صناعة النفط في إيران .. عقوبات ضاغطة وضربات قاصمة

  • 10/15/2019
  • 00:00
  • 62
  • 0
  • 0
news-picture

درءا للشبهات، أعلنت وكالة أنباء الطلبة الإيرانية وقوع انفجار في ناقلة نفط إيرانية في البحر الأحمر أخيرا، ما أدى إلى اندلاع حريق وحدوث تسرب نفطي، بعد صدور المؤشرات الأولية التي تفيد بتعرضها لهجوم صاروخي، وتعود ملكية الناقلة الإيرانية إلى شركة ناقلات النفط الوطنية الإيرانية، وأن الانفجار ألحق أضرارا بالغة بالناقلة وأدى إلى تسرب نفطي في البحر الأحمر. ولحبك خيوط القصة الإيرانية ذكر التلفزيون الإيراني الرسمي أن صاروخين أصابا ناقلة النفط "سينوبا"، ما أشعل فيها النيران، فيما لم يتعرض طاقم الناقلة لأي أذى، وتعليقا على الحادثة، قال متحدث باسم الأسطول الخامس في البحرية الأمريكية، "إن الأسطول على علم بالتقارير عن وقوع الانفجار، لكن ليس لديه أي معلومات أخرى حتى الآن". جاء هذا الاستهداف بعد نشر صحيفة "نيويورك تايمز" تحقيقا صحافيا في الآونة الأخيرة، يرصد حركة ناقلات نفط إيرانية حملت شحنات من النفط إلى الصين ودول في شرق المتوسط، حتى بعد فرض الحظر الأمريكي على إيران، كما ورد في التقرير الذي نشرته "نيويورك تايمز"، تحليل حركة نحو 70 سفينة منذ الثاني من أيار (مايو) الماضي حتى تاريخ دخول العقوبات الأمريكية حيز التنفيذ، حيث اعتُمد على بيانات من موقعي ريفينتف ومارين ترافيك، المتخصصين في رصد وتتبع حركة الملاحة حول العالم، إضافة إلى تحليل صور الأقمار الاصطناعية وتحليلات لخبراء الطاقة والشحن. وخالفت نحو 12 سفينة إيرانية على الأقل بتحميل وتفريغ شحنات من النفط عبر آسيا والبحر الأبيض المتوسط منذ الثاني من أيار (مايو) الماضي، إذ ستكون هذه الدول التي تسلمت شحنات النفط من إيران مهددة بأن تكون عرضة للعقوبات الأمركية، في حين إن هنالك ست سفن على الأقل تم رصدها أفرغت حمولتها في موانئ صينية، أما السفن الأخرى فأبحرت إلى البحر المتوسط عبر قناة السويس، ومن المحتمل أن شحنات النفط نقلت إلى سورية أو تركيا، حيث ذكرت محطة تلفزيون "إن.تي.في" أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قال أخيرا، "إنه من المستحيل بالنسبة إلى تركيا التوقف عن شراء النفط والغاز الطبيعي من إيران، رغم العقوبات الأمريكية"، مشددا على أن التجارة بين البلدين ستستمر، موضحا أن تركيا لا تخشى العقوبات الأمريكية المحتملة بسبب التجارة مع إيران، مشيرا إلى أن أنقرة لا تريد وقف تعاونها مع طهران. كما أن استمرار تدفق النفط يؤكد عدم جدية حكومة الملالي في الكف عن السياسات العبثية، التي تهدد الأمن والسلم العالميين، حيث نفذت قوات إيرانية هجمات إرهابية على سفن وخطوط نفط إماراتية وسعودية، وكان آخرها الهجمات على محطتي بقيق وخريص، التي أثرت في إنتاج النفط العالمي. إلى ذلك، وجه ريتشارد نيفيو -مسؤول سابق في البيت الأبيض في عهد الرئيس السابق باراك أوباما- نقدا لاذعا إلى الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، بسبب عدم اتخاذ إجراءات حاسمة تجاه الملالي، وقال مخاطبا ترمب "لا يمكنك توجيه هذه الأنواع من التهديدات إذا لم تتمكن من تنفيذها"، حيث شهد حزيران (يونيو) الماضي نقل ثلاث سفن إيرانية خام الحديد من إيران إلى الصين، بحسب ريد أنسون الخبير في