"ائتلاف الكرامة" المتشدد يضع تونس في مأزق مع شركائها الأوروبيينتونس - لم تعد هناك خيارات كثيرة أمام حركة النهضة الإسلامية سوى التحالف مع أقصى اليمين المحافظ لإنقاذ الأغلبية غير المريحة لحزبها، وبالتالي تفادي شلل سياسي قد ينتهي بحتمية التوجه إلى انتخابات مبكرة.ومع انفضاض أغلب الأحزاب الفائزة بمقاعد عن مشروع التحالف مع النهضة لم يتبق خيار آخر أمام الأخيرة سوى القبول بدخول “ائتلاف الكرامة” اليميني المتشدد إلى الحكم. ولكن هذا الخيار يعد مخاطرة فعلية لعلاقات تونس الخارجية في ظل الأطروحات والأوليات التي يتبناها الكرامة.تمثل قائمات الائتلاف تجميعا لمرشحين لا سجل سياسيا لهم ولكنهم عرفوا في أغلبهم بقربهم من الجماعات الدينية المحافظة وبخطاب يسوق لنظرية المؤامرة الدولية في صناعة الراديكالية والإرهاب. كما تدافع هذه القائمات بشكل واضح على تغليب أحكام الشريعة وتجاهر بعدائها للدولة الوطنية الحديثة التي أسسها الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة إبان الاستقلال.واشتهر الناطق باسم الائتلاف، المحامي الشاب سيف الدين مخلوف، بتكفله بأغلب قضايا المورطين في الإرهاب ومن بينهم أيضا مرحلون من دول أوروبية. وقد اقترن اسم المحامي اليميني بالأزمة الدبلوماسية بين تونس وبرلين في قضية ترحيل الإسلامي سامي العيدودي حارس زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن.وائتلاف الكرامة الذي يتقاطع مع “روابط حماية الثورة” التي عرفت بممارستها للعنف والترهيب إبان الثورة عام 2011، يضم أيضا في صفوفه نشطاء، والإمام المتشدد رضا الجوادي، وإعلامي آخر عرف كذلك بموالاته لجماعات الإخوان المسلمين. وجميع هؤلاء يرفعون شعارات صدامية مع الغرب.ويتضمن برنامج الائتلاف فرض تأشيرة على السياح الفرنسيين والأجانب انطلاقا من مبدأ المعاملة بالمثل، وهو بند يتغافل عن خصوصية الاقتصاد التونسي المعتمد على عائدات السياحة والاستثمار الخارجي كما لا يضع في اعتباره وزن السوق الفرنسية (الأولى) والأوروبية عموما في حجم قطاع السياحة المتعثر أصلا في تونس. وفي حال تبني هذا البند فإنه سيمثل ضربة قاتلة للسياحة التونسية.
مشاركة :