كيف ندبر التمويل المطلوب لتحقيق أهداف التنمية المستدامة؟ تبدأ المسؤولية من الداخل: من تعزيز إدارة الاقتصاد الكلي، إلى زيادة الإيرادات العامة، إلى تنفيذ خطط إنفاق أكثر فعالية. وفي كثير من البلدان، هناك حيز أيضا لتكثيف مكافحة الفساد وإيجاد بيئة أكثر إيجابية لممارسة الأعمال حتى يقوم القطاع الخاص بدوره. ويتضمن هذا اعتماد أطر تنظيمية وقانونية مؤاتية للاستثمار. فلننظر إلى فيتنام حيث ساعدت تعبئة الإيرادات والإصلاحات الشاملة على تحويلها من أحد أفقر بلدان العالم إلى بلد متوسط الدخل. ومن المتوقع الآن أن تحقق فيتنام تقدما جيدا نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة. ويدعم الميثاق العالمي مع إفريقيا، الذي دشنته مجموعة العشرين، البلدان التي تسعى إلى تحقيق تحول مماثل ويحدونا الأمل أن يدرك المستثمرون هذه الفرص السانحة. ومن جانبنا، يواصل الصندوق العمل مع المنظمات الدولية الأخرى لتحقيق المطالب المتزايدة في مجال تنمية القدرات لدعم التقدم نحو أهداف التنمية المستدامة. ففيما يتعلق بتعبئة الإيرادات، على سبيل المثال، كثفنا دعمنا بنسبة تكاد تصل إلى 50 في المائة على مدار الأعوام الثلاثة الماضية فقط. غير أن دعم الموارد المحلية لا يكفي. فحتى أكبر الجهود لا يرجح لها أن تغطي أكثر من ربع الاحتياجات المقدرة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة. وحتى تتمكن البلدان من تحقيقها، سيكون من الضروري تقديم دعم مالي من المؤسسات المالية الدولية والمانحين الرسميين. ويمكن أن يحدث ذلك فرقا شاسعا، ولا سيما للبلدان التي تواجه أعباء ديون كبيرة، فتقديراتنا تشير إلى أن 43 في المائة من البلدان النامية ذات الدخل المنخفض إما بلغت مرحلة المديونية الحرجة أو هي معرضة للوصول إليها. وهناك مناهج جديدة مثل "التمويل المختلط" الذي يجمع بين المنح والتمويل الميسر والتمويل التجاري، ويمكن أن يساعد على سد قدر كبير من فجوات الاستثمار. وفكروا معي في قطاع الاستثمار المستدام فالشركات تعرض بالفعل أشكالا متنوعة من الاستثمار ذي الأثر الاجتماعي، والسندات الخضراء، ومنتجات صناديق الاستثمار ESG المراعية للبيئة والمسؤولية الاجتماعية والحوكمة. ويمكن أن تذهب إلى أبعد من ذلك بإطلاق مجموعة أوسع من منتجات الاستثمار التي تشجع الشركات على توفيق نماذج أعمالها مع أهداف التنمية المستدامة. خلاصة القول: تعبئة التمويل لأهداف التنمية المستدامة والعمل المناخي سيتطلب إبداعا وإصرارا ومستوى غير مسبوق من التعاون داخل البلدان وفيما بينها. ويسرني أن أرى قضايا تغير المناخ تحتل موقعا بارزا في اجتماع صندوق النقد السنوي في دورته المقبلة بما في ذلك انعقاد اجتماع "ائتلاف وزراء المالية للعمل المناخي". إن مسؤوليتنا المشتركة يجب أن تتمثل في تعزيز الزخم الدافع لخطة التنمية، في الوقت الذي يواجه فيه العالم تباطؤا في النمو العالمي وتصاعدا في عدم اليقين. ولهذا سيواصل الصندوق والأمم المتحدة وغيرهما من المؤسسات العمل على أساس من الشراكة، مع تجديد الالتزام بفكرة بسيطة، وهي إعطاء الجميع فرصة عادلة للازدهار.
مشاركة :