لا توجد حرب عادلة، كل الحروب ظالمة وقاتلة، ولا يمكن أن نطلق على أي حرب أنها عادلة، لأنه حتما سيُقتل فيها الكثير من الأبرياء، لكن الحرب الوحيدة التي يمكن أن نطلق عليها حرب عادلة هي الحرب التي خاضها لنكولن، تلك الحرب والتي بفضلها تم تحرير العبيد عام 1860، والتي بعدها تم إلغاء الرق قانونيا في العالم أجمع. كانت الحرب بين الشمال والجنوب الأميركيين، حيث كان الشمال قائما على الصناعة، في حين كان الجنوب قائما على الزراعة ولا يمكن أن يستغني عن العبيد، وجاء ابراهام لنكولن من الشمال ليقود الحرب ضد الجنوبيين من أجل تحرير العبيد وانتصر. ظهرت أول حركة لتحرير العبيد على يد سبارتكوس في إيطاليا عام 73 قبل الميلاد حيث كانت روما تجلب العبيد للمصارعة والمراهنة عليهم، والمغلوب يُقتل أو تلتهمه الأسود، وكان سبارتاكوس عبدا مقدونيا وعرف مصيره، لذلك فر مع سبعين عبدا كانوا خليطا من دول عدة مثل مصر والسودان وسورية والمغرب واسبانيا والمانيا، واجتمع حوله أكثر من مئة ألف عبد من روما، وتمركزوا في قمة بركان فيزوف، لكن ثورتهم فشلت، واستطاع الرومان هزيمتهم، وصلبوا 6 آلاف عبد، وكان سبب الهزيمة هو التردد في القرار، هل يخرج سبارتكوس من إيطاليا وينشأ دولة حرة أم يبقى فيها ويعمل على إقامة حكومة حرة؟ وهذا التردد كان مقتل له ولثورته، ولم تكن المسيحية قد ظهرت آنذاك. ثم جاء بعده بألف عام علي بن أحمد الذي ادعى أنه من نسل الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه في ما بين 255 وحتى 270 هجرية في العراق حارب فيها العباسيين، وكان العلويون يتزوجون من الإماء الزنجيات لفقرهم، لذا أصبح وجوه العلويين أقرب إلى السمرة. كان المجتمع العباسي مجتمعا دينيا، لذلك لجأ القائد علي بن أحمد إلى الدين، لكي يحصل على اتباع ومريدين، وعندما استوى له الأمر جمع كل السادة وأمر العبيد أن يضربوا سادتهم 500 جلدة ثم يعفو عنهم، وربما كان هذا خطأه الكبير، فإما أن تعفو وإما أن تقتل، فأوفد الخليفة العباسي محاربا أبيض لمقارعته، وتحولت الحرب إلى حرب طبقية وعنصرية بين العبيد والأسياد وبين البيض والسود، وبالطبع كانت الغلبة للخليفة العباسي. وتأتي الآن انتفاضة بالتيمور وتليها مباشرة انتفاضة الفلاشا... انتفاضة السود والمضطهدين على العبودية والعنصرية في أميركا والكيان الصهيوني، انتفاضة الضمير الحي على الميت، انتفاضة الحق ضد الباطل، انتفاضة حقيقية وصادقة وصادمة للعالم أجمع، وللمجتمع الأميركي على الخصوص، الذي وصلت السلطة فيه إلى السيطرة على أغلب أقطار العالم منذ القرن العشرين حتى الآن، ولا تزال غير قادرة على السيطرة الداخلية. لماذا؟ لأنها ظالمة وعنصرية، ولأنها تمارس الفوقية والاستعلاء على السود. لماذا يُقتل تحت التعذيب (فريدي غراي) وهو في الـ25 من عمره؟ يُلقى القبض عليه من قبل أجهزة الشرطة، ستة رجال أمن متورطون في تعذيب الشاب الأسود إلى درجة إصابته بشلل في النخاع الشوكي ما تسبب في موته، وقبله عشرات الحوادث المماثلة، التي تمت فيها تبرئة المجرم وقتل الضحية بلا ذنب، لا يمكن الصمت عن هذه الجريمة الفاضحة؟ وعلى الرغم من أن الادعاء العام أعلن إنها جريمة قتل، إلا إن على الشعب الأميركي كله أن ينتفض ويثور حتى تتحقق العدالة وليضمن عدم تكرار الجريمة، أما انتفاضة الفلاشا، فعلى الرغم من أدوات القمع والبطش لدى الكيان الصهيوني إلا أن انتفاضة العبيد لن تهدأ ببساطة. يقول الفيلسوف سارتر( أينما يحل الظلام، فنحن الكتّاب مسؤولون عنه، فإن اضطهاد السود ليس شيئا، ما لم يكن هناك كتّاب يقولون ويكتبون عنه، ولما كانت اللغة تستخدم في إيجاد الأشياء، فعلى الكاتب أن يستخدم بلاغته في المطالبة بحرية الإنسان، وليس هناك سوى بلاغة واحدة، هي البلاغة التي تدافع بها عن الحرية). aalsaalaam@gmail.com
مشاركة :