تونس - أظهرت النتائج الرسمية الأولية الأربعاء أن حزب النهضة الإسلامي سيكون أكبر حزب في البرلمان التونسي الجديد، لكن مع حصوله على 52 مقعدا فحسب من أصل 217 مقعدا، فقد يجد الحزب صعوبة من أجل بناء ائتلاف حكومي. ويبدو أن تلك النتائج، إلى جانب نتائج الجولة الأولى من انتخابات رئاسية منفصلة أجريت الشهر الماضي، تؤكد عدم الرضا عن الأحزاب الرئيسية. وعلى الرغم من أن حزب النهضة احتل المركز الأول، إلا أنه حصل على مقاعد أقل بواقع 17 مقعدا مقارنة مع الانتخابات البرلمانية السابقة في عام 2014، عندما جاء في المركز الثاني في تحالف علماني انهار منذ ذلك الحين. وبالتالي يرى مراقبون ان فوز حركة النهضة كان بطعم الهزيمة وسيدفع بها الى القيام بمشاورات مضنية لتشكيل حكومة قادرة على نيل ثقة 109 نائب. ومع رفض حزب قلب تونس التحالف مع النهضة واختيار كل من حركة الشعب والتيار الديمقراطي للمعارضة تجد النهضة نفسها في مازق كما يتخوف البعض من المسار للمجهول في تونس. وكان حزب النهضة عضوا في العديد من الائتلافات الحاكمة منذ ثورة تونس عام 2011 والتي فشلت في تحسين مستويات المعيشة أو الخدمات العامة في الديمقراطية الفتية. وحمل مراقبون للوضع التونسي حركة النهضة المسؤولية الكبرى في تردي الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية. وأي مأزق سياسي ناتج عن البرلمان المنقسم سيعقد جهود تونس لمعالجة المشاكل الاقتصادية المزمنة بما في ذلك الدين العام الكبير والبطالة التي وصلت نسبتها إلى 15 في المئة. واحتل حزب قلب تونس، الذي يتزعمه المرشح الرئاسي نبيل القروي، المركز الثاني بحصوله على 38 مقعدا، بينما حصل حزب التيار الديمقراطي على 22 مقعدا وحزب ائتلاف الكرامة على 21 مقعدا. وشغلت أربعة أحزاب أخرى ما بين أربعة و 17 مقعدا لكل منها. وقررت هيئة الانتخابات إسقاط قائمة حزب الرحمة ذو الميول الإسلامية بدائرة بن عروس وإلغاء جزئي لقائمة عيش تونسي في فرنسا 2 وحصل حزب الرحمة بالتالي على 3 مقاعد في حين تمكن عيش تونسي من الحصول على مقعد وحيد عن دائرة بنزرت. واوضح رئيس هيئة الانتخابات نبيل بافون ان القرار ياتي بسبب تورط قائمة حزب الرحمة في الاشهار السياسي والدعاية السياسية في حين تورطت قائمة عيش تونسي في فرنسا 2 الترويج مدفوع الاجر على صفحات قائمة عيش تونسي في فرنسا على صفحة التواصل الاجتماعي الفايسبوك. ولا يزال بالإمكان الطعن على النتائج، التي أعلن عنها في بيان لهيئة الانتخابات بثه التلفزيون. وهي متسقة بشكل عام مع استطلاع للرأي نُشر يوم الأحد وأظهر أيضا أن حزب النهضة في المركز الأول وقلب تونس في المركز الثاني. وتعرض الاستحقاق الانتخابي لانتقادات كبير من قبل عدد من المرشحين والهيئات الوطنية دقعت بالبعض الى وصفه بالبرلمان غير الشرعي. وفي هذا الإطار رفض القيادي في الجبهة الشعبية الجيلاني الهمامي في تدوينة عبر صفحته الرسمية على الفايسبوك الثلاثاء الاعتراف بالبرلمان الجديد مشيرا بان أعضائه اشتروا ناخبين بالمال الفاسد. وقال الهمامي "برلمان أغلبية أعضائه اشتروا الأصوات بالمال ودلسوا وسرقوا اصوات الناخبين وتلاعبوا بنتائج الانتخابات واستفادوا من تواطؤ هيئة الانتخابات هو برلمان فاقد للشرعية ولا يمثلنا ويجب العمل على إسقاطه أقولها بالصوت العالي ولا اخشى احدا". ولم تتمكن الجبهة الشعبية التي تعرضت للانقسام من الحصول على مقعد في البرلمان بعد ان كانت تشكل قوة معارضة في برلمان 2014 حيث كونت حينها كتلة بحوالي 15 مقعد. وتشير تقارير عن تمكن المرشح المنجي الرحوي الذي انشق عن الجبهة بسبب خلافات مع ناطقها الرسمي حمة الهمامي من الحصول على مقعد وحيد. وناصر المرشح عن حزب الأمل والنائب السابق عبدالعزيز القطي موقف الجيلاني الهمامي حيث شكك في النتائج مشيرا الى وجود شبهة تزوير وتلاعب. وقال القطي في تدوينة عبر صفحته الرسمية على الفايسبوك الثلاثاء "بعد القيام بالعديد من التقاطعات و ما وصلني من اتصالات من العديد من الأطراف و من كافة شباب و مناضلي الحملة الانتخابية بأريانة و أمام ما قمنا به من مجهود لم يترجم بصفة معقولة للأصوات المتحصل عليها بعد إتمام الفرز أصبح شبه مؤكد بأنه وقع التلاعب بالنتائج و عدم إدراج العدد الحقيقي لما تحصلت عليه قائمة حزب الامل في أريانة من أصوات". بدورها نشرت الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد الاثنين تقريرا حول الاخلالات التي شابت العملية الانتخابية حيث جاء في التقرير "ان الهيئة تلقت شكاوى وإشعارات للتبيلغ عن الخروقات في انتخابات البرلمان ومنها خرق الصمت الانتخابي ومحاولة التأثير على الناخبين". وعدت الهيئة الخروقات قائلة بانها "تتتعلق بتوزيع أموال ونقل الناخبين لمراكز الاقتراع وكذلك تسخير مراكز نداء وجهات اتصال لمحاولة التأثير على الناخبين من خلال المكالمات الهاتفية كما تحدثت هيئة مكافحة الفساد "عن استغلال نفوذ لتوجيه الناخبين ومعاينة مخالفة بعض موظفي الهيئة العليا المستقلة للانتخابات للضوابط المهنية".
مشاركة :