شؤون الطاقة، ما قد يشكل انتهاكا خطيرا للحظر الأمريكي. في السياق ذاته، تستعد ناقلات إيرانية أخرى في الخليج العربي محملة بالنفط الخام، وهي جاهزة للتحرك عندما يتمكنون من العثور على مشتر، في حين تبيع إيران بعض النفط بسعر "مخفض" بحسب مزاعم ريد أنسون. بحسب التحقيق الذي نشرته "نيويورك تايمز" قال نعوم ريدانال محلل شؤون الطاقة "إن العقوبات لم تمنع إيران من نقل النفط إلى البحر المتوسط وآسيا، متبعة تكتيكا جديدا، إذ توقفت عدة ناقلات إيرانية عن الإبلاغ عن مواقعها بعد عبورها قناة السويس؛ لكن بيانات الشحن تشير إلى أنها تفرغ حمولتها في شرق البحر المتوسط، وحسب محللين قد تكون الوجهات سورية أو تركيا". وعلى الرغم من انتهاء المنحة الأمريكية لثماني حكومات بمواصلة شراء النفط الإيراني رغم الحظر أيار (مايو) الماضي، تواصل الشركات الأجنبية تجاهل "العقوبات" وتتعامل مع حكومة الملالي، ما يعطي هذا النظام التخريبي شريعة لمواصلة انتهاكاته تجاه دول الجوار والمنطقة والعالم أجمع. وتمتلك الشركة الناقلة الإيرانية، التي تستهدفها "العقوبات" الأمريكية على وجه التحديد أو تدير 11 من 12 ناقلة، فيما يبلغ انتهاك القرار بنحو 70 ناقلة منها ما هو مستأجر، ومنها ما هو تابع لدول أخرى تشتري النفط الإيراني بأسعار تفضيلية، إذ يباع النفط الإيراني -بحسب مراقبين- للسوق السوداء العالمية بأسعار تصل إلى نصف سعر السوق، إذ يعاني الاقتصاد الإيراني أزمات اقتصادية حادة متتابعة بسبب العقوبات الأمريكية، حيث تهدف هذ العقوبات إلى قطع الأموال عن الحكومة الإيرانية لإجبار الملالي هناك على إحداث تغيير سياسي وتغيير سياستهم الخارجية وتقديم مزيد من التنازلات بشأن البرامج النووية والصاروخية للبلاد. إلى ذلك، أقر بيجن زنجنه وزير النفط الإيراني أخيرا، بأن العقوبات الأمريكية على بلاده أدت إلى تراجع قطاع النفط في البلاد، وفق ما ذكرت وكالة أنباء "مهر" الإيرانية شبه الرسمية، مضيفا أن "صناعة النفط في إيران تتعرض كل بضعة أعوام لضربة قاصمة، والعقوبات الاقتصادية تعد من بينها، هذا هو الوضع الآن، كما أدى ذلك إلى تراجع صناعة النفط الإيرانية عن مكانتها وموقعها العالمي، لكن سنقاوم في هذه المنطقة"، فيما تراجعت صادرات إيران من النفط الخام أكثر من 80 في المائة بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي، وإعادة فرض العقوبات على طهران. كما توالت الخيبات على حكومة الملالي لتكون آخر صدماتها انسحاب شركة النفط الحكومية الصينية من صفقة تطوير حقل بارس الجنوبي، الذي يوفر معظم الغاز الطبيعي الإيراني، إذ إن شركة النفط الوطنية الصينية CNBC لم تعد طرفا في المشروع، الذي تصل تكلفته نحو خمسة مليارات دولار، في الحقل الأكبر في العالم بجملة احتياطي يبلغ 51 تريليون متر مكعب. وكانت شركة توتال الفرنسية، انسحبت هي الأخرى من الصفقة في أيار (مايو) 2018، بسبب العقوبات الأمريكية، وتضمنت الخطة الأولية لتطوير الحقل، حفر 20 بئرا ومنصة لرأس البئر، لتصل الطاقة الإنتاجية للمشروع إلى ملياري قدم مكعبة من الغاز الطبيعي يوميا، وبموجب الشروط الأولية للصفقة، كانت "توتال" ستحصل على حصة 50.1 في المائة، مع حصول شركة النفط الوطنية الصينية على 30 في المائة، وشركة بتروبارس الإيرانية على 19.9 في المائة.

مشاركة :