية واضحة، تضمن بقاء هذه المملكة قوية متماسكة لألف سنة، أو يزيد -بإذن الله-، كما سمعته بالحرف الواحد من بعض المراقبين غير السعوديين، والمحايدين تمامًا، وما ذلك على الله بعزيز. Moraif@kau.edu.sa
مشاركة :